السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

لا ترقص هنا!

غيّرت شبكات التواصل الاجتماعي الصورة الكلاسيكية للكاتب، وجعلته في «متناول» الجماهير مباشرة، بعدما أتاحه التلفزيون وجعله يتحدّث ويُشير بيديه!
ومن نِعم ذلك، أن تحوّل الكاتب إلى نجمٍ يضطرّ إلى الاستعانة بالحرّاس لمنع عشّاقه من لمسه تبرّكا، والتضحيّة بساعاتٍ طويلةٍ من عمره الثمين لمنحِ توقيعه للجماهير الواقفة في الطابور. مرحباً، لقد تغيّر العالم كثيرا. لقد صار الكاتب لا يقلّ شأنا عن نجوم الكرة والغناء. أما الذين لا حظّ لهم في الطوابير و لا يتفقد وزراء فطور صباحهم، فلهم أن يخترعوا جماهيرهم الوهميّة أو يعزّوا أنفسهم بقرّاء نوعيّين لا يحبّون الفايسبوك أو يتوسلوا الأبديّة التي لا يُظلم في شرعها صاحب حقّ لتنزلهم بين الخالدين الذين يعيشون في أزمنةٍ غير أزمنتهم!
تؤكد أحلام لدوستويفسكي أنّ العالم تغيّر حقا والأدب أيضاً، وأن الذنب ليس ذنبها. لقد صار الكاتب المعاصر ينعم بالحب المباشر، ولو عاش كافكا شخصيّا في زمننا  لما فكّر لحظة في التخلّص من أثره.
أجل، لقد تغيّر العالم. والذنب ليس ذنب أحلام و لا غيرها من الكتّاب الذين يعتقدون بجماهيرية الأدب حتى وإن عاشوا في مجتمعات شفويّة شِبه بدائية لا تتعاطى مع «المكتوب» وتنزع نحو الاحتفالات الطقسية، المرتبطة بالأعراس و «الزرد» في الحالة الجزائرية، وقد سبق لأحلام  ذاتها أن عبّرت عن سعادتها البالغة بزغاريد الطالبات عقب كلمة لها في إحدى جامعاتنا العريقة، ولم تفكّر لحظة وهي المختصّة في علم الاجتماع، أن ردّ فعل الشّخص الذي يقرأ ليس الزغردة، مثلما لم يخطر ببال كتّاب الطوابير أن القارئ الحقيقي لا يتدافع و أن الظاهرة تُفسّر أنتربولوجيا، وهي ليست بالضرورة مدعاة للفخر!
لقد تغيّر العالم وتحوّل البشر والأثر إلى سِلع معروضة في الشاشات والواجهات، وتحوّلت الميديا إلى آلة رهيبة للترغيب في «المبيعات» والترويج للسياسات المشؤومة التي تسفّه الإنسان نفسه وتجردّه من قيّم وجماليات راكمها  منذ نزوله من الشجرة ومنذ خروجه من الغابة وهي تضع السوق كمعيار للقيمة و المجد.
 لكن الأدب ليس فنا مشهديا، لذلك لا يتسع للطّقوس الجماعيّة والهستيريا الفرديّة، والمهمّ فيه هو ما  يُكتب وليس وضعيّة جسد كاتبه في الفضاء وصوّره على «الجدار». الأدب فنّ اللعنة والصّمت وليس حلبة رقص.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com