السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

رأى في المنام


يقتل أحدهم ابنه ويحرق جثّته ويذهب لصلاة الفجر، ويقول للمحقّقين بعد ذلك إنه نفّذ ما أُمر به، في تكرار واضح لقصّة النبيّ الذي شرع في ذبح ابنه لأنه رأى ذلك في المنام.
و لأن الذّبح العظيم الذي افتديّ به الطّفل الأوّل، لم يتوفر في القصّة الثانيّة فقد قُتل طفل في حادثةٍ مروّعةٍ ، لكن الجيران قدموا شهادات عن “ورع” الأب القاتل  ومواظبته على الصلاة في المسجد، في سلوك يعزّز روايته للمقتلة.
الحادثة ليست الأولى أو الأخيرة في مجتمعٍ تعايش مع فعل القتل حتى ألفه، وتعايش مع الخرافة حتى صدّقها وناصب العلمَ العداء. فكيف يُعقل أن يبلغ “مريضٌ” درجة قتل ابنه دون أن يُعالج، بل ويغذي الخرافة حتى بعد المأساة، فتشيد الصحافة بتديّنه  وهو يقطع تحقيق المحقّقين بالوضوء والصلاة، و تذهب صحفٌ إلى حدّ إسقاط المرض عنه استنادًا إلى خبرةٍ سريعةٍ مسنودة إلى ضميرٍ مستترٍ؟
يحذّر الخبراءُ، منذ سنواتٍ طويلةٍ، من انتشار الأمراض النفسيّة والعقليّة في المجتمع الجزائري، خصوصًا في مرحلة ما بعد الإرهاب، نتيجة الصدمات غير المعالجة وتغيّر نمط العيش الذي لم يرافق في عمليات التنشئة، وعوض أن يُطرح الملفُّ للنقاش بصورةٍ جديّةٍ وتُسطّر سياسات صحّة لمواجهة الظاهرة، انتشرت الشّعوذة وساهمت وسائل الإعلام الحديثة في خدمتها بشكلٍ مشؤومٍ وسافرٍ.
و النتيجة، هي هدر طاقةٍ بشريّةٍ هائلةٍ وتوسّع دائرة “الوباء” الصّامت في المجتمع  و في مواقع حسّاسة كالتعليم والصّحة وحتى في الصحافة التي تعدّ مهنة مستقطبة للأنبيّاء!
ويمكن لصاحب علوم قليلةٍ أن يرصد يوميا في  الفضاءات العامّة ومواقع الخدمات حالات مرضيّة تتطلّب العلاج الذي لا ينفع معه التأجيل، غير أن الضحايا يواصلون حياتهم بل ويشيعون جوًا “سايكوباتيًا» مرِحًا في محيطهم، يضطرّ الذين لم تسقط “كرتهم البلّورية” بعد إلى التكيّف معه.
والغريب أن طبّ العمل مازال يكتفي بالبحث عن السكري والضّغط الدموي، ولا يتوقف عند حالات الاكتئاب والانهيار العصبي و الشيزوفرينيا، فيما تدعو حملات تقوم بها  وزارة الصحة  وجمعيات مهنيّة ومدنيّة إلى الكشف المبكّر عن أمراض السرطان والقلب والشرايين ولا يلتفت أحدٌ إلى أمراضٍ خطيرةٍ يدمّر المصابون بها محيطهم، كما هو حال المصابين “بالنبوّة”.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com