غابات و وديان ولاية جيجل تتحوّل إلى متنفس للعائلات
تشهد جبال عاصمة الكورنيش الجيجلي حركة كبيرة جراء إقبال العائلات و زوار الولاية عليها خلال الصائفة، للاستمتاع بجمال الغابات و الوديان و البحث عن مكان لقضاء يوم من الراحة و الاستجمام وسط طبيعة تتسع للجميع، خصوصا وأن الكثير من الأسر أصبحت تتحاشى الشواطئ المكتظة وصارت تفضل الفضاءات المفتوحة خوفا من الإصابة بفيروس كورونا.
كـ. طويل
غابتا واد الجنان و دار الوادي تعوّضان الكهوف العجيبة
بالجهة الجنوبية الغربية من الولاية، تستقبل العديد من الفضاءات الغابية الزوار، فالمار على محور الطريق الوطني رقم 43، يشاهد غابة الراحة “واد الجنان” وقد امتلأت بعائلات قادمة من كل صوب، فجمال المكان المهيأ يجذب للجلوس بين أشجاره مع قردة “الماغو” التي يلعب معها الأطفال وتشارِك العائلات الطعام. و قد عرفت الغابة إقبالا للزوار هذه السنة مقارنة بالسنوات الفارطة، بسبب غلق الكهوف العجيبة المجاورة لها، ما جعل العائلات تلجأ إليها من أجل الراحة و قضاء سويعات من الزمن.
و عبر نفس المحور، وتحديدا بوادي دار الوادي بالكهوف العجيبة الذي يلامس ماؤه البحر، وجدنا عائلات تتقاسم يومها بين البحر و الغابة، فبعد قضاء وقت على الشاطئ، تتجه صوب الغابة و تفترش مكانا بجوار الوادي في جو من الأمان و الراحة، خاصة وأنه يمكن إعداد الغداء بالمكان و طهوه على النار، ما جعل من هذا المكان الوجهة المفضلة لعشرات العائلات التي تقصده سنويا.
التقينا بعائلة من سطيف، أكدت بأنها تزور المكان كل سنة و تقضي أياما به، أين أشار رب الأسرة قائلا “نفضل المكان بسبب هدوئه و الأمان الموجود به، فجل وقتنا نقضيه بواد دار الوادي بزيامة منصورية”، و أكدت الزوجة، ما قاله زوجها، حيث ذكرت أنها تزور المكان للمرة السابعة على التوالي، لعدة أسباب أبرزها الراحة و الهدوء الذين يوفرهما، و إمكانية البقاء بعيدا عن الأنظار في جو عائلي، خاصة في ظل زيادة أخطار الإصابة بفيروس كورونا، وتفضيل الابتعاد عن المصطافين على شاطئ البحر.
غابة النشمة حديث زوار الولاية هذه الصائفة
و عند مواصلتك السير بمحور الطريق الوطني وصولا إلى منطقة تازة بزيامة منصورية، تشاهد عشرات السيارات المتوقفة بالكورنيش، لتجد بالجهة الجنوبية، منطقة خلابة متمثلة في “الطبولة” أو “النشمة”، فقد عرفت مؤخرا من قبل الزوار و أضحت قبلة في زمن الكورونا، إذ أن العائلات الجيجلية بدأت بزيارتها شهر مارس الفارط، و أغلبها، يفضل زيارة المكان الغابي و الابتعاد عن ضجيج المدينة.
بهذا المكان، تفترش العائلات حواف الوادي، أو تجلس بين أشجار الغابة الشاهقة، و أكدت أسر من جيجل، بأن سبب زيارتها للفضاء الغابي، هو شاسعة مساحته، و كثرة الغطاء النباتي به، كما أنه يقع في منطقة تابعة للحظيرة الوطنية لتازة، و التي تعتبر من بين المحميات العالمية و المشهورة، حيث تتواجد بها العديد من الأصناف النباتية و الغابية، بالإضافة إلى هوائها النقي و العليل بما ينعش الروح و يجعلك تسترخي لدرجة كبيرة.
وقال أحمد الذي يقطن بوسط مدينة جيجل “نأتي لهذه الغابة منذ شهر مارس الفارط، فقد دفعنا الضغط و الخوف من جائحة كورونا إلى زيارة المكان. الفرحة و البهجة تملأ قلوبنا، إذ لم نتصور أن تكون المنطقة جميلة للغاية و هادئة، حيث ساهمت كثيرا في تخفيف الضغط، و قد أضحت وجهتنا المفضلة، حتى في موسم الإصطياف”، وأضاف أحمد “الجميل في المكان، بأن أشجاره الباسقة تحجب تسلل الحرارة، فتضل درجة الحرارة منخفضة للغاية، كما أن الغابة تسع الجميع إذ تتواجد بها مئات العائلات منذ في الصباح الباكر، و تستقر لفترة من الزمن، من بينها أسر تغادر المكان بعد أذان المغرب”.
أطفال يستمتعون بمياه الوديان
و وجد الأطفال في هذا المكان، متنفسا للسباحة بالوادي و اللعب بمياهه الصافية و العذبة، أما النسوة، فيستمتعن بتحضير الأكل، و كذا الحديث مع بعضهن البعض، بينما يفضل الشباب التوجه إلى أعالي الغابة، ليمارسوا هوايتهم المفضلة و ألعابهم الشعبية، على غرار الضامة
و الديمينو.
وقد وجدنا مجموعة من الشباب، بجوار الوادي، أخبرونا بأنهم يفضلون القدوم للغابة في هذه الفترة من كل موسم اصطياف للتمتع بمناظرها الخلابة، كما أنها فضاء يتسع للجميع في جو عائلي و محترم، و قد أضحت الوجهة المفضلة للعديد من العائلات من مختلف الولايات، كما وجدنا بالمكان شبابا ينحدرون من الجزائر العاصمة، أكدوا بأن لغابة النشمة نكهة خاصة، كونها تقع بالقرب من الطريق، و يمكن ركن السيارة قربها دون الحاجة إلى التنقل لمسافة طويلة، حيث قال أحدهم “ما يعجبنا في الغابة قربها من الطريق، بحيث أنك تستطيع الجلوس بالقرب من سيارتك و الاستمتاع بالغابة و جمالها، كما أن المسلك داخلها ليس صعبا”، وأضاف محدثنا “لقد اكتشفت هذا المكان عبر مواقع التواصل الإجتماعي، كوني أعاني من مرض الربو، و كنت أبحث عن مكان يمكن اللجوء له من أجل الاستمتاع و الابتعاد عن خطر فيروس كورونا قدر المستطاع، لذلك قررت اصطحاب أصدقائي لهذه الغابة رائعة الجمال”.
“العين السحرية” تستقطب محبي الاستكشاف
و بالجهة الجنوبية من الولاية، تجد العديد من المواقع التي تستقطب الزوار، فالغابة لم تعد ذلك المكان المعروف بهدوئه، حيث أزال البشر سكونها و أضحت كل زاوية منها مكانا لركن السيارات، إذ افترشت العائلات أسفل الأشجار لتناول الطعام.
وعند وقوفك، عبر الطريق الولائي باتجاه بلدية سلمى بن زيادة، تسمع كثرة السؤال و الاستفسار عن منبع المشاكي، أو سد إيراقن سويسي، كونهما من بين الفضاءات الغابية الأكثر استقطابا للجمهور، فعين المشاكي، شهدت إقبالا كبيرا هذه السنة من طرف العائلات و الفضوليين الراغبين في معرفة حقيقة “العين السحرية” أو “عين الأوقات”، التي يتدفق مائها للحظات، ثم يتوقف لفترة من الزمن.
والملاحظ أن حظيرة السيارات تمتلئ منذ الساعات الأولى للصباح، حيث تحمل لوحات ترقيم من مختلف الولايات، فالزائر للفضاء السياحي بالجهة الجنوبية، تجده متجها صوب المنبع، أو باتجاه وادي جن جن للظفر بمكان للجلوس، و أوضح أبناء المنطقة، بأن المنبع شهد إقبالا كبيرا للزوار، فاق كل التوقعات، بحيث يصل معدل السيارات القادمة للمكان يوميا، إلى حوالي 300 مركبة، فيما فضلت أسر الابتعاد عن الشواطئ و زحمة السير و خطر جائحة كورونا.
و ببلدية الشحنة بأعالي جيجل، يوجد وادي أيدالن الذي يعتبر من بين الفضاءات الأكثر استقطابا للمواطنين بدائرة الطاهير و المناطق المجاورة، و يتطلب الوصول إليه الحصول على إرشادات من السكان الذين يعرفون المنطقة جيدا. بهذا المكان وجدنا عددا من السيارات المركونة بجوار الطريق، و الملاحظ التوافد الكبير للعائلات و الأطفال عليه.
و قد استضافتنا عائلة من بلدية الطاهير، اتخذت زاوية من الغابة بجوار الوادي للجلوس، حيث كانت النسوة بصدد تحضير وجبة الغداء، و أخبرنا رب أسرة بأنه يكتشف المنطقة لأول مرة، حيث ذاع صيتها مؤخرا، و مع زيادة خطر الإصابة بجائحة كورونا، و غياب الفضاءات الممكن اللجوء بها للراحة و الاستجمام، فضل الغابة بدل البحر، ليتم الإتفاق على زيارة الوادي، كونه قريب من بلدية الطاهير و يقع في منطقة معزولة.
وأكد محدثنا بأن أفراد العائلة استحسنوا المكان و اعتبروه رائعا للراحة و الاستجمام، لما يمتاز به لكونه جمع بين البحر و الجبل و الغابة، و ذكرت شقيقته، بأن الجلوس في الغابة يعطيك الأمان و ينسيك الهواجس، و خصوصا الخوف من جائحة كورونا التي أتعبت نفسيتهم و أثقلت كاهلهم، زيادة على ميزة تجنب الاحتكاك المباشر بالأشخاص، مما يقلل خطر الإصابة بالفيروس.
أسر تستقر بغابات الجهة الشرقية
و الملاحظ في الفضاء الغابي، إقبال كبير للعائلات جلها تنحدر من بلديات مجاورة، على غرار الشحنة، و جانة ز الطاهير.
و يمتاز واد إيدالن بتدفق مياهه العذبة طوال السنة، فكلما غصت فيه، تجد جمالا طبيعيا خلابا، حيث يأمل أبناء المنطقة في تثمينه من قبل السلطات المحلية و تهيئة حظيرة للسيارات بجوار الوادي، و وضع لافتات توجيهيه ترشد إلى مكانه.
كما عرفت الفضاءات الغابية بالجهة الشرقية لجيجل، على غرار دائرتي العنصر و الميلية، إقبالا كبيرا للزوار و العائلات التي جعلت من الغابة ملجأ للهروب من ضوضاء المدينة و الاحتكاك بالمواطنين، مخافة الإصابة بفيروس كورونا، فقد شهدت غابات منطقة بني فرقان، عودة العائلات للاستقرار بها هذه الصائفة، و كانت أيضا مكانا لتخييم بعض الشباب بجوار الوديان، بالإضافة إلى غابة التسلية “مابو” ببلدية خيري واد العجول، و التي عرفت توافد الأسر و الشباب طوال اليوم، وسط أجواء رائعة إذ كانت الملاذ الآمن لمئات الأسر.
كـ. ط