الرسم بالفحم، كان و ما زال متنفسها، تستقطع وقتا من يومها لتغوص في عالم تعشقه إلى حد النخاع، وكانت بورتريهات لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم من أجمل ما أبدعت أناملها أثناء فترة دراستها الجامعية وحتى بعد زواجها، بل وكانت تتقنها بكل حب وإتقان، محملة بروح وطنية كروية تجعلها في قمة السعادة.
إنها الرسامة " عاتكة سلاطمي" التي وفي حديثها للنصر، تقول إنها كانت كلما شاهدت مباراة في تصفيات يخوضها فريقنا الوطني، كسبنا فيها أم خسرنا، كان كل همها رسم لاعب مميز و نشر صورته على مواقع التواصل الاجتماعي و مراقبة تعليقات المتابعين و العامة التي كانت حقا تزخر بمشاعر جياشة تعطيها شحنات قوية للمواصلة.
ضيفتنا، لا تخفي أنها في كل معرض أقامته و كل ملتقى حضرته، كانت تسعى أن تصل هذه البورتريهات متقنة الرسم لمكان يناسب فخامة مكانتها بقلبها، تريدها أن تحيا كما نحيا، أن تعيش عمرا و يتأملها أجيال، أن تغادر الحياة بعد عمر طويل ويبقي اسم عاتكة ساكنا بملامحهم الفحمية، وأن يحفر اسم بلديتها بئر العاتر في عقول من أدهشتهم رسوماتها، تضيف، إنها واصلت السعي دون ما هوادة، حتى شاء القدر أن يشاهد لاعبو المنتخب الوطني بورتريهاتهم بواسطة أحد شباب بلدية بئر العاتر بفندق مصري، أين كان يقيم الفريق الوطني خلال مجريات كأس أمم إفريقيا في سنة 2019، حيث عبر الكل عن إعجابهم بها و طلب براهيمي صورته، و أراد الكوتش بالماضي لوحة له، كما عبر الفريق عن رغبته بالحصول على بورتريهاتهم الخاصة، مع العلم أنها بدأت رسم اللاعبين من سنة 2013 إلى 2020، وتقول، إن ملحمة أم درمان الشهيرة، كانت مصدر إلهام قوي لأنها من أقوى المباريات التي أبكت الصغير و الكبير، بقدر ما أسعدتنا فجرت الروح الوطنية كمدفع أول نوفمبر.
الرسامة عاتكة، تؤكد للنصر، أنها لم تكن ترغب بانتهاء المشهد الدرامي للوحاتها هنا، بل كانت تريد أن يتوقف الزمن للحظة .. تريد شعورا بالاكتفاء .. تريد أن تعرض الرسومات و يستمتع بتأملها الكل، جيلا بعد جيل، فكان السعي نحو وجهة أخرى، مباشرة إلى متحف اللاعبين، أين تمنت أن تكون لها بصمة.
أرسلت الفنانة " عاتكة" رفقة والدها الرسومات لمدرب الفريق الوطني سلاطني مراد لفئة أقل من 17 سنة، راجية منه تسليمها للمديرية، فكانت جائحة الكورونا سببا لإلغاء كل شيء في البداية، و بعد أن زال الحجر و شاهد المدير الفني الوطني و البعض هناك بورتريهات اللاعبين، انبهروا لتميزها و عبروا عن سرورهم و رغبتهم في وضعها في متحف اللاعبين بمركز سيدي موسى، وطلبوا منها إنهاء جميع بورتريهات اللاعبين، كما عبروا عن مدى سعادتهم بهذه المبادرة و مدى إعجابهم بتفاصيل و سمات و كمية المشاعر فيها.
تقول عاتكة في آخر هذا اللقاء الشيق، "وفّقت في رحلتي هذه وما زلت أحمل على عاتقي رفع راية التحدي لواقع مؤلم و تهميش يعيشه كل فنان جزائري، سأحملها أينما حللت ونزلت، مرفقة بإمضاء كتب فيه عاتكة".
ع.نصيب