السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

«ميكساج»!

قد يُفسد اللّسانُ ما صنعَ الكعبُ، لذلك يُنصح بالصمّت في مواضع كثيرة للكلام، حماية للنّاطق من حوافر حصانه وحماية للّغة من استخدامٍ خارج وظيفتها.
يعرف علماء اللّسان تخبّطنا بين اللّغات الأولى واللّغات التي حملها الغزاة مع سيوفهم ومدافعهم  قبل ظهور القواميس ومدارس تعليم اللّغات بأجر معلوم، و يعرفون نزاع اللّغات على ألسنتنا المُؤجرة، غير أن استخدامنا للّغة يشير إلى خللٍ ما في “التركيب”، بحيث تبدو “الصورة” غير مطابقةٍ للصوت في أغلب الأحيان!
و كثيرا ما تتضرّر الصورة مباشرة بعد مزْج الصوت، ويسبّب ذلك خيبة للأذن والعين معاً فنتمنى لو ظلّت الصورة محميّة في الصّمت، حمّال الأوجه الكريمة، كي يبقى الرمز رمزًا حتى يختفي.  حدث ذلك مع وجوهٍ تاريخيةٍ غذّت الأساطير لعقودٍ، وحين نطقت هدّمت منجزَ الصّمتِ، وكذلك يفعل بأنفسهم كتّاب في خروجهم من تمرين الكتابة إلى تمرين الكلام، وكذلك يفعل ساسة ورياضيون و مترشحون لمسابقات  غناءٍ أو مجالس منتخبة وقعوا في كمائن كاميرات وتمّ إجبارهم على الحديث، ولعلّ أقسى الأمثلة والحالات ما يتداوله  صيّادو الوضعيات من فيديوهات متسابقات على تاج الجمال منزوعات اللّغة، يختبرهن مُمتحنون يعانون من المحنة ذاتها، فيسأل – مثلا-  أحدهم إحداهن: «ما هي صلاحيات المرأة في المجتمع»؟  لا تهمّ الأجوبة بعد ذلك، لأنها تحيل في نهاية المطاف، إلى نكسة الجسد الجميل، الذي هو حاصل عبور جينات للزمن، في استخدامه لمنطوقات يجري تلقينها بأساليب مُجحفة أو مُغرضة أو غير لائقة أو غير ناجعة،  فتبدو الصورة مختلّة وغير متجانسة بعد مزج ما قدمته الطبيعة مع ما تدبّره الإنسان بغرض الإشارة إلى بقية الكائنات والموجودات باستخدام الهواء.
ومن أقسى الحالات أيضا، فيديو الرجل الغاضب يدعو رجلا غير مرئي إلى الصّمت، ترجمة لاستبداد المتكلّم، الذي تجاريه الصّورة وقد أبرزت الغاضب و أغفلت المغضوب عنه، فيتحوّل الكلام إلى أداة  قوّة في تبارٍ غير متكافئ، قبل أن يحيل إلى الخلل ذاته، خلل في «الميكساج» بين صورة المتكلّم المُؤسطرة  والكلام الذي لا يناسبها.

ملاحظة: ليت أن ماجر تجنّب مزج الكلام بصورته في «غضبته» على معمّر، ليتنا نهتدي إلى تجاوز معضلة عدم تطابق الصورة مع الصوت!

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com