السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الكتابة والهستيريا


يتحوّل الكاتبُ المتمرّد إلى حملٍ وديعٍ حين يفردُ له السياسيُّ "مكانةً" وهميّة للحظات، ويخرجه الامتنانُ عن طبعٍ مألوفٍ، فيبدي، مثلا، تأثره لأن رئيسًا استقبله في منطقةٍ من النادر أن يستقبل فيها رئيسٌ كاتبًا!
وقد يذهب أبعد ويغرف من قاموسِ الإشادةِ الذي بنى "مجدَه" على هجائه، في تقمّصٍ مريعٍ للشّخوص المتكرّرة في نشرات أخبار التلفزيونات العربيّة.
يتحوّل الكاتبُ الثائرُ إلى "نقيضه" حين يُستدرج إلى منصّات خطابةٍ في ممالك تناصبُ الحريّة العداء، وقد يمتدح الرّعاة وما قدّمت أيديهم للثقافة وللمستقبل وهو الذي كان يرى في وجود أنظمةٍ من هذا النوع اعتداء على هذا "المستقبل" الذي يتغيّر موقعه في الجُمل بتغيّر مواقعه في الحياة القليلة والسريعة.
لماذا يبحثُ الكاتب عن الاستقبال والاعتراف و التكريم والجوائز؟
باستطاعته ممارسة مهنةٍ مربحةٍ، ما دامت الكتابة غير مُربحةٍ في أغلبِ الحالات، بإمكانه ممارسة السياسة على قواعدها المعروفة، أما أن يحوّل الكتابة ذاتها إلى وسيلة لطلب ما يحتاجه من العالم، فتلك مشكلة تنطوي على الكثير من التعاسة وتُحيي الأدبيات القديمة عن الشعراء الشحّاذين في دواوين السلاطين.
الكتابة فنٌّ صامتٌ لا يحتمل الصّخب الذي يثيره الكتّاب الذين أصابتهم "الشّهرة" أو أصابوها  أو الذين يعتقدون ذلك، فتحوّلوا إلى "الإفتاء" في كلّ ما يدور حولهم حتى وإن افتقدوا المعارف والمعلومات التي يتطلّب الإحاطة بها في بعض الحالات، فثمة حروب دبلوماسية ومعارك جيوستراتيجية قد يُستخدم فيها "كاتب معروف" دون أن يدري، فتجده مثلاً ينتقد نظام بلاده وشعبه وحتى نفسه أحيانًا، في موقع الإشادة بقوّة استعماريّة أو بنظام أكثـر فسادًا واستبدادًا.
فكتابة "روايات جميلة" مثلا، لا تشفع لك بإصدار أحكامٍ قاطعةٍ في الاقتصاد والعلاقات الدولية، أو مطالبة الآخرين بحبّك وتمجيدك والإقرار بضرورتك، ولا تجيز لك مطالبة الرؤساء باستقبالك (بالمناسبة، ما الذي تودّ قوله للرؤساء؟) و لا تجيز لك المطالبة بالتكريمات والاعتراف، مثلما لا تجيز لك الكتابة استغلال "صغيرات" في سنّ ابنتك أو حفيدتك (بإمكانك استخدام أسلحةٍ أخرى كغيرك من سكّان غابتنا) ولا تجبرك على نشر صوّرك في وضعيّات ستجعلك موضع دراسات لو يشتغل محلّلو النّفوس كما يجب أن يشتغلوا.
أيها "الكاتب" لماذا تستخدم الكتابة استخداما لا يتلاءم مع طبيعتها، لماذا تمارس كلّ هذا "الابتزاز"؟

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com