تراجـع في الالتـزام بوضـع الكمـامـات واحتـرام التبـاعد بقسنطـينة
تعرف المساحات العامة بمدينة قسنطينة تراجعا كبيرا في الالتزام بالإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، حيث لم تعد إلا نسبةٌ قليلة تضع الكمامة وتحافظ على مسافة التّباعد الاجتماعي مع رفع الحجر وزوال الخوف من الفيروس، كما شمل التهاون المؤسسات التربوية والجامعات، في حين تسجل مبيعات منتجات الوقاية تراجعا ملموسا، رغم الارتفاع المحسوس في الأيام الأخيرة في حالات الإصابة على مستوى المؤسسات الاستشفائية بالولاية.
واعتمدنا في بحثنا عن مؤشّرات تكشف مدى احترام المواطنين للإجراءات الوقائية في المساحات العامة على طريقة كميّة من خلال الملاحظة واحتساب العشرين شخصا الأوائل الذين نصادفهم في مجموعة من النقاط عبر عدة أحياء من المدينة، حيث انطلقنا في استطلاعنا بالأسواق من سوق برازيليا الفوضوي بحي عبد السلام دقسي، أين لاحظنا أن سبعة أشخاص فقط يضعون الكمامات من أصل عشرين شخصا صادفناهم بمجرد وصولنا إلى المكان، في حين لم يتجاوز عدد الأشخاص الذين يضعون الكمامات في سوق الرحمة المفتوح بدار النقابة عبد الحق بن حمودة بوسط المدينة 3 من أصل عشرين، وهو نفس العدد الذي لاحظناه على مجموعة أول عشرين شخصا صادفناهم بمدخل سوق بومزو.
وتوجهنا بعد ذلك إلى سوق الرحبة الشعبي، حيث وجدنا في المدخل الرئيسي المؤدي إلى المكان أن شخصا واحدا من أصل عشرين يضع كمامة، بينما وصل العدد إلى ستة أشخاص من أصل نفس المجموعة من المتسوقين، كما أن نسبة من يضعون الكمامات من إجمالي الأسواق التي زُرناها بين دقسي و وسط المدينة لا تتجاوز عشرين بالمئة، فيما ظهر أن الكثيرين تخلوا عن الإجراءات الوقائية، على غرار التباعد واستعمال المعقم الكحولي، فضلا عن أغلب البائعين لا يضعون الكمامات ولا القفازات، رغم أنّهم يعرضون مواد غذائية مثل الخضر والفواكه والحلويات وبعض الأطعمة؛ مثل البيتزا.
وانتهجنا نفس الطريقة في البحث عن مؤشرات الالتزام بوضع الكمامات في المساحات العامة خلال تنقلنا ما بين الأسواق في وسط المدينة، حيث حددنا عشر نقاط تضيق فيها المساحة في وجه حركية المواطنين، وقمنا باحتساب أول مجموعة مكونة من عشرة أشخاص نصادفها في الطريق، فوجدنا أن نسبة من يضعون الكمامات لا تتجاوز 14 بالمئة، بحيث أننا صادفنا شخصا واحدا يضع القناع الواقي في شارع ديدوش مراد بالقرب من ممر دار الباي، مقابل عدم وجود أي شخص يضع كمامة عند الزقاق المؤدي من شارع 19 جوان إلى سوق العصر.
ويُسجل نفس الأمر على مستوى الشارع المسمى الرصيف، في حين وجدنا أربعة أشخاص فقط من أصل عشرة يضعون الكمامة بالقرب من ثانوية سمية بشارع العربي بن مهيدي، مقابل عدم وجود أي شخص يضعها عند المدخل العلوي لنفس الشارع. أما على مستوى شارع باب الوادي بمحاذاة مركز البريد الرئيسي فوجدنا شخصا واحدا بكمامة من أصل عشرة، فضلا عن نفس العدد المسجل داخل حديقة بن ناصر، مقابل شخصين من أول عشرة صادفناهم بنهج عمار بوغابة، وثلاثة من عشرة بمحاذاة مدرسة مسعود بوجريو على مستوى شارع بلوزداد.
وتجاذبنا أطراف الحديث مع بعض المواطنين حول سبب تخليهم عن وضع الكمامات، حيث اعتبر البعض منهم أن الفيروس لم يعد مؤثرا وأن المرض قد اختفى، في حين قال من يضعون الكمامات أنهم ما زالوا متخوفين من الإصابة خصوصا مع ظهور النّسخ المتحورة من فيروس كورونا.
وانتبهنا خلال جولتنا إلى أن أغلب من يضعون الكمامات من كبار السن، حيث ذكر لنا أحدهم أنه مصاب بعدة أمراض مزمنة وصار يخشى من انتقال الفيروس إليه، كما نبّه أن أبناءه يلحّون عليه بضرورة وضع الكمامة عند الخروج إلى الشارع أو التوجه إلى مراكز البريد، في حين لاحظنا أنّ العديد من الأشخاص يستخرِجون الأقنعة الواقية من جيوب ستراتهم بمجرّد وصولهم إلى بعض الإدارات العمومية التي تمنع الدخول إلى مقراتها من دونها، لكنهم ينزعونها بمجرد الخروج منها.
تراخٍ في احترام البروتوكول الصحي بالمدارس والجامعات
من جهة أخرى، تعرف الجامعات حالة تراخٍ تام في احترام البروتوكول الصحي، حيث تجولنا بواحدة من أكبر الجامعات بقسنطينة، وقمنا باحتساب مئة طالب في الحرم الجامعي من المتواجدين في الساحة وأروقة الكليات خارج قاعات الدراسة، فوجدنا أن اثني عشر منهم فقط يضعون كمامات من أصل مئة، في حين لاحظنا التزاما أكبر داخل إحدى الكليات، خصوصا داخل قاعات الدراسة والمدرجات. وذكر لنا طلبة تحدثنا إليهم أن الأساتذة صاروا يفرضون عليهم مؤخرا وضع الكمامات عند الدخول إلى القسم، لكنهم لا يلتزمون بها جميعا، رغم انتشار الملصقات التي تذكّر بإجبارية ارتداء الكمامة بمجرد الوصول إلى بهو الكلية.
ويسجل تراجع كبير في الالتزام بالإجراءات الوقائية أيضا داخل وسائل النقل، حيث لاحظنا وجود 25 شخصا داخل حافلة لا يضع إلا خمسة منهم الكمامات، و في المدارس لاحظنا على التلاميذ المغادرين لبعضها بوسط المدينة أن أغلبهم لا يضعون كمامات، فضلا عن أنّ أولياء أكدوا لنا أن مدارس أبنائهم لم تعد تفرض إجبارية الكمّامة بنفس الصرامة التي كان يُعمل بها سابقا.
ويقابل التراخي تراجع نسبي في مبيعات الكمامات، فضلا عن شلل شبه تام لمبيعات المعقم الكحولي، مثلما ذكر لنا صيادلة، كما أوضح لنا مسؤول تجاري بمؤسسة لتوزيع المواد شبه الصيدلانية أن سعر الكمامات بالجملة يقدر بخمسة عشر دينارا، فيما نبه أن مبيعات المعقم الكحولي شبه متوقفة.
س.ح