شركات أمريكية عملاقة مهتمة بالشراكة والاستثمار في الجزائر
عرفت الطبعة 53 لمعرض الجزائر الدولي 2022، التي نظمت بين 13 و 17 جوان الجاري بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة، حضورا قويا للشركات الأمريكية، التي تنشط في المجالات الاستراتيجية على غرار الفلاحة والصناعة، إلى جانب التكنولوجيا، والبيئة والبناء، والمنتجات الاستهلاكية والصحة، علاوة على تكنولوجيا الإعلام والاتصال والطاقة، والطيران والدفاع والتعليم، لقناعة أصحابها بأن السوق الجزائرية تملك الكثير من المؤهلات التي تسمح بتطوير فرص الشراكة والاستثمار، فضلا على أن الجزائر تعد من أكبر الأسواق الاقتصادية وأكثرها أهمية في المنطقة، و كونها بوابة إلى منطقتي المغرب العربي والساحل.
روبورتاج: عبد الحكيم أسابع
وقد توجت طبعة هذه السنة التي شاركت فيها 36 شركة أمريكية، وشكلت محطة هامة لدراسة فرص الاستثمار وتعزيز الشراكات والتبادلات التجارية بين البلدين، بإبرام العديد من اتفاقيات الشراكة بين متعاملين اقتصاديين جزائريين ونظرائهم الأمريكيين، في عدة قطاعات ذات الأولوية، أبرزها الفلاحة والصناعة والصحة.
ومن خلال الزيارة التي قادتنا إلى الجناح الأمريكي والحديث مع الكثير من العارضين، وقفنا على وجود شركات أمريكية شديدة الحرص على تقديم حلول عالية الجودة لمواجهة بعض أصعب التحديات التي تقف في وجه العالم، كتطوير أدوية جديدة لمكافحة السرطان وأمراض القلب أو إنشاء خيارات الطاقة المتجددة لتكملة الطاقة التقليدية وتقليل انبعاث الكربون، والعمل على تحسين الحياة، ما يجعلها تصنف عن جدارة في طليعة الابتكار والتغيير الإيجابي.
خلق مناصب شغل عبر الاعتماد على كفاءات جزائرية
وهناك حقيقة أخرى، كشفت عنها سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية، إليزابيت مور أوبين، ولمسناها من خلال المقابلات التي أجريناها مع كوادر بشرية جزائرية من الأطقم المشرفة أو المسيرة لعدد من المؤسسات العارضة، في الجناح الأمريكي، أن أغلب المؤسسات الأمريكية التي تستثمر أو تنشط في الجزائر وعددها 100 شركة، لا تجلب مواطنين أمريكيين أو أجانب، لإدارتها، بل أن عشرات الشركات الأمريكية تحرص على الاستثمار في الشراكات المثمرة الخلاقة لمناصب الشغل من خلال بناء وتطوير القدرات البشرية المحلية، من خلال خلق فرص عمل لهم في الجزائر، تماما مثل حرصها على نقل التكنولوجيا لضمان نمو اقتصادي طويل المدى.
لذلك وكما أضافت السفيرة " قد يبدو للملاحظ العادي، أنه لا يوجد الكثير من الأمريكيين هنا في الجزائر، لكن في الواقع ، هناك الآلاف، لكنهم جزائريون يسيّرون في طوابق مصنع ''جنرال إلكتريك في باتنة''، و في قاعات مكاتب شركة '' هانيويل'' المتخصصة في توريد وتصنيع الأنظمة التكنولوجية المتنوعة، في الجزائر العاصمة، كما أنهم يتواجدون في حقول مزارع ''مجمع الأطلس'' ( أطلس قروب)، بحاسي مسعود".
ويتنوع جناح الولايات المتحدة الأمريكية الذي يتربع على 2000 متر مربع، بين الشركات التجارية التي تحرص على تسويق منتجاتها الاستهلاكية على غرار شركة '' كوكا كولا ''، أو تلك التي تعمل أيضا في مجال الأعمال التجارية في مجال الطيران والدفاع مثل '' لوكهيد مارتن''، و الطاقة الكهربائية مثل '' جي غاز باور '' و '' ميتسوبيشي باور آيرو'' .
كما حضرت أيضا شركات زراعية بقوة، على غرار '' أطلس قروب '' التي تزرع أكثر من 11000 هكتار من الأراضي في الجنوب الجزائري، وشركات الرعاية الصحية مثل ''جي هيلت كير" التي توفر أجهزة لفحص السرطان، إلى جانب حضور شركات رائدة في الهندسة والتكنولوجيا، مثل ''هانيويل'' و ''ديل'' و ''بالو ألتو نتوركس'' التي تساعد في جلب التكنولوجيا الأمريكية المتطورة إلى الجزائر.
ولأن المحروقات تعد عنصرا هاما في الاقتصاد الوطني الجزائري، فقد تواجدت في ذات الجناح أيضا، أفضل الشركات الأمريكية في هذا القطاع، بما في ذلك ''هاليبرتون'' و''أوكسيدنتال بتروليوم''.
ويبرهن حضور هذه الشركات العملاقة في الجزائر، حسب ما سبق وأن أشارت إليه السفيرة الأمريكية، أن الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي مباشر في الجزائر وفق آخر إحصائيات لصندوق النقد الدولي، الذي أشار في تقريره لعام 2020، أن الولايات المتحدة تمثل 6.2 ملايير دولار من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي للجزائر، ما يقارب 28 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر.
30 بالمائة من العارضين من المجال الزراعي
بداية زيارتنا انطلقت من الرواق المخصص للعارضين الممثلين لمختلف الهيئات والمجمعات والشركات التي تنشط في المجال الزراعي أين لمسنا رغبة كبيرة للتواجد الأمريكي في السوق الجزائرية.
أول من قابلنا في جناح وزارة الزراعة الأمريكية، السيدة جوستينا توري، الملحقة التجارية للوزارة التي أكدت للنصر، أن الحضور الأمريكي المكثف للشركات والمتعاملين في المجال الزراعي يعكس رغبتهم الكبيرة، في دفع العلاقات التجارية والتبادلات وتكثيف الاستثمارات الأمريكية المباشرة في الجزائر، وقالت '' توجد الكثير من المؤسسات الأمريكية التي تستثمر في القطاع الفلاحي بالجزائر، و ثمة الكثير من المتعاملين الأمريكيين الراغبين في دخول السوق الجزائرية الواعدة، سيما في مجال تصدير القمح والأبقار، والبقول الجافة وغيرها، فضلا عن الرغبة في الاستثمار أو توسيع الاستثمارات الموجودة.
وفي ذات السياق سجل المجلس الأمريكي لتصدير فول الصويا حضوره المتميز رغبة في توقيع اتفاقيات مع أصحاب المطاحن والمستثمرين في مجال الأعلاف ومربي الدجاج والكتاكيت، وأكد ممثل عن المجلس بأن ثمة رغبة لرفع نسبة توزيع فول الصويا في الجزائر التي تبلغ حاليا 15 بالمائة، ما جعل الجزائر تصبح شريكا استراتيجيا للصناعة الأمريكية لفول الصويا.
كما يطمح المجلس الأمريكي للحبوب الذي يتربع بدوره على جناح خاص، إلى توسيع الشراكة الجزائرية الأمريكية في هذا المجال بغرض '' تطوير صناعة الأعلاف الجزائرية وتحسين إنتاج غذاء الأنعام، "ما من شأنه أن ينعكس على جودة اللحوم المنتجة محليا في الجزائر''.
وفيما تم الإعلان عن مشروع شراكة بين شركتين أمريكية وجزائرية بالمناسبة، لإنتاج الأعلاف الحيوانية ( غذاء الأنعام)، باستخدام التكنولوجيا الأمريكية، فقد كشف ممثل '' أطلس قروب '' أو ( أطلس فلاحة )، للنصر عن توصل الشركة في مستثمرتها بقاسي الطويل قرب حاسي مسعود، إلى إنتاج نوع طبيعي من الأسمدة يقتصر استعمالها حاليا في الإنتاج بالمزرعة المتربعة على 11000 هكتار، في انتظار التوجه لتسويقه على نطاق واسع مستقبلا.
ومعلوم أن أطلس فلاحة متخصصة في إنتاج الحبوب والذرى والشمندر السكري والسلجم الزيتي ( الكولزا).
الحلول الرقمية للمساعدة في تحسين مردودية الإنتاج الفلاحي
كما تشارك "مخابر كورتيفا"، وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات، في ذات التظاهرة الاقتصادية ضمن فضاء خاص على مستوى الجناح الأمريكي، لإبراز خبرتها وتجربتها في المجال الزراعي.
وأوضح ممثل الشركة بالجزائر، محمد باديس وهو، مهندس دولة في الزراعة، أن سبب حرص هذه المخابر على المشاركة في المعرض يرمي إلى البحث عن شراكات في مجال إنتاج بذور السلجم الزيتي ومبيدات الحشرات الفطرية، إلى جانب الرغبة في تطوير ''الفلاحة الرقمية في الجزائر''، التي تساعد الفلاحين والمستثمرين الجزائريين في المجال الزراعي على تحسين وتطوير الإنتاج، وتقديم المرافقة التقنية لهم، من أجل الحصول على أحسن مردود في الزراعة، مشيرا إلى أن الشركة تعمل في هذا السياق بالتنسيق مع وزارة الفلاحة ومعاهد الفلاحة الجزائرية.
وفي مجال الأدوية أكد ممثل عن شركات "جانسين" التابع للعلامة التجارية '' جونسون أند جونسون ''، حرص الطرف الأمريكي على تطوير الشراكة مع الجزائر في مجال الصناعة الدوائية سيما من خلال تدريب طلبة الصيدلة وإطلاق تخصصات ماستر جديدة في الشؤون التنظيمية وعلم الاقتصاد الدوائي.
وفي سياق ذي صلة أكدت ممثلة لشبكة الخدمات الصحية العالمية '' جي إيتش أس أن'' حرصها على تطوير الشراكة مع المنظومة الصحية في الجزائر.
من جهته حضر المجلس الأمريكي لتصدير الأخشاب الصلبة، وهو هيئة ممثلة لـ 140 مصدرا للخشب الذي يدخل في صناعة الأثاث والأبواب والنوافذ، للبحث عن فرص للتواجد في السوق الجزائرية، ويؤكد ممثل عن المجلس، بأن الخشب الصلب الأمريكي، ''ذو نوعية رفيعة وقدرة تنافسية كبيرة ليس من حيث الجودة فحسب وإنما من حيث تنافسية السعر مقارنة مع الأسعار المطبقة حاليا في السوق الجزائرية''.
عمالقة الصناعة الأمريكية في ضيافة '' صافكس''
وإلى جانب الفلاحة والصناعة الدوائية وصناعة الأخشاب، حضرت الكثير من الشركات الأمريكية الرائدة في عديد المجالات على غرار شركة '' بي أم أ '' الممثل الحصري للعلامة التجارية الأمريكية ''كاتربيلار'' الرائدة عالميا في صناعة معدات البناء ومعدات المناجم ومحركات الديزل والغاز، وهي من أهم شركاء '' سوناطراك''.
وسعيا للبحث عن مشاريع شراكة وتوسع الاستثمار في الجزائر وإعطاء قوة دفع للصناعة الوطنية الجزائرية، تعرض شركة '' إير بروداكت'' الرائد العالمي في الغاز الصناعي، و تكنولوجيا ومعدات الغاز الطبيعي المسال، في مجال الأعمال الرامية لخدمة الطاقة والبيئة وأسواق القطاعات الناشئة، خبرتها على شركاء جدد محتملين في الجناح الأمريكي.
وتزود شركة '' إير بروداكت حسب ممثلتها ''، الغازات الصناعية والهواء وغازات العمليات والمعدات والخبرات ذات الصلة لعشرات الصناعات، هي من بين أهم الشركاء لمؤسسة سوناطراك.
وتتميز شركة '' أوكسي العالمية '' المتخصصة في استكشاف البترول والغاز وهي أكبر منتج للبترول في الولايات المتحدة الأمريكية، حسب مسؤوليها بابتكار التقنيات المتطورة وحلول الأعمال المستدامة منخفظة الكربون والتي تقلل الانبعاثات.
مرافقة التحول الرقمي في الجزائر بحلول تكنولوجية عالية الأمان
من جهتها أكدت '' شركة '' ديل تكنولوجي '' حضورها المتميز، بتخصصها في الإعلام الآلي وأعمال الاستشارة والحلول المرتبطة بإنجاز مراكز حفظ البيانات ( داتا سنتر ) وخوادم الويب، ومختلف الحلول التكنولوجية الحديثة المرتبطة بالتخزين والأرشيف والذكاء الاصطناعي، إلى جانب حلول الأمن السيبرياني.
وترتبط هذه الشركة – حسب ممثلها المهندس، نورالدين سي أحمد - بعلاقة شراكة مع كبار الزبائن في الجزائر من مؤسسات وهيئات عمومية، سيما في ما يتعلق بمرافقتها في مسار التحول الرقمي، وكذا مع مؤسسات خاصة، لتميزها بمرافقة شركائها بتكنولوجيا جد متطورة و عالية الأمان.
للشركة حسب ممثلها مخزون في إطار خدمة ما بعد البيع يقدر بـ 3000 قطعة تقدر قيمتها بـ 3 ملايين دولار، وشبكة لوجستيك متطورة تضمن سرعة التدخل في حال وقوع أي طارئ على مستوى الشبكات.
وإلى جانب شركات أخرى متخصصة في الصناعات البترولية والحلول الخاصة بالأمن المائي والأمن السبرياني، يحرص الجناح الأمريكي على إبراز التجربة الأمريكية من خلال الشراكة بين وزارة التعليم العالي وبعض الجامعات الأمريكية على تعزيز مناهج تعليم اللغة الإنجليزية في جميع الجامعات الجزائرية البالغ عددها 108 ، لضمان حصول كل خريج جامعي جزائري على مهارات في اللغة الإنجليزية التي يتطلبها سوق العمل اليوم.
تجدر الإشارة إلى أن الجناح الأمريكي نظم طيلة أيام التظاهرة، مجموعة من النشاطات المستوحاة من المعارض الترفيهية التقليدية في أمريكا، بما في ذلك مجموعة من المحاضرات حول الثقافة الأمريكية وحفلات موسيقية وعروض بهلوانية وألعاب وعروض للطبخ، في الساحة المقابلة للمدخل والمخرج الرئيسيين للجناح.
ع.أسابع