لم يهضم جزائريون غياب المنتخب الوطني عن مونديال روسيا، وهو الذي أحرج بطل العالم في النسخة السابقة ، وكاد يتفوّق عليه لو استغلّ «فرص» الفوز التي فرّط فيها. وربما ازدادت الحسرة مع التأهلّ الجماعي لجيراننا في الساحل الجنوبي للبحر المتوسط، حيث تُحمّل الكرة ما يفوق احتمالها كرياضة، وتتحوّل إلى عنوان نجاح جماعي تُنسى معه الإخفاقات كلّها.
و السؤال الذي قد يجيب عن أسئلة أخرى هو، كيف نزلنا و تحولنا من فريق «كاد» يبلغ الأدوار المتقدّمة إلى فريق يُقصى في بداية الطريق؟
قد تكون تلك “الفرص الضائعة” بداية للجواب، فعدم التسجيل في الدقائق الأخيرة يحيل إلى خلل في ذاتٍ ترتاب من الانتصار ولا تصدّقه حتى حين يكون في متناولها وتجعل من منازلة الغالبِ مكسباً يستدعي الاحتفال.
هذا “الاكتفاء” يمكن أن يشخّص حالة رفض بلوغ الأهداف و توهّم تحقيقها إلى درجة الجهر بذلك!
علاج الحالة لا يقتضي فقط، إعادة النظر في تعريفات أصابت النجاح، بل دفع الناس إلى العمل و جعل الاجتهاد السبيل الوحيد إلى الثمرات، و تدريبهم على النجاعة والإتقان و استغلال الفرص المتاحة لإدراك الأهداف وعدم الاستسلام للخسارة بسهولة. وهذا لا يحدث بتعويض لاعب من المستوى العالي بلاعب يدخن الشيشة و لا يردّ دعوة الداعي إذا دعا إلى وليمة. و لا يحدث بترشيح مواطنين أبرياء يعتقدون أن التضخّم حدث اقتصادي سعيد لمهام تشريعية. ولا يحدث بنشر كتب بمئات الأخطاء. ولا يحدث بإصدار صحف منسوخة عن مواقع وصحف أجنبية. ولا يحدث بالسخرية من كبار المبدعين. ولا يحدث بإسقاط الفاعل من الجملة إذا أحرجتك مقاصدها. و لا يحدث بإطلاق صفات على موصوفين لا ذنب لهم: الروائي، المحلّل، الإعلامي، الشاعر، المفكر، المؤرخ، السيّاسي، المختصّ في أمر يفوق طاقته...
فالإقامة الدائمة في المكان الخطأ تتطلّب عمليات ترحيل لتجنب تشوّه العمران أو خرابه.
ونحتاج في تقويم الحال إلى قاعدة بسيطة: لن تنال مكانة في المنتخب إلا إذا برهنت على أحقيتك وكنت الأحسن في مركزك. يسمىّ ذلك استحقاق، ولا يمكن تحقيق النجاح إلا بسحبه على جميع اللاعبين في مختلف الملاعب.
سليم بوفنداسة