الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

وباءٌ كامنٌ

يُرسل رفضُ الالتزام بإجراءات الوقاية من الوباء في الفضاء العام  إشارات  عن حالة  تحتاج المعالجة، خصوصاً حين يتوسّع هذا الفضاء ليشمل جامعات ومؤسسات مُنتجة للمعارف، وحين تُضاف إلى ذلك مظاهر رفض العلاج وإنكار الوباء والخوف من اللّقاح فإنّ الصورة تكتمل، وتنبّه إلى وضعيّة معقدّة يتطلّب فكُّ خيوطها عدم إهمال معطيات ثقافيّة ونفسيّة.

يعتبر المختصّون في الطبّ العقليّ والنفسيّ "الرّفض" من أساليبِ إثباتِ الذّات التي تبدأ في مراحل مبكّرة من العمر، يمكن الوقوف عليها في تعنّت الطّفل في بدايات تكوين شخصيّته، هذا التشخيص قابل للإسقاط على رافضي ارتداء "الكمامة" للبرهان بطريقة غير واعيّة على شجاعة لا يتهيّب صاحبُها أمام الموت في ثقافة تجود بالتقدير والثّناء على ذوي النّزعات الانتحاريّة!
فرفض التباعد والوقاية و إبداء عدم الاكتراث بالوباء، هي رسائلٌ مُلغمة بمواد نرجسيّة و هستيريّة ينشدُ مرسلوها بطولة ما وهي، في نهاية المطاف، تعبيرٌ عن هشاشةٍ نفسيّةٍ لا يقلّ خطرها عن الخطر الذي يسبّبه عدم الإقبال على التلقيح.
ويبدو التّشخيص النفسي هنا، ضرورياً، قبل عمليّات التحسيس، لأنّه يوفر قاعدةً صحيحةً لبناء استراتيجيات العلاج والوقاية ويقدّم معطيات صادقة تبرزُ الأولويات في المعركة ضدّ الوباء الظاهر والأوبئة الكامنة التي يقتضي علاجُها غرسَ ثقافةٍ جديدة تحدثُ القطيعة مع المفاهيم الخطرة للبطولة وتصالحُ الإنسان مع الحياة الجديرة بأن تُعاش  وتشيع أساليب الحفاظ عليها، وتواجه خطاب الموت الذي يضعف المناعة الاجتماعيّة والفرديّة، ولا بأس من إعادة تعريف الأشياء على ضوء هذه القاعدة في منظومة التعليم وتقديم نماذج جديدة للنجاح يعيشُ فيها بطل القصّة التي لا مبرّر في حبكتها لموته.
لقد أصبح "رفض العلاج" من الكلاسيكيات التي واجهها الطب النفسيّ، وتم وضع أساليب لمعالجة الرّفض باعتباره من مظاهر المرض، يمكن الاستئناس بها في حالات كحالة الوباء، ما يعني أنّنا في حاجةٍ إلى عملٍ كبيرٍ يقوم به النفسانيون على المستوى الميداني  وعلى مستوى الخطاب العام، لأنّ خطاب الأطباء والعلماء على وجاهته، قد يتعثّـر خارج مجتمعات المعرفة التي يفضّلُ أفرادُها، في  كثير من الأحيان، الشّرب من منابع مسمومة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com