نُظم سهرة أول أمس، مخيم افتراضي استعرضت فيه نساء جزائريات قصص نجاح ملهمة استطعن فيها كسر كل الحواجز لفرض أنفسهن في المجتمع، و هو مخيم لقي تفاعلا كبيرا من طرف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، و حظي بمتابعة قياسية خلال 4 ساعات من البث المتواصل، الذي اجتمع فيه التحدي والإصرار، بمشاعر الحب والمرح والحماس.
الفعالية كانت من تنظيم الدكتور مراد بوعاش و هو شاب جزائري يعمل في شركة «ياهو» بأمريكا وصاحب قناة “مباشر سيليكون فالي” على موقع يوتيوب و كذلك الدكتور محمد سنوسي الباحث في الذكاء الاصطناعي بجامعة باريس و مؤسس قناة “نخب”. و ككل المرات السابقة ساهم في المخيم شباب من داخل الجزائر من نواد شبانية وطلابية، و منها نادي «اي تاك» لجامعة سكيكدة، «بسكرة تقرأ»، المدونة سلمى بكوش و كذلك جمعية الاستثمار الفكري و العطاء الانساني لتلمسان و «جي دي جي تيارت» و هي منظمة شبانية مهتمة بالتكنولوجيا.
و يقول القائمون على المبادرة إن المرأة لعبت دورا هاما في المجتمع الجزائري، فقد كانت لها مشاركة بارزة في ثورة التحرير إلى جانب أخيها الرجل، كما ساهمت بقوة في النضال السياسي و حتى المسلح مناصفة مع الثوار، أما بعد الاستقلال فقد تقلدت مناصب هامة نتيجة مثابرتها وجهودها الجسيمة، و برعت في مجالات شتى و اقتحمت ميادين مختلفة بما في ذلك العلوم و التكنولوجيا داخل ربوع الوطن وخارجه.
و على هذا الأساس تم اختيار 4 نساء برزن في مجالات مختلفة، حيث قدمت كل واحدة منهن عرضا قصيرا كان متبوعا بنقاش ثري تم خلاله استقبال أسئلة و مشاركات المتابعين الذين كان 80 بالمئة منهم نساء وذلك من 48 ولاية ومن خارج الوطن، حيث استمر البث لحوالي 4 ساعات ونصف على منصتي «فيسبوك» و «يوتيوب» و تابعه مئات الأشخاص من أربع قارات.
الدكتورة سوسن شدادي الباحثة في التعليم والدراسات الأمريكية
يجب على المرأة ألا تقارن نفسها بالآخرين
بداية المداخلات كانت مع الدكتورة سوسن شدادي، الأستاذة بجامعة كنساس و رئيسة «مؤسسة التعليم بدون حدود»، حيث روت ابنة قسنطينة كيف شقت طريقها إلى النجاح لتصبح اليوم مرجعا للعديد من الشباب و الطلاب الجزائريين الذين يجدون صعوبات في البحث العلمي و تنقصهم بعض المهارات و الخبرات لإتمام رسائل التخرج.
الدكتورة شدادي تحدثت كيف بدأت الدراسة في جامعة منتوري بقسنطينة أين درست بها تخصصي اللغة الانجليزية والأعمال والتسويق، قبل أن تنال شهادة الماستر في تخصص الحضارة الأمريكية سنة 2011، لتُقدم بعد ذلك على منحة ضمن برنامج التبادل الثقافي «فولبرايت» ما مكنها من إنهاء ماستر في الدراسات الأمريكية من جامعة كنساس، لتكمل الدكتوراه في التعاون الجزائري الأمريكي في مجال التعليم.
الأستاذة شدادي المهتمة أيضا بالاتصال و التنوع و الكتابات الأكاديمية، أبرزت أهمية إظهار التنوع الثقافي في بلادنا واحترام كل الأعراق والتعايش مع بعضنا البعض، وقدمت نصائح عن كيفية الحصول على منحة «فولبرايت» وشرحت ما الذي يمكن أن تقدمه للشباب الجزائري و ما هي شروط الاستفادة منها، كما تطرقت خلال النقاش إلى بعض الصعوبات التي واجهتها في رحلتها لطلب العلم بأمريكا، و أبرزت دور والديها في دعمها و كذلك الأشخاص الذين أرشدوها منذ سنوات الجامعة، مؤكدة في الأخير أنه يجب على المرأة ألا تقارن نفسها بامرأة أخرى، فلكل واحدة مسارها و ظروفها التي تجعلها فريدة.
الدكتورة ريم فلياشي العاملة مع وكالة الفضاء الدولية
تعاملت بإيجابية مع جهل المجتمع بتخصصي
الدكتورة ريم فلياشي خريجة المدرسة العليا التحضيرية لدراسات المهندس و المدرسة الوطنية متعددة التقنيات بالجزائر، روت كيف انتقلت إلى باريس لمواصلة دراستها ثم تحصلها على الدكتوراه من جامعة أورليانز بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، حيث تخصصت في مجال الاتصال و عملت مع شركات عالمية منها «أورانج».
الدكتورة فلياشي قالت إنها اختارت ألا تدرس الطب على عكس توقعات المحيطين بها، فتابعت حلم صغرها بأن تدرس علوم الفضاء، إذ درست الاتصالات ثم الفلك الرادياوي، لتبرز كيف استطاعت أن تفرض نفسها و أفكارها لتعمل اليوم في وكالة الفضاء الأوروبية ضمن برنامج «إيريس»، وكيف ساعدتها شبكة «لينكد إن» في الحصول على هذه الفرصة، لتؤكد أيضا أنها اضطرت لمواجهة نظرة المجتمع لهذا التخصص الذي يجهله كثيرون فكانت تتعامل مع هذا الأمر بشكل إيجابي ما شكل لها حافزا أكبر.
ياسمين بوالجدري الصحفية بجريدة النصر
الشغف والعمل الدؤوب يمهدان الطريق للنجاح
كما قدمت الزميلة ياسمين بوالجدري تدخلا عن مسارها بداية من نيلها شهادة البكالوريا إلى غاية التخصص في الصحافة و الترجمة و تجربتها في سوق العمل، كما تطرقت إلى التحدي الكبير الذي صادفته بدخولها جريدة النصر، و هي خريجة إعلام واتصال دون خبرة، حيث شرحت الطرق التي واجهت بها صعوبات البدايات و كيف ساعدها الإصرار و شغفها بالعمل الذي تقوم به في تجاوز كل العقبات.
و أبرزت الزميلة ياسمين مسارها المهني بعد ذلك عقب 11 سنة من التحاقها بالنصر، من خلال التحقيقات والروبورتاجات التي أجرتها داخل وخارج الوطن، و ترأسها القسم المحلي لتكون أصغر رئيسة قسم في تاريخ الجريدة، ثم اختيارها للإشراف على الملحق الطبي المستحدث منذ سنتين و فوزها بالمرتبة الأولى في جائزة رئيس الجهورية للصحفي المحترف في فئة الصحافة المكتوبة، كما تطرقت الصحفية إلى الدور الذي لعبته الأسرة و التأطير الجيد، كما أشادت بالنصائح القيمة التي كانت تقدم لها من طرف مسؤولي التحرير والتي كانت لها أهمية في مسارها المهني، مؤكدة في الأخير أن النجاح عملية مستمرة ولا تتوقف عند مرحلة معينة أو تتويج ما، ما يتطلب بذل الكثير من الجهد والاستمرار في التكوين والتعلم.
الدكتورة فاطمة الزهراء بن شيخ الباحثة في التكنولوجيا
والدتي حفزتني كثيرا و هكذا تأقلمت مع بيئة العمل في اليابان
الدكتورة الجزائرية الشابة فاطمة بن شيخ المتخصصة في مجال التكنولوجيا باليابان، وهي خريجة تخصص الهندسة الالكترونية من وهران، تطرقت أيضا إلى رحلة نجاحها التي لم تخل من العقبات، لكنها استطاعت تخطيها بفضل حبها للعمل الذي تقوم به، و بكثير من المرح و روح الدعابة، شرحت الدكتورة تخصصها في مجال الكهروضوئيات العضوية، ثم تحدثت عن قصة تأسيسها مؤسسة ناشئة اسمها «كوالا تيك».
و أبرزت الدكتورة بن الشيخ التي تقوم حاليا بالتدريس في اليابان و تتعاون مع فرق بحثية في أستراليا و أوروبا و الصين، الاختلافات الثقافية التي صادفتها في اليابان و كيف استطاعت فهمها و التأقلم معها بعدما كانت تدرس قبل ذلك في فرنسا، مؤكدة على الدور الكبير الذي لعبته والدتها في تشجيعها على الركض خلف أحلامها، لتتحدث أيضا كيف حافظت على هواياتها المفضلة و أحدثت توازنا بين الحياة الخاصة و العمل.
المتدخلات أجمعن على أن الانتقادات التي تتلقاها المرأة في حياتها العملية، يجب أن تكون محفزا لها من أجل تطوير ذاتها و التحسين من قدراتها، لتجاوز النزعة الرجولية الموجودة لدى البعض، مؤكدات أيضا على الدور الذي تلعبه الأسرة و الرجل في هذا الخصوص، مبرزات كيف استطعن خلق التوازن بين حياتهن العائلية و العملية.
و أكدت المتدخلات أن نجاح المرأة يعتمد عليها هي وحدها في الأخير، فإذا وثقت في قدراتها وحولت الفشل إلى خطوة نحو النجاح، سيكون بمقدورها تجاوز كل العقبات مهما كبرت، حيث دعين النساء الجزائريات للتحلي بالعزيمة و أن يثقن في أحلامهن و أن يكن شغوفات بما يقمن به، كما أجبن على العديد من الأسئلة المتعلقة بمجالات تخصصهن في جو من الحماس و التحفيز.
ق.م