السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

لم تسقُط وحدَها

كانت مُقاطعة إسرائيل عقوبة رمزيّة قاسيّة تعرّض لها هذا الكيان الدمويّ منذ اختلاقه، حيث ظلّ منبوذًا في مُحيطه ومفضوحًا أمام الرأي العام العالميّ، رغم دعم أقوياء العالم ولصوصه الذين دفعهم الجشعُ إلى حرمان الإنسانيّة من تحصيل عائدات التطوّر الذي راكمته منذ ظهور الحياة على الأرض، من خلال فرض "نظام عاملي" جائر، يعتمدُ القوّة ويتنكّر للحقّ.

لكنّ إسرائيل نجحت في تحقيق اختراقات رفعت عنها الحصار في الخطاب الثقافي و الإعلامي العربي، باسم الاختلاف والتعايش ظاهريًا و خضوعًا، لا شكّ فيه، للوبينغ تقوم به الصهيونيّة في الأوساط السيّاسيّة والثقافيّة والإعلاميّة الغربيّة وامتدّ "إشعاعه" إلى عواصم عربيّة باتت تُنافس المراكز التقليدية للثقافة على الريادة.
وهكذا تحوّلت "مناهضة التطبيع" إلى سلوكٍ متخلّف، في رأي بعض النّخب و في طنينِ الذّباب الذي يُطلقه حديثو العهد بالتّطبيع العلني، ونلاحظ ذلك في التعليقات الساخرة على مقاطعة رياضيين إسرائيليين في منافسات دوليّة أو حمل العلم الفلسطيني في مناسباتٍ أخرى.
هذا الاختراق رفع الحرج عن محتلّ يُمارس الفصل العنصري ويقتل على الهويّة، بعدما كان يواجه انتقادات وازنة على المسرح الثقافي العالمي، ويكفي أن نذكر الزيارة التاريخية لفكّ الحصار عن الفلسطينيين التي قام جوزيه ساراماغو وخوان غويتيسولو و وول سوينكا وكوكبة  من الكتّاب الذين تحدوا الدعاية الإسرائيلية وأكدوا في لحظة نادرة أنّ المثقف لا زال ينتصر للحقّ في هذا العصر السّخيف، وحين يقول كاتب رائعة "العمى" أنّه يفضل أن يكون بوقا لفلسطين على يكون متعاونًا مع الدعاية الإسرائيليّة، فإنّ الأمر يتعلّق بانتصار رمزي للمظلوم وبموقفٍ أخلاقيّ لكاتب عالمي لا يحتاج إلى تسوّل الجوائز أو إلى مجدٍ تصنعه الميديا، لأنّه صنع مجده بقيمته الأدبيّة وبمواقفه التي لا يطالها الباطل، وهي معادلة لا يستوعبها صائدو الجوائز المتأخرين الذين يشتمون أصولهم ويزيّنون في نصوصهم صورة الظالم.
لم تسقط شيرين وحدها، لأنّ الرصاصة التي أوقفت حياتها و أنهت تجربةً مُلهمة في ممارسة الصّحافة، أسقطت إيديولوجيا التطبيع الصّاعدة التي يسوقها أولئك الذين يسعون لفتح الأبواب لقاتلٍ لا يكفّ عن القتل، ويحاولون الاستفادة من خبرته في تحويل العدوان إلى سلوك لا يدينه أحدٌ.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com