الاثنين 30 ديسمبر 2024 الموافق لـ 28 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

بيتُ قاسم

أغلق الرّجلُ الذي قاد عربَ الشّعرِ إلى بيتِ  العنكبوتِ أوّل مرّة «الجهاتَ»، و اختفى في صمته. لا لوم ولا شكوى. كأنّ ما حدث كان يجب أن يحدث. كأنّ الأسف غير ضروري، لأنه كجبل الملح القديم، لم يَجُد بكأسٍ واحدةٍ من النّبيذ.
قبل 22 عاما فتح بيته للزوّار، ورفع لافتة تعفي الداخلين من نزع الأحذية: «دُس بنعلك».
قليل من عرب الكتابة، وقتها، كانوا يرتادون الفضاء الالكتروني، وقليل منهم فقط من ودعوا القلم وصاروا ينقرون قلقهم بالأصابع، أما الحريّة فكانت تُطلب في عواصم بعيدةٍ، ولم تكن مضمونة لأن كرمَ أعدائها كان يصيبُ «الناشرين» حيثما حلّوا.
سنة بعد سنة تراكمَ الشِّعرُ في البيت. كثُـر  الغرباءُ الذين يضيئونه. تعدّدت الألسن بين السّاهرين في حفلةٍ يذهب إليها المتشابهون تلقائيا. طالت السّهرة ولم يسأل أحدٌ عن ثمنِ الأطباق ولا عن «سعرِ الكراء».
تكاثرت «المواقع» وزحفت شبكات التواصل الاجتماعي  على الحياة نفسها تنهبها، بلا رحمة. اختلط الجدّ بالهزل. صار لكلّ راغب في «الكتابة» جدار بإمكانه أن.. »يكتب» عليه. وانتقل «الإعلان» السيّد  من الورق الصّقيل إلى الفضاء الأزرق وتمدّد فارضاً شروطه القاسيّة في عصرٍ لا تعلو فيه قيمةٌ على قيمة السّوق، التي تدفعك لأن تكون «مرئيا» من أجل البقاء، ولكي تكون كذلك عليك أن تفعل الشيء ذاته الذي يُفعل في الحياة لذات الغرض: ألا تُمانع في التخلي  عن احترام نفسك إذا اقتضت «الضرورة» ذلك.
اكتفى قاسم حداد و هو ينعي «جهة الشعر» بمبرّر «عدم  توفر الدعم المالي» وهو سبب وجيه ولا يحتاج إلى مزيد من الشّرح، وربما كان الموت سيصبح عاديا لو لم يكن مُعلنا بكلمات قليلة من الشاعر الكبير، الكلمات التي أثارت أسى مرتادي الموقع الرصين من الكتّاب العرب.
وربما كان هذا «التوقّف» إشارة جديدة إلى أن المال العربي موجّه إلى أغراض أخرى: شراء مقتنيات بدوافع فيتيشية، شراء طائرات وصواريخ لقتل الأطفال، تمويل وسائل إعلام تزّين للفاعل أفعاله المشينة وتكتفي بتسلية الجماهير وإثارتها ، تمويل نشاطات «ثقافية« ذات طابع فولكلوري وطقسي، تمويل السلفيات وجنود الغبار  ورصد موازنات للحروب العبثيّة.

المزيد من الأعمدة

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com