السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

ما تخفيه الصّدور

كان يكفي أن تكسر نجمات سينما جدار الصّمت حتى يبدأ التداعي الحرّ، ويكتشف العالم ظاهرة لا دين ولا عرق لها، تضرب كوكبنا و لا فرق في مُمارستها بين سكان مدن الزّجاج و القبائل الطارئة على المدنيّة.
ظاهرة “نجحت” في توحيد الإنسانية، إلى درجة أنها جمعت بين منتجٍ هوليودي وضع منصّة لإطلاق النّجمات في فندقٍ وداعيّة إسلامي في أوروبا يحاول البرهنة لمريداته أنه أحلى في الواقع من صورته في التلفزيون وكبير أطبّاء في فرنسا يدعو طبيبات إلى الجلوس على ركبتيه.
بدأ الأمر بتحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز» ممارسات المنتج السينمائي هارفي واينستين و سلّط الضوء على مسيرة ثلاثة عقود من التحرّش بممثلات وعاملات في شركة الإنتاج، ودفعت الفضيحة المُنتج إلى الاعتذار العلني والاعتراف بأنه مريض نفسيا، وامتدت ألسنة اللّهب، هذا الأسبوع، إلى المخرج جيمس توباك الذي يواجه نحو أربعين امرأة بتهمة مقايضة نزواته بالأدوار.
و سرعان ما "تعولمت" إدانة التحرّش، حيث صرّحت إيزابيل عجاني أن رجال السينما في فرنسا يتعاملون مع نسائها كعاهرات، قبل أن تتدخّل وزيرة الصحة الفرنسية، وهي أستاذة في الطب، لتؤكد أنها تعرضت في مسيرتها المهنيّة لسلوكات غير لائقة كأن يدعوها رئيس مصلحة إلى الجلوس على ركبتيه، وحثت الوزيرة الرجال على مشاركة النساء في الثورة على التحرّش في بلد تقول أحدث استطلاعات الرأي أن ثلاثة وخمسين من نسائه  تعرضن للعنف الجنسي أو التحرّش، وتسقط نخبه السياسية في قصص قاتلة، أشهرها قصة الفيل الاشتراكي الذي ضيّع الطريق إلى الإليزي بسبب عاملة نظافة وآخرها حكاية تحرش بطلها نائب في الأغلبية الحاكمة.
الظاهرة تحوّلت في الأيام الأخيرة إلى خبز يومي للصحافة العالمية، ويبدو أن العالم في حاجة إلى مراجعة الدفاتر القديمة للطبيب النمساوي الأكبر وكاشف أسرار النفوس الذي بيّن كيف يوجه "الليبيدو"بني البشر في كلّ الأمكنة و الأزمنة.
وقبل اعترافات مُمثلات هوليود التي هزّت الغرب، بسنوات طويلة، كانت عالمة الاجتماع العربية الكبيرة فاطمة المرنيسي قد كشفت في كتابها “شهرزاد ترحل إلى الغرب” أنه لا فرق بين الرجل الغربي وشقيقه العربي في النظرة إلى المرأة، أي في اختزالها إلى موضوع جنسي، وفق ما توصلّت إليه وهي تضع مثقفين غربيين تحت التجربة.
 لكن الفرق يبقى واضحًا بين مجتمعات تسلّط الضوء على الظواهر المشينة وتدينها و أخرى تبقيها في الظلام ، كما هو شأن المجتمعات العربية( مع ضرورة استثناء تونسيات خرجن إلى الشارع تنديدا بالظاهرة ذاتها في وسائل النقل) ولنا أن نتصوّر ماذا سيحدث لو تحرّرت ألسنة النساء العربيات و أخرجن إلى العلن ما تخفيه الصّدور.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com