الأحد 10 نوفمبر 2024 الموافق لـ 8 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

«هذا شاعر»!

بقليل من الشّعر يكتسبُ الشاعرُ اسمه وصفته، مالك حداد مثلا. خالد بن صالح بكلّ تأكيد.
لا يتأخر الشعر في الإشارة إلى صاحبه. لا ينفع الإصرار. لا ينفع الصّراخ، فمن جملة غريبة واحدة يُرى الشاعر.
بثلاثة دواوين ألقاها في صمت وهدوء صار الشاعرُ شاعرا مكتمل الملامح و مُعفى من تقديم المزيد، لولا أن "الأشياء التي تتأخر في أن تصير عادية لأسباب واهية" تستدعيه كي تستكمل انتسابها إلى العالم لغة، بعد أن عانت من قلّة الانتباه خارجها، لولا أن ما ألقاه يشعلُ عطشا إلى ما يليه  ويعلي سقف الانتظار.
لم يكن في حاجةٍ إلى مدنٍ كثيرة، كانت الحياة المتاحة تكفيه كي يُشعل النار و يطلق أشباحه العابثة، و لم تكن «الأشياء العادية» وحدها التي تحتاج طفل «الديس» الذي أنضج نفسه بنفسه، بل كان الشعر في حاجة إليه و قد عانى من ردّة صاحبت الموت المجاني الذي زرعه الرّعاة  في الأقاليم، في السنوات المجنونة، التي رسمها  وحماها من خطابة راجت في الجسد الشعري الجزائري، ومثلت انتكاسة صاحبت الانتكاسة العامة، كأن سوء التدبير الذي أجاب بالحرب على مشكلات طارئة شقيق خلل في الذائقة يوجه ضحاياه إلى الجرار العتيقة كلّما دعتهم حاجة إلى الابتكار.
وصل  خالد بن صالح في الوقت المناسب، وشكلّ مع قلّة حساسيّة جديدة، وضعت النصّ الجزائري في عصره، متجاوزة  النقاشات السائدة عن الشعر، وكان مسلّحا بأدوات غير متوفرة لأبناء جيله: لغة غير قابلة للعطب، ثقافة بصريّة ورثها عن سوابقه التشكيلية، خلفيّة شعرية متعدّدة لا تبحث عن نسب تعتدّ به، نزعة سرديّة تتغذى على الرواية والسينما، معارف تسند اللغة، عفويّة معصومة من زلّات العفويين، وعي بغربة الشعر...
هكذا حفر الشاعر مجراه ، ويقول اليوم أنّه متخفّف من العالم، يقرأ الكتب ويشاهد الأفلام، في انتظار نموّ مدن قابلة للاحتراق ومشاريع جثث، في انتظار مطر يعيد الحياة إلى الوادي الصامت في بلدته والصخب المكتوم في لغته. لا يستعجل خالد بن صالح الشعر. لا يذهب إليه، كآدم كبير يعرف متى يأكلُ التفاحة.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com