عباس ريغي من الفنانين الشباب الذين اجتهدوا من أجل الحفاظ على التراث الفني القسنطيني و طابع المالوف و العيساوة على وجه الخصوص.صاحب الحنجرة المميزة، و إن كان محسوبا على المحافظين بالنظر لنشأته وسط مشايخ الطريقة الرحمانية، و تتلمذه على يد الشيخ قدور درسوني ، إلا أن ذلك لم يمنعه من إقحام بعض الآلات الموسيقية العصرية، متحديا منتقديه الذين سعوا إلى إحداث ضجة حول التجربة التي كانت له بدبي مع أغنية البوغي.
حاوره: حميد بن مرابط
عن هذه الحادثة وعن الجمعية التي سينشئها لتخليد معلمه درسوني، و جديده في عالم الفن و الغناء، فتح عباس ريغي قلبه و علبة أسراره للجمهور من خلال هذا الحوار الذي خص به النصر.
- بعد غياب اضطراري عن الساحة الفنية بفعل جائحة كورونا، هل لنا أن نعرف جديد الفنان عباس ريغي؟.
أولا شكرا لجريدة النصر على الاستضافة، أما بخصوص سؤالكم، أقول لعشاق فن المالوف و جمهور و محبي عباس ريغي انتظروا الجديد بداية من شهر جويلية المقبل، و المتمثل في قرص مضغوط لأغنيتي «صالح باي» و «غاب عليّ خيال موني».. إضافة إلى مفاجآت أخرى أفضل إرجاء الكشف عنها إلى الوقت المناسب، و ما هو مؤكد أنها ستسر الجميع، و ستكون في القريب العاجل.
كورونا حرمتني من المشاركة في مهرجانات بفرنسا والمغرب و تونس
- جائحة «كوفيد 19» حرمت العديد من الفنانين في مختلف المجالات من النشاط بسبب الحجر الصحي، كما عطلت مشاريعهم لهذا الصيف.. فماذا عن عباس ريغي؟.
عباس ريغي و على غرار باقي فنّاني الجزائر و العالم بأسره، حرم من عدة أعمال و مشاريع فنية، و أخص بالذكر المشاركة في بعض المهرجانات و السهرات الدولية، فجائحة كورونا حرمتني من المشاركة في السهرة التي كانت مبرمجة بالمركز الثقافي الجزائري بالعاصمة الفرنسية باريس، بالإضافة إلى المهرجان السنوي للأغنية العيساوية، بمدينة الدار البيضاء المغربية، ناهيك عن مهرجان خميّس ترنان بتونس...
سأنشئ جمعية باسم الشيخ درسوني لتلقين المالوف
- مقابل تضييعك لكل هذه المواعيد الدولية، هل اغتنمت فترة الحجر الصحي لتحضير أعمال فنية جديدة؟.
حقيقة لا يمكنني كفنان أن أبقى طيلة هذه الفترة مكتوف الأيدي، فأول شيء قمت به هو استغلال فرصة الحجر لتوسيع رصيدي الشخصي «ريبيرتوار»، كما قمت باستغلال السانحة للغوص أكثر في أغوار فن المالوف، و الأمر الثاني هو استغلال الفرصة لتمثيل الجزائر عبر فضاء العالم الافتراضي، إلى جانب فنّانين عالميين، حيث كنت الفنان الوحيد من الجزائر، و قد شاركت بمقطوعة موسيقية تغني للسلام...
استقطاب الشباب بعد تجربة دبي أحبط مخطط أعداء النجاح
- هل من تفاصيل أكثـر حول هذا المهرجان الموسيقي- إن صح التعبير- عبر العالم الافتراضي؟.
هي في الحقيقة مبادرة شخصية و فكرة جميلة جدا من ابن مدينة تلمسان خليل بابا أحمد، حيث نظم هذا المهرجان عبر الفضاء الافتراضي بسبب الأوضاع الصحية جراء جائحة كورونا، و الذي كان له صدى عالمي كبير، و قد كانت هذه فرصة لي أنا شخصيا للترويج لفن المالوف في العالم.
- على ذكر فن المالوف و العالمية، كانت لعباس ريغي محاولة إدخال لمسة عصرية على هذا الفن الأصيل بدبي، و بالتحديد أغنية «البوغي»، و قد سعى البعض إلى إثارة ضجة و انتقاد المحاولة، فماذا يقول فنان قسنطينة في هذه النقطة بالذات؟.
شكرا على إثارتكم لهذه القضية، و التي سأستغل هذه الفرصة لتوضيح الأمر للرأي العام و لأهل الفن بقسنطينة و بكل ربوع الوطن، و التأكيد على أن الضجة التي أثيرت حول هذه القضية جاءت نتائجها عكسية تماما لما كان يتوقعه المنتقدون...
غنيت للسلام رفقة فنانين عالميين عبر الفضاء الافتراضي
أولا أنا لم أغير أي شيء في أغنية «البوغي»، لا الكلمات و لا اللحن و لا حتى الآلات الموسيقية، و كل ما في الأمر هو أنني قمت بإضافة بعض الآلات الموسيقية العصرية، في تجربة شخصية الغرض منها محاولة معرفة كيف نسمع فن المالوف عبر الموسيقى و ليس الكلمات، كما كان الهدف منها كذلك الترويج لهذا الفن الأصيل و توسيع رقعة انتشاره لبلوغ العالمية على غرار فن «الراي»... وليعلم الجميع بأن تلك الأغنية وبعد نشر الفيديو بالفضاء الأزرق و على مختلف الوسائط الاجتماعية، سجلنا إعجابا منقطع النظير لدى فئة الشباب، و الذين ازداد اهتمامهم بفن المالوف، وهو ما يعد ردا قويا على المنتقدين و أعداء النجاح.
ليعلم الجميع أن عباس ريغي من المدرسة الفنية المحافظة، و من مريدي الطريقة الرحمانية، و شيخي و معلمي الأول و الأخير هو الشيخ قدور درسوني رحمه الله.
الحجر سمح لي بإثراء رصيدي
- على ذكر الفقيد الشيخ قدور درسوني. قمت بتكريمه قبل أيام قليلة من وفاته بالجزائر العاصمة. كيف جاءت هذه الفكرة و كيف تم تجسيدها؟.
تلقيت دعوة كريمة من إدارة دار الأوبرا بوعلام بسايح بالجزائر العاصمة، لإحياء سهرة فنية بمفردي، أي برمجت حفلا خاصا بي، و بعد زيارات عديدة للشيخ درسوني بمنزله، قلت في قرارة نفسي، لم لا استغل هذه الفرصة لتكريم من علمني فن المالوف..
السهرة للتذكير كانت في أجواء من أروع ما يكون، حيث كانت قاعة الأوبرا مكتظة عن آخرها، و هذا بحضور بنات أستاذي درسوني و أحفاده، و في غياب الشيخ نظرا لحالته الصحية، إلا أنني قدمت له تسجيل فيديو عن السهرة و قد أعجب بها أيما إعجاب.
- وعدت جمهورك في بداية هذا الحوار بمفاجآت عديدة،هل لنا أن نعرف ما هي ؟.
في الحقيقة هناك أشياء لا بد أن تنجز في سرية تامة، و مع ذلك سأكشف لكم عن مفاجأة واحدة و هي جد مهمة.
شقيقي عبد الرحمان لعب إلى جانب الرحال حميد «غورديو»
بعد وفاة شيخي و معلمي قدور درسوني، تبادرت إلى ذهني فكرة إنشاء جمعية فنية تحمل اسمه، و هي الجمعية التي قد ترى النور ابتداء من شهر سبتمبر أو أكتوبر على أقصى تقدير...
و لأن شيخنا رحمه الله أفنى عمره في تعليم الفن و الحفاظ على التراث القسنطيني، فإن هذه الجمعية التي ستحمل أسمه، ستكون في شكل أوركيسترا، لتلقين الشبان فن المالوف و العزف على مختلف الآلات الموسيقية.
- تزامن هذا الحوار و الإعلان عن وفاة فقيد الكرة القسنطينية عبد الحميد بن رابح المدعو «غورديو»، و لأن عائلة ريغي معروفة بحبها لفريق مولودية قسنطينة و حمل عدد من أبنائها لألوان الفريق. هل لنا أن نعرف من الاخوة الذين لعبوا مع الفقيد؟.
أولا بوفاة اللاعب عبد الحميد بن رابح، يمكن القول بأن كرة القدم الجزائرية بصفة عامة و القسنطينية على وجه الخصوص، قد فقدت لاعبا مهاريا و فنانا مميزا أبهر العشاق بفنياته ولعبه الجميل في مختلف ميادين كرة القدم التي صال و جال بها، نسأل الله أن يتغمده برحمته و أن يجعله من أهل الجنة..
و أما بخصوص سؤالكم، فإن «غورديو» كان جارنا بحي فيلالي، و قد لعب في الفئات الصغرى لفريق الموك، مع شقيقي الأكبر عبد الرحمان.
الجديد الشهر القادم و الكثير من المفاجآت قريبا
و في الأخير نسأل الله أن يرفع عنّا هذا البلاء، و يعود الناس إلى حالتهم الطبيعية، و يعود الفنان إلى فنّه، و أملي أن تزول الضغينة ما بين الناس، و أن تشيع المحبة و يعم السلام في العالم.
ح. ب