الأربعاء 27 نوفمبر 2024 الموافق لـ 25 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الصيف أسفل العمارة

لم يكن المهندسون الذين استولوا على الفراغ لتسخيره لإخوانهم الذين ضاقت بهم الأرض، يدرون أنهم سيتسبّبون في مشكلة!
ربما شفعت لهم النوايا الحسنة، فقد كان ابتكار العمارة الشاهقة جوابا عبقريا على مشكلة  نجمت عن تمركز البشر في مواقع محدّدة بسبب تغيّر نمط الحياة، وكان على السوسيولوجيا أن تتولى تتبّع نكسة العمارة في نزوحها  جنوبا وفحص تيه الإنسان في تنقله من البادية إلى البنايات العالية.
يجلس «التائه» أسفل العمارة يفترش العشب، يفترش الكرطون، يفترش الزربية. يشرب الماء. يشرب الشاي. يشرب القهوة. يصلي. يستلقي. يلعب الدومينو. يلعب الورق. يلقي المواعظ. يحلّل الأزمات. يستعرض انتقالات اللاعبين في الأندية الأوروبية. يخبرنا أن مورينيو سيفعل الأعاجيب هذا الموسم وقد منّ عليه الله بلوكاكو. يخبرنا أن زيدان لا يحتاج إلى نجوم في الميركاتو لأنه يخرج النجوم من بين صلب كاستيا و ترائبها، و أن هذا العام عام السنافر و البارصا. للتائه أطفال يتجمعون حوله فيهشهم لينتشروا أسفل العمارة.
قد ينام التائه  أسفل العمارة حتى تعبث  نسمات الفجر بأطراف جبته. قد يستدرج  تائهين آخرين إلى زربيته أو كرطونه لمقاومة ليل الصيف بالكلام.
لا يعرف التائه أنه يجلس في المكان الخطأ. لا يعرف التائه أنه حمل الزربية و الماء و الدلاع  والكلام إلى مواقع غير مواقعها. لا يعرف أنه أثار الصخب. لأن الصخب في قاموسه مجرد كلام  يلقيه في أثير الليل. لا يعرف التائه أن هناك من الناس من يريدون النوم وهم غير مسؤولين عن ضياعه في الفضاء وانتقاله من بيت واسع في براري الله  إلى علب معلّقة في الهواء ابتدعها مهندسون جوابا على ضيق الأرض بما حملت. لا يعرف التائه أنه تائه. لا يعرف أنه ليس من حقه أن «يناجي النجم ويتعبه ويقيم الليل ويقعده» أسفل العمارة. لأننا أخذنا بمظاهر التمدن وأغفلنا قواعده التي يتم فرضها عبر التربية وعن طريق القوانين الردعية، ففي فرنسا التي يستهوينا أخذها كمثال، تم قبل سنوات سنّ تشريع يمنع الوقوف والتجمع في مداخل العمارات، لأن إخوتنا الذين هناك باتوا يسهرون أسفل العمارات.
ملاحظة
ما تقدم ليس هجاء للبداوة، بل مجرد إشارة إلى التيه.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com