تدخل ربات البيوت طيلة شهر رمضان، في روتين يومي خانق، و يخضعن لأشغال شاقة إجبارية، فتتحولن معها إلى ماكنات ممنوعة من التوقف، عندما تتحالف عليهن الوظيفة، الأعمال المنزلية، تربية الأطفال، و زوج يرفض تقاسم مسؤوليات لا تستطيع حتى المرأة الحديدية تحملها.
إ.زياري
شهر رمضان تحول إلى شهر للأشغال الشاقة بالنسبة لربات البيوت، خاصة الموظفات، حيث تعيش كل واحدة منهن طيلة 30 يوما على وقع روتين شاق، بتضاعف المهام ، ما يغرق المرأة في الأشغال المنزلية من طبخ و تنظيف و غسل، ترتبط بتوقيت محدد يجب عدم تجاوزه قبل وضع طاولة مملوءة بشتى أنواع الأطعمة. هو روتين أجبر البعض على العمل ببرنامج خاص للتوفيق بين مختلف المهام، قالت سراح طبيبة عامة للنصر ، أنها تضبطه قبل حلول الشهر بـ20 يوما تقريبا، لتفادي التعب المضاعف و ضياع الوقت.
سباق يومي ضد الساعة
إذا كان للماكثة بالبيت وقت كاف للقيام بأشغالها، فإن شهر رمضان يتحول إلى كابوس فعلي بالنسبة للمرأة العاملة، في سعيها لتحقيق معادلة التوفيق بين العمل و البيت، تقول دليلة معلمة و أم لـ3 أطفال، «أدخل طيلة شهر رمضان في سباق مع الزمن، لتحضير وجبة الإفطار في الوقت المحدد، و الاهتمام بعائلتي، فضلا عن عملي كمعلمة و الذي يبقيني بعيدة عن البيت إلى غاية الثالثة و النصف زوالا، فأعود منهكة تماما، و أنا أفكر في ما يمكنني أن أطبخه، و كيف أستطيع إنهاء كل المهام قبل موعد الإفطار».
في حين تصف السيدة خديجة خياطة، و أم لـ4 أطفال نفسها بالماكنة، و تقول «أنهض قبل أبنائي عند السادسة صباحا يوميا، أجهزهم قبل الذهاب إلى المدرسة، لأجلس على الماكنة من أجل العمل، و أضطر إلى الخروج بعد نحو ساعتين من أجل التسوق و إحضار مستلزمات الإفطار، لأعود إلى البيت بسرعة لإطعام أبنائي و إرضاع ابنتي، ثم أدخل المطبخ لتحضير وجبة الإفطار بشكل سريع، حرصا على أن تكون متنوعة، مثلما يشترط زوجي و ابنتي الكبرى، لأعود إلى العمل مجددا، قبل وضع طاولة الإفطار و غسل الأواني، غير أنني لا أتمكن حتى من الأكل من شدة التعب الذي يدفعني للنوم مباشرة بعد الإفطار، هذا هو روتيني اليومي الذي أتعبني كثيرا».
و أكدت لنا موظفة أخرى بأنها تؤجل عطلتها السنوية، لتستفيد منها خلال شهر رمضان، سعيا منها لتخفيف الحمل و محاولة خدمة أهل بيتها دون مضايقات التزامات العمل، فيما تشير موظفة أخرى لاعتمادها على برنامج خاص للطبخ، تحرص فيه على تحضير الطعام لمدة يومين، لتمنح لجسمها و نفسها قسطا من الراحة بين يوم و آخر، معتبرة ذلك أسلوبا ناجعا لجميع ربات البيوت
الامتحانات تزيد من مشاق الشهر
شكل تزامن الإمتحانات الفصلية النهائية و رمضان الجاري، إشكالية حقيقية بالنسبة لربات البيوت ، حيث أضيفت مهمة التدريس لجملة المهام المتراكمة على عاتقهن، و أصبحن مضطرات لتحفيظ الأبناء و متابعة دراستهم يوميا ،حسب سارة أم لـ4 أطفال، إثنان منهم بالمدرسة الابتدائية، تؤكد بأنها و منذ حلول الشهر الفضيل، تحرص على عدم النوم بعد السحور، لتتمكن من تحضير وجبة الإفطار كاملة، قبل ذهابها إلى العمل، لتتفرغ بعد عودتها لتدريس طفليها، معتبرة الأزمة ، مثلما أسمتها، مؤقتة، قبل عودة روتين رمضان المعتاد بعد انتهاء الامتحانات.
و تضيف آمال الماكثة بالبيت، بأنها تتعب كثيرا هذه الأيام في تحفيظ أبنائها الثلاثة، بالإضافة إلى التزاماتها المنزلية و أشغال رمضان الخاصة، و أكدت بأنها إشكالية تواجهها كافة الأمهات مع أطفالهن بالمدارس، خاصة مع البرامج التعليمية الصعبة و الاتكالية التي يتميز بها الجيل الحالي من المتمدرسين و الذين يشترطون تواجد الأمهات بشكل خاص بجوارهم ، عند التحضير للفروض أو الامتحانات.
المكملات الغذائية لمواجهة الإرهاق
يتسبب ضغط الأشغال و المسؤوليات المتزايدة، كما قالت لنا بعض ربات البيوت في تعب بدني كبير، نظرا للجهد المبذول بشكل يومي الذي لا يترك مجالا للراحة، ما دفع الكثيرات إلى البحث عن حلول عبر تخصيص وقت للراحة في منتصف النهار ، مهما كان حجم الأشغال التي تنتظر ربة البيت، و تقول المعلمة نوال بهذا الشأن «لا أستطيع تحضير وجبة الإفطار و القيام بأشغالي المنزلية، لولا القيلولة مدة نصف ساعة على الأقل، بعد العودة من العمل.
في المقابل، اختارت ربات بيوت أخريات المكملات الغذائية لتوفير طاقة كافية تمكنهن من إتمام واجباتهن، مثلما تعتمده سليمة موظفة بالبلدية، إذ تؤكد بأنها تتناول هذه المكملات بعد أن شعرت بالارهاق الشديد و عدم قدرتها على تناول الطعام خلال الإفطار، مشيرة إلى أنه أسلوب تعتمده جل زميلاتها في العمل.
تملص بعض الأزواج من المسؤوليات يخنق المرأة
تعاني الكثير من الزوجات من استقالة أزواجهن من الحياة الزوجية، عبارة استعملتها سيدة تقول بأن زوجها يحملها كافة المسؤوليات بمفردها، بما فيها التسوق، الطبيب، تربية الأبناء، العمل داخل و خارج البيت، ما اعتبرته ظلما في حق المرأة، في حين يشارك بعض الأزواج زوجاتهم في الأشغال المنزلية و يقاسمنهن المسؤوليات ، خاصة في ما يتعلق بالاهتمام بالأبناء، وكل ما يتعلق باحتياجات المنزل المادية، و هو ما يزيد من مشاق الأم خلال شهر رمضان نتيجة حمل ثقيل من المسؤوليات، قد تعجز أحيانا عن اتمامها و تضطر للتحايل بطريقة أو بأخرى، فالمهم إرضاء جميع أفراد العائلة وغالبا ما يكون ذلك على حساب نفسها و صحتها.
أخصائية علم الاجتماع الدكتورة ياسمينة بغريش دلاح
ربة البيت مطالبة بتوعية أفراد أسرتها بضرورة تقاسم الأعمال
تصف الأخصائية في علم الاجتماع الدكتورة، ياسمينة بغريش ، حرم دلاح، ما تعانيه المرأة من كثافة المسؤوليات، بالوضع الخانق، و تدعوها إلى الاستعداد المسبق من خلال توعية أبنائها و زوجها، بضرورة تقاسم المهام و المشاركة لتيسير مشقة رمضان، مثلما بات الأمر بالنسبة للكثير من ربات البيوت.
و ترى الأخصائية بأن المرأة أقحمت نفسها في كل هذه الأمور، و دفعت بالرجل للاستقالة من مسؤولياته، ما يجعلها اليوم مطالبة بالحل عبر تقليص الأشغال و تفادي كثرة الطعام، فالشهر للعبادة لا للطعام، مع العمل على اقتصاد الوقت و الجهد في ظل المهام الإضافية في هذا الشهر، خاصة و أنه تزامن مع امتحانات نهاية السنة، مثلما تقول.
إ.ز