استغرب رابح ماجر غضب الجماهير والصحافة عليه، بعد فترةٍ وجيزةٍ من توليه الإدارة الفنيّة للمنتخب الوطني، لكنّه استعاض عن انصراف الجماهير والصّحافة بالله، الذي قال إنه بقيّ معه.
و ماجر ليس أول من «يستقوي» على غيره بالله في حياتنا العامّة والحياة اليوميّة، في حالةٍ تعكسُ إما افتقاد الحجّة وإما إضفاء القداسة على سلوكٍ تجنّبًا للمساءلة.
بدا دفاعُ الرّجل عن نفسه بتلك الطريقة محزنًا و مأساويًا تمامًا كما كانت عليه الحال وهو يصرخُ داعيًا صحافيًا إلى الصّمت، هو الذي ظلّ أيقونةً ورمزًا في عيون أجيالٍ من الجزائريين وغير الجزائريين، بعد مسيرة رياضية أسطوريّة أصبح بموجبها ابن عائلة جزائرية بسيطة نجما عالميا.
لكن ما الذي حدث حتى ينقلب الوضعُ؟
ليس ماجر وحده من تعرضّ إلى امتحانٍ عسيرٍ خسر فيه رصيدًا رمزيًا ما كان ليخسره لو كان مسنودًا بمؤسسة تمدّه بالاستشارة وتمنعه من إيذاءِ نفسه، فقبله خسرت وجوهٌ تاريخيّةٌ وسياسيّة وثقافيّة ما راكمته، بمجرّد دخولها حقل السياسة الملغوم أو لضعفها أمام إغراءات السلطة والمال، أو عند تورّطها في جدلٍ يكشف عن ضيق الصدر أو الافتقاد إلى فضيلة التسامح.
ثمة ظروف تصنع الرمز، قد تكون فرديّة أو جماعيّة، لكنّ المناخ العام عندنا يساعد الرموز على تدمير نفسها إذا لم تجد متطوّعين لممارسة الفعل ذاته!
وهكذا فرّطت نخبٌ في «وجاهتها» وفي سلطتها المعنوية مقابل مكاسب زائلة، وانكسرت أيقونات بمجرّد ما نطقت، إلى درجة أن محبيها تمنّوا لو ظلّت على صمتها المجزي، وفي منعطفات التاريخ سقط كثيرون وصمدت قلّة، حتى ساد انطباع مؤداه أن رموزنا تصون نفسها أحسن خارج الحياة!
ربما يعود الأمر إلى مشكلة في ثقافة «الصيانة» التي نفتقد إليها في الكثير من مناحي حياتنا فلا نحسن تقدير ما يجب تقديره وربما لارتباط التقدير ،عندنا، بمجدٍ راهنٍ أو خدمةٍ آنيّةٍ، أو لأنّنا لم نتدرّب بعد على الاختلاف والتعدّد الذي يجعلنا نحافظ على «قيمة» الآخر، كما لم نتدرب على الاعتراف بالخطأ ومراجعة الذات والاحتكام إلى الاستحقاق دون سواه.
ملاحظة
تشير الوقائع إلى أن «الرموز» تتضرّر، غالبًا، في محاولات «المرور بالقوّة» التي لا يصفّرها الحكّام، سهوًا أو عمدًا!