الأربعاء 27 نوفمبر 2024 الموافق لـ 25 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

دعُوه!

بلغ من «أسف» رشيد بوجدرة أنّه اعترف بسلاطة لسان سبّبت له الضرب في الصغر والأذى المعنوي في الكبر!
أنا هكذا. يقول. هكذا تربيت، ويعترف أنه حاول الاشتغال على نفسه لتغيير طبعه لكنه فشل في ذلك. لم يمتلك حيلة بطله محمد عديم اللقب، الذي «بلغ من حذره أنه تحايل دائما  ألا يترك ظلّه منسحبا وراءه أيا كان موقع الشمس وأيا كانت الساعة». و يزيد على ذلك بالقول أن الغيرة تحرّكه، أحيانا، العبارة التي كان يطيب له ترديدها في «معركة الزقاق».
اعتراف كهذا، لن يصدر إلا عن رشيد بوجدرة الذي حوّل حياته نفسها إلى كتاب مفتوح، منذ أطلق في أواخر ستينيات القرن الماضي رائعة «الإنكار» الرواية العلامة في تاريخنا الأدبي.
لذلك وجب التريّث في نصب المشانق لهذا الكاتب، حتى وإن أصابت سلاطة لسانه  أصدقاء تعودوا على ذلك قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي وقبل تفريخ آلاف الكتّاب الذين يصدرون بسخاء أحكامهم النهائية في كل «حدث».
لقد صبر المعنيون على كاتب  يعرفون جيّدا قيمة نصوصه، فأعرضوا عما يفعله خارج النص، لأن بوجدرة كاتب فحسب وليس رجل علاقات عامة، كما هو شأن الكثير من الكتاب، ولو كانت لنا تقاليد في المجال الأدبي لاستفاد من خدمات وكيل «يصون» صورته، فيحميه مثلا من الصحافيين الذين لم يقرأوا رواياته ويرتكبون أخطاء في كتابة عناوينها أو ينظرون إلى الأدب بعيون نجوم الإفتاء الذين يبحثون عن إثارة ترفع أسهمهم في البورصة ، ويحميه قبل ذلك من نفسه كي لا تشوّش تصريحاته على عبقريته. لكن مهنة الكاتب في بلادنا تضع صاحبها في مواقف محرجة في غياب اعتراف اجتماعي بها، لأننا لم نبلغ  مرحلة الاعتراف بالكاتب، فيلجأ الإخوة والأخوات إلى تمثّل أدوار تضعهم في دائرة السكيزوفرينيا، أحيانا.
و رشيد بوجدرة من سلالة الكتاب الكبار الذين لن تعثـر عليهم إلا داخل نصوصهم، خصوصا حين يتعلّق الأمر بكاتب ظل سجين طفولته، وربما ذلك ما يفسر تصرفاته العفوية وردود أفعاله غير المحسوبة وصراحته الصادمة في الكثير  من الأحيان.
ملاحظة
يحتاج، اليوم، رشيد بوجدرة إلى إعادة اكتشاف وقراءة باعتباره أكبر كاتب جزائري على قيد الحياة، عوض التنكيل به في تيلفزيونات «لا تعرف الأدب»  أو تحويله إلى مادة للسخرية على شبكات التواصل الاجتماعي.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com