التحكم في تقنيات الإعلام الآلي.. حلم يحققه مكفوفون بجيجل
احتضن، مركز التكوين المهني والتمهين الشهيد زيغة محمد بجيجل، دورة تكوينية حول قارئ الشاشة لفائدة فئة المكفوفين، في مبادرة تعتبر الأولى من نوعها بالولاية، بحيث يستفيد المتكوّنون من التحكم في الإعلام الآلي، و التي لقيت تجاوبا كبيرا من قبل المعنيين، حيث بلغ عدد المستفيدين 17 شخصا، والذين ثمّنوا المبادرة، التي ستفتح لهم أفاقا مهنية، وتمكن بعضهم من كتابة مذكرات التخرج بالحروف بدل البراي.
كريم طويل
وتعتبر الدورة التكوينية الأولى من نوعها، والتي بادر بها الاتحاد الولائي للمكفوفين بالتنسيق مع المديرية الولائية للتكوين والتعليم المهنيين، واحتضنها مركز التكوين زيغة محمد، وسهر الفريق البيداغوجي على تنظيمها تنظيما محكما بتوفير جميع الشروط التقنية، وتسخير أستاذين متخصصين، الأول تابع للمركز والثاني من فئة ذوي الإعاقة البصرية تابع للاتحاد الولائي للمكفوفين، شكلا فريقين لتلقي تكوينا على قارئ الشاشة وفق برنامج تعليمي معتمد، مكيف مع مستوى ذوي الإعاقة المشاركين في الدورة التكوينية.
ويعود نجاح الدورة التكوينية لعاملين أساسين، حسب المعنيين، أولهما وجود أستاذ مكلف بالتدريس مكفوف ومتمكن في الإعلام الآلي، أما الثاني فيرجع لطبيعة البرنامج والمرافقة الناجعة التي يضمنها أستاذ متخصص، و كذا توفير الظروف اللازمة كضمان النقل للمكفوفين.
انضباط وإصرار على التعلم
تنقلنا، يوم السبت إلى مركز التكوين الشهيد زيغة محمد، وقد استقبلنا إطارات المديرية والمركز، توجهنا بعدها إلى القسم المتخصص في الدورة، و قد وجدنا الجميع مركزا مع ما يقوله الأستاذان المشرفان، وما لفتنا طريقة التعليم المتبعة وتجاوب المتكونين مع مختلف التوجيهات المقدمة، ما يدل على الرغبة الكبيرة في تعلم استعمال الحاسوب.
وحسب الإطار بمديرية التكوين، فإن المشاركين ينحدرون من بلديات مختلفة من ولاية جيجل، يقصدون المركز بكل إصرار وحماس، ويبدون رغبتهم في تعلم تقنيات الإعلام الآلي.
دورة تكوينية الأولى من نوعها
و قد، أوضح، أحسن صويلح، إطار بمديرية التكوين والتعليم المهنيين، بأن الدورة التكوينية حول قارئ الشاشة وفق برنامج خاص للمكفوفين، تساعد هذه الفئة على استعمال جهاز الإعلام الآلي والولوج لمختلف التطبيقات الموجودة، وكذا الاندماج في الحياة المهنية، مردفا بأن عدد المسجلين 17 كفيفا، ضمن الدفعة الأولى ومن المنتظر أن يستمر التكوين وفق دفعات، وقد سطرت الدورة التكوينية في إطار المجهودات المبذولة من قبل الجهات المعنية لتكوين فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير المناخ الملائم لهم للاستفادة من التكوين، بحيث تم العمل على تلبية طلب الاتحاد الولائي للمكفوفين، بعد القيام بجلسات عمل من أجل إنجاح الدورة.
فيما، ذكر، ممثل مركز التكوين، توفيق بلحمري، بأنه تم العمل على ضبط برنامج تكويني مكيف لفائدة ذوي الإعاقة البصرية، وتجهيز قاعة الإعلام الآلي و كذا الأجهزة الموجودة بتنصيب البرنامج المتخصص، حيث تم التنسيق مع الاتحاد الولائي للمكفوفين، الذي تكفل بالتواصل مع الفئة المستهدفة، ما ساهم في استقطاب عدد لابأس به، كما تم من جهة العمل على وضع خطة لتنقل المكفوفين وضمان مرافقين، وأضاف المتحدث، بأنه بعد تسخير أستاذ متخصص من قبل الاتحاد الولائي والذي يعتبر من فئة المكفوفين، استدعى المركز أستاذا آخر متخصص في المجال لتشكيل ثنائي متخصص، لضمان المرافقة داخل القسم،
المكوّنون ينالون شهادة تأهيلية في قارئ الشاشة الصوتي
وقد برمجت حصة كل يوم سبت، بحيث يقدر عدد ساعات الدورة التكوينية بـ 44 ساعة، وفق تكوين تأهيلي، و يتحصل على شهادة تأهيلية في قارئ الشاشة الصوتي، ويعد التكوين في هذا المجال من بين التكوينات المهمة، حيث يساعد المكفوفين على الاندماج في الحياة اليومية، وكذا التحكم في جهاز الإعلام الآلي، كما يسهل ممارسة أنشطة تواكب العصر وتحقق لهم دخلا ماديا، كالتجارة الالكترونية، فيما أشارت الأستاذة خلف الله أمينة، بأنها تتعامل لأول مرة مع مكفوفين، وهي تجربة وصفتها بالرائعة، وأنها لم تتلق صعوبات كثيرة في التعامل معهم، سوى في النقطة المتعلقة بالفروقات في المستوى التعليمي للمشاركين، واستعمالهم الجهاز لأول مرة.
و ذكرت، رئيسة الاتحاد الولائي للمكفوفين ريمة كحل السنان، بأن الغاية من الدورة التكوينية مرافقة الشخص الكفيف وتعليمه تقنيات التحكم في الإعلام الآلي، وإعطائه فرصة من أجل الاندماج في الحياة اليومية والمهنية، مردفة بأن التكوين يمكن المشاركين في الدورة، من المشاركة في دورات يعد فيها استعمال الإعلام الآلي ضرورة للاستفادة من التكوين، وترى بأن التحكم في الحاسوب بات أمرا ضروريا، ويفتح أفاقا مهنية لهذه الفئة.
وقال الأستاذ سهيل شعلال، من فئة المكفوفين، المشرف على الدورة، بأن تحكمه في تقنيات برنامج قارئ الشاشة، وفي استخدام الإعلام الآلي، مكنه من تبسيط المعلومات والتقنيات للمكفوفين، قائلا "بأني تعلمت التقنية واكتسبتها خلال دراستي بالجامعة، و لأول مرة أقوم بتدريس المكفوفين في مجال الإعلام الآلي، و هي فرصة جد مهمة، وقد رحبت بالفكرة المقدمة، وحاولت اختصار الجهد على المكفوفين".
حلم تحقّق
وأردف، بأن برنامج قارئ الشاشة يساعد المكفوفين كثيرا، و هو برنامج جد مهم، يمكن اختصار طريقة تعلمه في فترة قصيرة، بحيث يتضمن مخطط التكوين، المرور إلى دورة شاملة على البرنامج و تقنيات استعمال الحاسوب ومختلف البرامج، و الواقع صعب حسب الأستاذ، بسبب التفاوت بين المتكونين و اختلاف مستواهم التعليمي، ما يتطلب وضع مخطط عملي لضمان نجاعة التكوين، وقد أبانت الدورة المقامة، حسبه، على ضرورة التفكير مستقبلا لتقسيم المجموعات وفق المستوى التعليمي، موضحا، بأن اكتساب التقنيات في الدورة بين المشاركين سجل بتفاوت، لكن يبقى أفضل ما في الدورة هو تمكنهم من تحقيق حلمهم وهو القدرة على استعمال جهاز الحاسوب.
و قد، ثمن المشاركون في الدورة المبادرة المقامة من قبل قطاع التكوين و كذا الاتحاد الولائي للمكفوفين و الذي سمح لهم بتحقيق حلمهم في معرفة كيفية استعمال جهاز الحاسوب و الإعلام الألي و هي فرصة تعتبر بالهامة، و ستترك أثرا جميلا في حياتهم على الصعيد الشخصي أو المهني.
«التكوين مكّنني من الإبحار في عالم النت»
وقال، فاروق أحد المشاركين في الدورة، بأنه قرر المشاركة في الدورة بعد إبلاغه من قبل الاتحاد الولائي، بحيث تعلم العديد من تقنيات التحكم في الإعلام الآلي، التي ستساعده مستقبلا في اقتحام الميادين الذي يستعمل فيها جهاز الإعلام الآلي، قائلا « لم يسبق لي أن تعاملت مع جهاز الكومبيوتر ولكن بفضل التكوين المقدم، أصبح الحلم حقيقة، اليوم صرت أتعامل معه بسهولة وأتصفح مختلف البرامج الموجودة فيه مع الولوج لعالم الأنترنيت»،
«سأتمكّن من كتابة مذكرتي بالحروف بدل البراي»
أما محمد الذي يبلغ من العمر 50 سنة، فقال بأنه شارك في التكوين باقتراح من الاتحاد، وهي فرصة لتعلم استعمال جهاز الإعلام الآلي، إذ لم يسبق له أن لمس الجهاز، مردفا « في حياتي لم ألمس جهاز الكومبيوتر، مستقبلا سيساعدني في حياتي الخاصة و مع أبنائي، ويصبح باستطاعتي تعليمهم»، فيما، ذكر، أحمد، بأن مشاركته في الدورة مهمة بحيث ستساعده في دراسته، وكتابة مذكرة تخرجه، بالحروف بدل استعمال طريقة البرايل، وقال» الدورة مهمة و لها هدف نبيل، متمنيا أن تعمم بشكل واسع عبر مختلف مراكز التكوين». كـ. طويل