السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الجودة والصدفة

أثارت برامج تلفزيونية التعليقات الغاضِبة طيلةَ رمضان، إلى درجة أن القنوات المغضوبِ عليها، أصلاً، خصّصت حيّزاً معتبراً لهجاءِ جاراتها.
و «النقد العارف»  الذي لا يكتفي بالغضب ضروريّ، في مثل هذه الحالات، لأنّ الأمر يتعلّق ببرامج «تعتدي» على الجمهورِ الواسعِ في فترات الذّروة خصوصاً وأن هذا الجمهور ليس لديه ما يفعله في حياته، على ما يبدو، سوى مُمارسة حريّة مشاهدة التلفزيون المشروطة، وهو يحتاج إلى دليلٍ غير مخادعٍ في وضعيّته المأسوف عليها.
الآن وقد ذهب الظمأ وخفتَ النّقاشُ علينا أن ننتبه إلى أنّ مطلبَ الجودةِ يحتاجُ إلى تعميمٍ، فإجازة عملٍ فنيٍّ ضعيفٍ تُحيل إلى خللٍ في التقديرِ يُحيل بدوره إلى مشكلةٍ تحتاجُ إلى حلٍّ.
و المؤكد أنّ البرامج لم تنبت تلقائياً، مثلما لم تنبت هذه التلفزيونات تلقائياً وإنما تمّ استنباتها بطريقةٍ خاطئةٍ وعُهد برعايتها إلى غير مختصّين في شؤون النبات وأحواله، والوضع لا يخصّ التلفزيون وحده بل يشمل قطاعات كثيرة انفتحت على غيرِ العارفين المتلهّفين لجنيِ الثمراتِ وتحصيل المجد و زبدته، حتى أصبح اقتحامُ مجالٍ يتوقّف على “جرأة” المُقتحمِ وليس على كفاءته ومدى إجابته على الشّروط التي يقتضيها الانتساب إليه.
لذلك نحتاج إلى “ضبطٍ” على جميع المستويات: من ممارسةِ السيّاسة إلى إنتاج الكاميرا الخفيّة، ولا حاجة في ذلك إلى جهدٍ أو ابتكارٍ لأنّ قواعد السّير معروفة عالميّاً، ولعلّ المشكلة الأخطر التي لم تُعقد حولها نقاشات في التلفزيونات، هي مستوى النّخب السياسيّة التي يُفترض أن تتولّى إنتاج الأفكار وتقديم الحلول للمشكلات الطارئة والتشريع، لأن أصل المشكلة قد يكون هناك! إذ يكفي الانتباه إلى الخطابِ السّائدِ لإثارةِ المخاوفِ، لأن الخطاب يُحيل إلى نوعيّة التدبير.
أجل، يجب تعميم مطلبِ الجودة وإخراجه من دائرة الكاميرا الخفيّة والنّاخب الوطني ليشمل جميع مناحي حياتنا، لأن رفض «العملة الرديئة» هو السبيل الوحيد لمنعها من التداول، ولأن الجودة منظومة تبنى و تتكرّس مع الوقت والإصرار، وحين تسري نواميسُها لن يجد عديمُ أهليّة الفرصة والوجه لاقتحام مجالٍ غير مجاله ولن يصرّ أحدٌ على الترشّح لتولي مهامٍ يُحاسب على أدائها بقسوةٍ، ولن يتمسّك أحدٌ بتدريب المنتخب!

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com