سرق شباب هواري بومدين الأضواء، في بطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة هذا الموسم، لأن حداثة تواجده في هذه الحظيرة لم تكن الحاجز، الذي من شأنه أن يقطع الطريق أمام الشباب من أجل مواصلة الفتوحات، فاقتطع تأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الرابطات عن جدارة واستحقاق، ويكون بالتالي بمثابة «المفاجأة السارة» لهذا الموسم.
روبورتاج : صالح فرطـاس
وجاء هذا الانجاز، ليواكب الانتفاضة الكروية التي تعيش على وقعها منطقة عين حساينية، لأن هذا الصعود هو الثاني على التوالي في جهوي عنابة، والثالث من نوعه في ظرف 5 سنوات، على اعتبار أن فريق هواري بومدين، كان قد رأى النور سنة 1984، لكن مشاركته في البطولة الشرفية لرابطة قالمة الولائية كانت متذبذبة، وبلغت درجة الانسحاب، وتجميد النشاط حتى في بعض المواسم، لكن الانطلاقة الفعلية جاءت بعد ثلاثة عقود من الوجود في الساحة، حيث انتظر الأنصار إلى غاية صائفة 2015، لرؤية فريقهم يغادر القسم الشرفي لأول مرة في تاريخه.
حط الرحال في حظيرة الجهوي الثاني، وضع إدارة شباب هواري بومدين أمام تحديات كبيرة، لأن الموسم الأول كان صعبا للغاية، وكاد الفريق أن يجبر على العودة السريعة من حيث أتى، لولا تحرك الإدارة في المنعرج الحاسم، لكن تلك التجربة القاسية، كانت عبارة عن درس تم استخلاص العبر منه، بدليل أن أبناء "الهواري" أصبحوا إحدى القوى الضاربة، بدليل التنافس على ورقة الصعود في الموسم الموالي، وإنهاء المشوار في الصف الثاني، خلف بطل المجموعة مولودية برحال، لتكون الموسم الثالث في الجهوي الثاني محطة لقطف الثمار، باقتطاع تذكرة الصعود، بعد صراع ماراطوني مع كل من اتحاد سدراتة وجيل شبيطة مختار وشباب وادي الشحم.
التواجد في الجهوي الأول، ساهم بصورة مباشرة في كسر "الروتين" الذي كانت تعيشه منطقة عين حساينية، الواقعة على مسافة 20 كيلومتر إلى الجنوب من عاصمة ولاية قالمة، لأن هذه المنطقة ذات الطابع الفلاحي، والتي لا يتجاوز عدد سكنها 10 آلاف نسمة أصبحت تتنفس برئة كرة القدم، ولا حديث لأهلها سوى عن الشباب، سيما وأن مؤشرات الصعود لاحت في الأفق مبكرا، والفريق الذي دخل المنافسة في ثوب "الصغار"، خطف الأضواء من أندية تفوقه خبرة وإمكانيات.
ومع تقدم المنافسة زادت شعبية فريق هواري بومدين، خاصة رئيسه بوعلام شعبان، لأن هذا الرجل قصير القامة (لا يتجاوز طوله 80 سم)، كانت له مكانة مميزة في أوساط المتتبعين وحتى رؤساء النوادي، رغم أن النتائج كانت السبب في إحداث تغيير على مستوى العارضة الفنية في مناسبتين، لأن توفيق مساعدية رحل قبل جولتين من نهاية مرحلة الذهاب، وخليفته سليمان حملاوي توقفت مسيرته، بعد تلقي الهزيمة مرتين متتاليتين، ليحمل نصر الدين رباحي، المشعل في آخر منعرج من المشوار، يقود الشباب إلى منصة التتويج، بعد النجاح في تحقيق الفوز في المباريات الست الأخيرة، أهمها "نهائي" الصعود ضد أولمبي الطارف.
ويجمع المتتبعون على أن شباب هواري بومدين، خطف الأضواء بفضل قوته خارج القواعد، لأن لغة الأرقام يؤكد على أن الحصاد بعيدا عن الديار، كان "الفيصل" في معادلة الصعود، بدليل أن الشباب لم ينهزم في تنقلاته سوى في مناسبتين، مقابل الانهزام في 3 مباريات داخل قواعده، والانتصارات التسعة التي عاد بها رجحت كفته في المنعرج الأخير، بالتقدم بخطوة واحدة عن الوصيف، رغم أن أبناء "الهواري" لا يتوفرون على ملعب، وسيجبرون للموسم الرابع تواليا على الاستقبال بعيدا عن بلديتهم، في انتظار إتمام المشروع "الحلم" المتمثل في الملعب، بعد تجسيد "المعجزة" الميدانية بتحقيق صعود تاريخي إلى قسم ما بين الرابطات.
رئيس النادي بوعلام شعبان
لم أصدق بعد أن فريقي بلغ قسم ما بين الرابطات
* دخلت في غيبوبة بسبب الضغط والبقاء يتطلب مليارين !
*في البداية بودنا أن نعرف شعوركم بعد الصعود التاريخي إلى قسم ما بين الرابطات؟
صدقوني إذا قلت لكم بأنني لم أستفق بعد من الغيبوبة التي تعرضت لها، لأنني أعتقد بأن هذا الإنجاز، يبقى مجرد حلم رأيته في المنام، ولم أصدق بعد بأن شباب هواري بومدين، سيلعب الموسم القادم في قسم ما بين الرابطات، لأن الحقيقة أننا لم نكن نراهن إطلاقا على ورقة الصعود، لكن المعطيات الميدانية سارت في صالحنا، فوجدنا أنفسنا نتفوق على أندية قضت مواسم طويلة في هذا القسم.
*نفهم من كلامكم بأن الصعود تحقق رغم أنه لم يكن الهدف المسطر؟
هذه هي الحقيقة، لأنني أتذكر جيدا خلال الصائفة الماضية، لما كان الجميع يحذرني من الجهوي الأول، في وجود 8 أندية من ولاية قالمة، حيث كانت الأغلبية تخشى عودتنا السريعة إلى الجهوي الثاني، الأمر الذي جعلنا نراهن على تشكيل فريق تنافسي، باستطاعته التأقلم مع هذا المستوى بسرعة، وبالتالي تجنب السقوط، وهي المخاوف التي دفعت باللاعبين إلى رفع التحدي، والتسلح بإرادة فولاذية، تجسدت في الجولات الأولى، عند الدخول مباشرة في صلب الموضوع، وإحراز 3 انتصارات متتالية، ومع ذلك فإننا لم نفكر في الصعود، لأن عقدة «الديربيات» القالمية لازمتنا، ومؤشرات الصعود ارتسمت أكثر في ختام مرحلة الذهاب.
*لكن الحسم في ورقة الصعود، بقي معلقا إلى غاية «النهائي» أمام أولمبي الطارف؟
الوصول إلى تلك المحطة لم يكن بالأمر السهل، لأننا عانينا الكثير، خاصة في اللقاءات التي جمعتنا بأندية ولاية قالمة، والتي ضيعنا فيها 16 نقطة، تسعة منها داخل الديار، لكن تلقينا هزيمتين متتاليتين أمام كل من أولمبي بومهرة وشباب وادي الزناتي كان بمثابة أخطر منعرج، سيما وأنه جاء قبل 6 جولات من نهاية البطولة، فكان الجميع يعتقد بأن حلم الصعود قد تبخر، إلا أننا أخرجنا النفس الثاني في الجولات الأخيرة، فكانت المقابلة الختامية أمام أولمبي الطارف استثنائية، لأن الرزنامة شاءت أن تضعنا في مواجهة المنافس المباشر، على تأشيرة الصعود في آخر جولة.
*الأكيد أن تلك القمة ستبقى راسخة في ذاكرتكم، سيما الأجواء التي صنعها الأنصار ؟
كما سبق وأن قلت فإنني مازلت في غيبوبة، لأنني بعد نهاية تلك المباراة فقدت الوعي، وتم تحويلي على جناح السرعة إلى المستشفى، لأن فرحة الصعود خلصتني من ضغط رهيب، عشت على وقعه طيلة موسم كامل، والمسؤولية الملقاة على عاتقي زاد ثقلها في «قمة الصعود»، ولم يكن من السهل تجسيد الحلم، خاصة وأننا أصبحنا نحمل راية تمثيل ولاية بكاملها، وتواجد قرابة 15 ألف في المدرجات لمساندتنا أمر لم نكن نتصوره، لكن الحلم تجسد بفضل تضافر جهود الجميع، والأجواء التي صنعها الأنصار، تبقى لحظات تاريخية لا يمكن لأحد أن ينساها.
*وماذا عن تكلفة الصعود والوضعية المالية الراهنة؟
هذا الانجاز التاريخي لا يقاس بثمن، مادام التواجد في قسم ما بين الرابطات يبقى «معجزة»، لأن الفريق ظل راكنا في البطولة الشرفية لأزيد من 30 سنة، وأكبر المتفائلين لم يكن ينتظر أن نحقق الصعود ثلاث مرات في ظرف 5 مواسم، وعليه يمكن القول بأن الإرادة كانت أهم سلاح راهنا عليه، لأننا تلقينا من البلدية إعانة بقيمة مليار سنتيم، وجهت 400 مليون سنتيم منها لتسديد شطر من الديون السابقة، بينما لم تتجاوز حصتنا من دعم الصندوق الولائي 25 مليون سنتيم، مقابل تكفل المجلس الولائي بتسوية حقوق الانخراط، والمصاريف الإجمالية للصعود تقارب 1,4 مليار سنتيم، الأمر الذي يرفع مؤشر الديون المتراكمة على النادي إلى نحو 750 مليون سنتيم.
قالوا عن الصعود
مساعد المدرب رضوان بن خريف
نجحنا في تحقيق المفاجأة
الحقيقة أن هذا الصعود كان قد فاجأ كل المتتبعين، لأن الفريق لم يكن مرشحا إطلاقا للتنافس على المراتب الأولى، لكننا وثقنا في المجموعة الشابة التي عملنا معها، في ظل إقدام اللجنة المسيرة على توفير الظروف الكفيلة بذلك، وقد كانت الروح الجماعية أهم المفاتيح، التي راهننا عليها في المنعرجات الحاسمة، رغم أن دابر الشك تسرب إلى النفوس، غير أن اللاعبين كانوا في مستوى التحديات».
هدّاف الفريق أسامة عويسي
الفرحة أنستنا تعب الموسم
ما عساني أقول سوى أن فرحة الصعود أنستنا تعب موسم كامل، والمقابلة الأخيرة جعلتنا تحت ضغط رهيب، لكن الهدف الأول الذي سجلناه مكننا من معايشة أجواء خرافية، وشخصيا هذه هي المرة الأولى التي ألعب فيها مباراة رسمية، أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، ليكون الصعود أغلى هدية يمكن أن نقدمها لأنصارنا الأوفياء، وما علينا الآن سوى التفكير في المستقبل، من أجل النجاح في المحافظة على مكانتنا في قسم ما بين الرابطات، لأن المسؤولية كبرت، وليس من السهل اللعب مع فرق عريقة».
مدرب الفريق نصر الديــن رباحي
صعدت مع «السرب» مدربا ولاعبا ومع الهواري الأمر مختلف
* جئت في مهمة واضحة و وفقت في تحقيقها
*حملتم المشعل في المنعرج الأخير والمسؤولية لم تكن سهلة، أليس كذلك؟
موافقتي على تدريب شباب هواري بومدين في الجولات الست الأخيرة من البطولة، كانت استجابة لإلحاح بعض الأصدقاء من أبناء المنطقة، لأن المسؤولية ثقيلة جدا في مثل تلك الظروف، خاصة وأن الفريق كان يتنافس على تأشيرة الصعود، وقد استلمنا المهام في ظروف استثنائية، بعد تلقي هزيمتين متتاليتين أمام كل من بومهرة ووادي الزناتي، واستعادة المجموعة للثقة في النفس لم يكن بالأمر الهيّن، خاصة وأن الحسابات، كانت تجبرنا على الفوز بجميع المباريات لتحقيق الصعود.
*وكيف تعاملتم مع هذه الظروف، في ظل تزايد الضغط في الجولات الأخيرة من البطولة ؟
الحقيقة أنني لم أكن أتوفر على العصا السحرية، التي تعيد الثقة للاعبين بين عشية وضحاها، لكنني حاولت وضع بصمتي بصورة جلية على الجانب النفسي للمجموعة، رغم أنني اصطدمت بعقبة أخرى تتمثل في محدودية التعداد، في ظل عدم توفر البدائل، إلا أن تجاوب اللاعبين مع إستراتيجية العمل التي انتهجناها، مكنهم من إظهار النفس الثاني في المنعرج الحاسم، وهذا أهم عامل ساهم في تخليصنا من الضغط الرهيب، الذي كنا نعيش على وقعه.
*لكن التأكيد على أحقية الصعود كان في «النهائي» أمام أولمبي الطارف؟
تلك المقابلة كانت استثنائية، لأنها كانت حاسمة في مصير الصعود، وكنا مجبرين على الفوز لاستعادة الصدارة، واعتلاء منصة التتويج، والمعطيات الميدانية سارت على وقع «السيناريو»، الذي ضبطنا عليه حساباتنا، بدليل أننا كنا نسجل في الدقائق الأولى في كل المباريات التي أشرفت عليها، ومواجهة الطارف لم تمنعنا من المحافظة على نفس «الريتم»، بل أن عناصرنا ضاعفت من مجهوداتها، وسجلت هدفين في ظرف 15 دقيقة، لنبرهن على أحقيتنا في الصعود، رغم الأحداث التي وقعت، وكادت أن تؤدي إلى توقيف اللقاء.
*و ماذا عن مستقبلكم مع الفريق بعد هذا الانجاز التاريخي ؟
لقد تحدث معي المسيرون في هذا الشأن، لكنني طلبت منهم التريث قليلا.
التعداد الرسمي لشباب هواري بومدين لموسم (2018 / 2019)
حراس المرمى: لطفي مباركي – حمزة بدبودي – رشيد روابحية.
الدفاع: أكرم بوغازي – يحي أولاد الشيخ – شوقي زرولو – نافع جاهل – رمزي بوجاهم – فؤاد بن يونس ـ أمين ياحي.
وسط الميدان: بن قيراط عدنان – خالد زواكرة – نصر الدين لعبادلية – عماد عبد الرحيم – إلياس قرمان – أمين قروي ـ عبد الرحيم مرطاني.
الهجوم: أسامة عويسي ـ حسام برباق–نصر الدين فنيدس – خالد كتفي ـ شمس الدين مغمولي ـ شمس الدين بوعلوش رئيس النادي: بوعلام شعبــان
المدرب الرئيسي: نصر الدين رباحي.
المدرب المساعد: رضوان بن خريف
طبيب الفريق: خالد سعيدي
الكاتب العام: عبد الحميد بلحساب
أمين المال: صالح ياحي
المسيرون: جمال بلحساب – وحيد عويسي – عبد الرزاق بوخناف – عبد المالك كريبس – الطيب شريط ـ عدلان بلهوان.