• موقف الجزائر الداعم للقضية الصحراوية "واضح ولا غبار عليه"
حذر وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة ووزير الثقافة بالنيابة حسن رابحي، أمس، محترفي الإعلام من «الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة»، مشددا أن «الاحترافية تفرض على الجميع التقيد بقواعدها خدمة للمهنة وحفاظا على تماسك المجتمع»، وأكد أن النصوص القانونية المتعلقة بقطاع الاعلام والاتصال، والتي هي قيد الدراسة، ترقى إلى مستوى تطلعات منتسبي القطاع وتستجيب لطموحاتهم ودعا الصحافة الوطنية إلى التحلي بالمسؤولية في تغطية الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأوضح رابحي في مداخلة له بمنتدى يومية «الشعب» حول موضوع «المعلومة المغلوطة وكيفية التصدي لها»، أنه مع «اقتراب الحملة الانتخابية الرئاسية فإن مهمة محترفي الإعلام ووسائل الاتصال لن تكون سهلة إذ لا ينتظر منهم فقط إنتاج معلومات دقيقة، موثوقة مستندة إلى مصدر وإنما عليهم أيضا عدم الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة التي حدث للبعض ومع الأسف أن ساهم في نقلها وتضخيمها» ، وأكد في السياق ذاته أن «الاحترافية تفرض على الجميع التقيد بقواعدها خدمة للمهنة نفسها وحفاظا على تماسك المجتمع».
و أكد الوزير أن الجزائر «التي تدافع عن قيم الحرية والانفتاح وحرية الإعلام شأنها في ذلك شأن الدول التي لها تقاليد ديمقراطية عريقة، لا يمكن أن تسمح بانتشار ظاهرة الأخبار الكاذبة بالنظر إلى الانحرافات الخطيرة التي تنجر عنها ومنها على الخصوص تعطيل الحريات والمكاسب الديمقراطية» ، موضحا في هذا الإطار أن التصدي لهذا «السم الذي يلوث المبادلات على شبكات التواصل الاجتماعي يمر عبر طريقتين، الأولى توجد بين يدي محترفي الإعلام الذين تقع على عاتقهم مسؤولية الالتزام بمحاربة هذه الظاهرة المرضية من خلال أدائهم الاحترافي واحترامهم لأخلاقيات المهنة، والثانية تتمثل في مساهمة الأشخاص الذين يحملهم عادة الالتزام المدني والاجتماعي للتصرف بما يخدم المصلحة العامة ويتعلق الأمر تحديدا بالمواطنين».
وأوضح وزير الاتصال، أن الأخبار الكاذبة أو المغلوطة أصبحت «منافسا حقيقيا للمعلومة التي تنتجها وسائل الإعلام التقليدية وهي الوسائل التي تراجعت كثيرا في استقطاب فئة الشباب على الخصوص».
وأضاف أن مواجهة هذه الأخبار الكاذبة من حيث المحتوى لا تنحصر في شبكة التواصل الاجتماعي ولكن تكمن في مقاربة متجددة للإعلام في وسائل الاتصال التقليدية التي تعد بامتياز المنتج المهني والأخلاقي للمعلومة الرسمية، المسؤولة والموثوقة والتي يجب أن تعطي للمحتوى الإعلامي أو الإخباري عوامل بث أكثر نجاعة وتحيينا تسمح من خلال نوعيتها وحجمها من ضمان حضور أكثر أهمية لهذه الوسائل على الشبكة».
كما يمكن لوسائل الإعلام التقليدية القيام بـ»عملية اتصال واسعة الانتشار باتجاه مختلف الأجيال والفئات بما فيها الوسط التربوي، من شأنها توعية المواطنين بخطورة الأخبار الكاذبة وما تنطوي عليه من خداع ومكر كما تقدم المؤشرات المساعدة على التعرف على هذه الأخبار».
وفي هذا الإطار دعا الوزير إلى «الاستفادة من التجارب الحاصلة من أجل وضع ترسانة تشريعية مكيفة من شأنها التصدي لهذه الممارسة التي تسببت في تغيير مسارات سياسية حاسمة وفي ضرب استقرار بعض الدول»
كما أكد رابحي، أن الأخبار الكاذبة تشكل «تهديدا عندما تمتد ممارستها إلى حد تقرير مصير الانتخابات والمترشحين مؤثرة بذلك على الرأي العام وموجهة للتصورات ومحولة للتوجهات إلى غاية مصادرة الإرادة الشعبية عن طريق التضليل»، كما أنها «تهدد النقاش العام وتمنع في بعض الأحيان من إجراء حوار متوازن بين الأطراف غير المتوافقة بل إنها تعيق الممارسة السليمة لحرية التعبير» ، مضيفا أن هذه النوعية من الأخبار «لا تخدم سوى صناعها الذين يستعملونها لأغراض الدعاية السياسية أو الانتخابية وأحيانا لأغراض مالية محضة، من خلال الزخم الإشهاري وما يخلفه من متابعة ومشاهدة وتقاسم للأخبار، وهو ما يعطيها مستوى عال من التنافسية كمنتوج إعلامي يشجع على بروز سوق جديدة للإعلام على شبكات التواصل الاجتماعي».
ومن جانب آخر، أكد وزير الاتصال، أن النصوص القانونية المتعلقة بقطاع الاعلام والاتصال، والتي هي قيد الدراسة، ترقى إلى «مستوى تطلعات منتسبي القطاع وتستجيب لطموحاتهم».
وأفاد الوزير، أن الوزارة «وفي إطار سعيها للارتقاء بقطاع الاعلام، بصدد تحضير جملة من النصوص المتصلة بكل الجوانب التي تهم القطاع وهي لا تزال قيد الدراسة في إطار تشاوري يحضره ممثلو العديد من الوزارات وسيتم اعتمادها قبل عرضها على البرلمان»، مضيفا في هذا السياق أن هذه النصوص «تستمد قوتها من مختلف المقترحات التي توصلنا إليها من خلال اللقاءات التي عقدناها مع منتسبي قطاع الإعلام العمومي والخاص» كما تستمد قوتها «مما توصلنا إليه من اقتراحات مكتوبة بعثت بها إلى الوزارة بعض المؤسسات الإعلامية وكذلك عدد من الصحفيين».
وأوضح رابحي أن الوزارة «اعتمدت أسلوب التشاور والحوار الذي تم إقراره»، مبرزا في السياق ذاته أن «القوانين ترقى إلى ما يتطلع إليه كل منتسبي قطاع الاعلام من حقوق لهم وواجبات المؤسسات التي تستخدمهم، كما تراعي آداب وأخلاقيات المهنة بشكل يمكن من إيصال المعلومة دون زيف».
واعتبر الوزير أن «المعلومات المغلوطة تجر المجتمعات إلى ما لا يحمد عقباه»، داعيا الصحفيين والمواطنين على حد سواء إلى «التصدي لهذه المعلومات المغرضة لأنها تضر بمصلحة البلاد» .
وكشف أن من بين النصوص التي عرضتها الوزارة على الحكومة، يوجد مشروع قانون «يتولى التكفل بالمواقع الإلكترونية التي لا تحكمها ضوابط»، معربا عن أمله في أن يضع منتسبو القطاع «المصلحة العليا للوطن نصب أعينهم مع ضرورة اعتماد الخطاب الصادق والمسؤول»، خاصة -كما قال- وأن استقرار الجزائر «مسؤولية الجميع» .
وأوضح أن «الدول الأجنبية والملاحظين الأجانب يقرون بوجود صحافة حرة في الجزائر، ولكن من منظور المنطق، من واجب الدولة حماية الوطن والتصدي لكل ما يمس بالمصلحة العليا للبلاد»، معتبرا أن «الظروف التي تعيشها الجزائر تستدعي منا جميعا أن نتعاطى معها بروح مسؤولية عالية».
وأضاف في ذات السياق أن الوزارة «على دراية بمن يسعون للمساس باستقرار البلاد وقامت بدعوتهم من أجل الالتزام بالخطاب المسؤول».
ومن جهة أخرى، أشاد رابحي بدور الصحافة الوطنية في التعاطي مع المرحلة التي تمر بها الجزائر، داعيا إياها إلى «التحلي بالمسؤولية في تغطية الاستحقاق الرئاسي القادم الذي هو المخرج الوحيد للبلاد».
ومن جانب أخر، تطرق وزير الاتصال إلى الجدل الذي صاحب الإعلان عن قانون المحروقات الجديد، معتبرا أنه «تم تناول نص القانون من جميع الجوانب مع الأخذ برأي المختصين مع مراعاة مصلحة الوطن».
وذكر أن القانون «لا يزال قيد الدراسة وتم إعداده من خلال اعتماد ما يصب في مصلحة الوطن، كما تم توسيع المشورة إلى كل من لديه معرفة وخبرة في هذا المجال، في انتظار أن يتم عرضه على البرلمان».
وفي رده عن سؤال حول شعار «الكتاب قارة» الذي اعتمد للطبعة ال24 للصالون الدولي للكتاب، المزمع تنظيمه من 30 أكتوبر الجاري إلى 9 نوفمبر القادم، والذي اعتبره البعض «لا يعكس توجهات المرحلة الحالية»، أكد رابحي، بصفته وزيرا للثقافة بالنيابة، أنه «بالنظر إلى عدد الدول المشاركة وعدد الكتب المعروضة، فإن هذا الصالون يعلو إلى مقام القارة وقد تم إقرار هذا الشعار بما من شأنه أن يعكس توقعات الزوار والمهتمين بهذا المجال».من جانب آخر نفى وزير الاتصال ، « ضم قنوات خاصة إلى التلفزيون العمومي».
كما تطرق الوزير، إلى الاحتفال باليوم الوطني للصحافة اليوم مشيرا إلى إقرار الدولة لجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف بحيث سيتم توزيع جوائز على الفائزين في هذه المنافسة الإعلامية والثقافية اليوم، موضحا بأن موضوعها هو «فضائل الحوار لأن الفترة التي تعيشها البلاد تقتضي منا أن نصل إلى كل الحلول عبر الحوار» ..
مراد - ح
أزمة اقتصادية خانقة وتنافس تكنولوجي رهيب
الصحافة الوطنية أمام رهان الاستمرارية في الوجود
تحيي الصحافة الوطنية مرة أخرى "اليوم الوطني للصحافة" المصادف للثاني والعشرين أكتوبر من كل سنة بعد إقراره بصفة رسمية منذ سنة 2015، وهي على عتبة تحديات كبيرة ترتبط بصورة أساسية بمستقبلها وباستمراريتها في الوجود.
وإذا كان التركيز على التمسك بالمهنية، والالتزام بأخلاقيات و آداب الصحافة والإعلام، قد أخذ حيزا كبيرا من توصيات المسؤولين والمهنيين والمشتغلين في الحقل الإعلامي في السنوات الأخيرة لما لها من أهمية في ضمان معلومة صحيحة ونزيهة للمواطن، فإن تحديات أخرى لا تقل حدة وخطورة تقف اليوم في وجه الصحافة الوطنية عموما بمختلف أنواعها وأشكالها وتوجهاتها.
ولا يخفى اليوم على أحد أن الأزمة الاقتصادية العامة التي دخلتها البلاد منذ سنة 2014 قد أثرت وبشكل كبير على وسائل الإعلام الوطنية العمومية و الخاصة والمكتوبة والسمعية البصرية، ولم تستثن هذه الأزمة أي منها، ولا يحتاج من يريد التأكيد على ذلك إلى عناء كبير ليقف على حجم المعاناة المادية التي تعيشها أغلب المؤسسات الإعلامية الوطنية بصورة عامة.
وقد أنعكس ذلك على الوضع العام للصحفيين والعاملين بقطاع الإعلام، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى التأثير على نوعية المادة الإعلامية التي يقدمها هؤلاء للمواطن.
ومن هذا المنطلق فإن التحدي الاقتصادي، أو تحدي التمويل يطرح نفسه اليوم بحدة على الصحافة الوطنية كواحد من أهم التحديات التي ترتبط بمستقبل المهنة وبوجودها في آخر المطاف، وإذا كانت الدولة بمختلف مؤسساتها قد أكدت في أكثر من مناسبة أنها لن تذخر أي جهد لتقديم المساعدة المطلوبة للصحافة الوطنية ووسائل الإعلام المختلفة وفق الإمكانيات المتاحة، فإن هذا الموضوع يستوجب أن يستنفر العالمين بقطاع الإعلام قبل غيرهم، لأن الأمر يتعلق بكل بساطة بمستقبلهم ومستقبل المهنة.
وعليه فإن الصحافة الوطنية اليوم يمكنها الاستلهام من التجارب السابقة التي عاشتها الصحافة في بلدان أخرى من العالمين المتطور والموازي لنا كي تبحث عن الحلول الناجعة والمفيدة والمناسبة لحل هذا المشكل الاقتصادي والمادي بصورة أساسية، وهناك تجارب لصحف عالمية كبرى وقعت في نفس المربع وتمكنت في النهاية من تجاوزه سواء بعقد شراكات مع مؤسسات أخرى اقتصادية ومالية، أو بالبحث عن طرق وبدائل أخرى لتسويق منتجاتها الإعلامية بما يعود عليها في آخر المطاف بالفائدة التي ستمكنها من الاستمرار.
وبما أن الصحافة الجزائرية تعاني اليوم من هذا المشكل فإن اللجوء إلى السوق الوطنية بمختلف تشعباتها وإلى الإمكانات التي تزخر بها البلاد في كل القطاعات قد يمكن المشتغلين بالصحافة من تجاوز هذا السيف المسلط عليهم منذ بداية الأزمة.
وفضلا عن التحدي الاقتصادي أو المادي فإن وسائل الإعلام الوطنية وعلى الرغم من تمكنها من وسائل الإعلام والاتصال المتطورة والحديثة وسعيها المتواصل نحو التكنولوجيا الحديثة في مجال الإعلام والاتصال إلا أنها تبقى دون المستوى المطلوب بالنظر للإمكانات التي تتوفر عليها البلاد في جميع المجالات وبالنظر لما هو موجود ومستعمل في بدان أخرى، وأيضا بالنظر لقربها من مراكز اقتصادية وتقنية عالية خاصة في أوربا، وأيضا لحجم المعلومات المتداولة في البلاد عموما.
ومن هنا يتضح أن وسائل الإعلام الوطنية وبغض النظر عن طبيعتها تبقى مدعوة اليوم لأن تستثمر أكثر في مجال استعمال التكنولوجيات الحديثة في ميدان الاتصال والإعلام، لأن المستعمل حاليا لا يستجيب لحجم وطبيعة المعلومات المتوفرة في البلاد، ولا لحجم تطلعات سكانها وبخاصة شبابها ولا لما يتطلبه المستقبل المنظور في هذا الصدد.
ولا يمكن لأحد اليوم أن ينكر أن وسائط التواصل الاجتماعي تتفوق في بعض الأحيان على وسائل الإعلام العادية عندنا في نقل المعلومات و تقديمها بالطريقة اللازمة وفي الوقت المناسب، على الرغم من كون هذه الوسائط غير ذات مصداقية كبيرة بالنسبة للرأي العام وللمستغلين في مجال الإعلام ولا تلتزم دائما بشروط المهنية والمصداقية المطلوبة.
وفي وقت السرعة وشبكات التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة جدا في نقل المعلومة والصورة فإن على القائمين على وسائل الإعلام الاستثمار أكثر في هذا المجال لأنه هو الضامن الرئيس لبقاء أي وسيلة إعلامية في المستقبل، كون المنافسة كبيرة وحادة ولا ندري كيف ستكون طبيعتها في وقت قصير فقط.
إلياس -ب
الصحفي والأستاذ الجامعي الدكتور عبد الكريم تفرقنيت في حوار للنصر
يجــب وضــــع ميكانيـــزمـــات للحـــــد مــــن التجــاوزات التـــي تــرتكبــــها مــــواقـــع التــــواصـــل الاجتمـــاعي
* قوة مواقع التواصل في الهويات المجهولة * التشريعات العالمية بدأت تتوجه نحو ردع الإساءات التي تحملها هذه المواقع
النصر: برزت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لافت في الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر، وينظر لها البعض على أنها أصبحت بديلا للإعلام التقليدي، كيف تقيم تعاطي هذه المواقع مع الحراك؟
تفرقنيت: اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بما يحدث في الجزائر لم يكن وليد اليوم أو الظرف الحالي، بل وليد عدة سنوات، تم رصده من طرف الباحثين ( كنت من بين الباحثين في ميدان الإعلام الذين رصدوا حركة الفايسبوك، وعملت عليها دراسات عديدة) وبدأ الاهتمام بالمواقع خاصة الفايسبوك واليوتيوب منذ 2009، بمناسبة العهدة الثالثة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث شكلت مجموعات أصدقاء المواقع وشبكة الفايسبوك مع العهدة الثالثة، تضم مجموعة من الصحفيين والكتاب والسياسيين في مواقع التواصل الاجتماعي، كما شكلت أيضا بداية المعارضة الالكترونية، وظهرت مجموعات ضد العهدة الثالثة في سنة 2009.
* حاوره: نورالدين عراب
ومرت حركة الفايسبوك مع تطور المجتمع الجزائري وارتفاع مستخدمي هذه الشبكة بفعل التدفق العالي للانترنت، وظهرت الاحتجاجات في الفايسبوك حول القضايا الوطنية مثل احتجاجات 2011 حول الزيت والسكر، وقد نقل اليوتيوب والفايسبوك مسيرات وعمليات كانت عنيفة، واستمرت نشاطات مستخدمي الفايسبوك مع ظهور كل أزمة سياسية أو حركية، مثلا حكومة سلال تم الإعلان عن تعيين العديد من الوزراء فيها عبر الفايسبوك، وذلك عن طريق صحفيين كانوا يستخدمون هذه الوسيلة وسربوا المعلومات، وبهذا العمل السياسي في الفايسبوك بدأ في 2009، لكن بالنسبة للحراك ظهر في الفايسبوك تجنيد وتعبئة للمواطنين والخروج في الأيام الأولى، وكانت صفحات الفايسبوك وبعض الناشطين يدعون لمواعيد معينة ورفع شعارات، والتعليق على ما يجري في الحراك، ونشر صور وفيديوهات، وتصريحات وغيرها، وظهرت بصمة الفايسبوك في هذا الحراك بصفة أكبر مما سبق.
nالنصر: هل يمكن اعتبار أن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت فعلا إلى إعلام بديل، وتنقل بالصورة والصوت ما يجري من أحداث؟
تفرقنيت: هذا السؤال طرح في دول سبقتنا في هذا المجال، في الجانب النظري مواقع التواصل الاجتماعي سميت بناء على ما ينشر فيها بصحافة المواطن أو إعلام المواطن، ظهرت بدايته في تسونامي أحداث11سبتمبر 2001في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن هناك هواة استعملوا الفيديوهات ونشروا آنذاك هذه الأحداث، ومنذ ذلك الوقت بدأ المواطن ينقل الأحداث الجارية في قريته وبلدته عن طريق الهاتف والكاميرا والانترنت، وبثت تلك الأحداث والمسيرات، والفيضانات والاحتجاجات والاعتداءات، وبثتها بصورة فورية عبر الانترنت، في الأول لم يكن الفايسبوك وكانت المواقع الالكترونية فقط، لكن بعد 2004و2005، بدأ الفايسبوك ينتشر عربيا، وبدأ في مصر في سنة 2008في احتجاجات المحلة ضد الرئيس السابق حسني مبارك، وفي الجزائر ظهر تقريبا في نفس التوقيت أي في2009، واستعملت هذه الوسيلة التي كانت تسمى بصحافة المواطن أو إعلام بديل، ثم جاءت تسمية أخرى أطلق عليها إعلام جديد، والتسمية الموجودة الآن هي وسائط الاتصال الجديدة أو السوشيال ميديا، أو الميديا الاجتماعية التي تعني مواقع التواصل الاجتماعي، والجدل يدور حول ما إذا كانت بديلا للإعلام الكلاسيكي الموجود( الإذاعة، التلفزيون، الجرائد، والصحافة الالكترونية) والسؤال الجوهري، هل هي إعلام أم أنها عملية اتصال؟، هل ما ينشر في هذه المواقع هو إعلام؟
نحن نعرف أن الإعلام أو الصحافة لها قواعدها وأخلاقياتها وقوانينها، سواء في التحرير أو القوانين أو المحترفين، وهل في مواقع التواصل الاجتماعي توجد مثل هذه الأشياء؟ هل توجد صحافة بالمفهوم الكلاسيكي لها؟ أي الصحافة التي تبنى على قواعد قانونية وأخلاقية هل المعلومة التي تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي هي حقيقية دائما، أم أنها في غالب الأحيان مضللة؟ كما خرجت تسمية جديدة تسمى »الفايك نيوز» وهي المعلومات المضللة المشبوهة الخاطئة.
مواقع التواصل الاجتماعي هناك شبه استقرار على أنها عملية اتصال وليست عملية إعلام، وبذلك فهي لم تكن بديلا، وليست إعلاما جديدا، وإنما هي إعلام الكتروني يواكب هذه الأحداث، وبفضلها يكون هامش حرية كبير جدا، لأنه لا يوجد في هذه المواقع لا رقيب ولا حسيب، لا يوجد حراس بوابة، لا يوجد رؤساء تحرير، وبدأ الإشهار يدخل في هذه المواقع لتمرير رسالة تسويقية، ولكنها لا تتحكم في هذا الإعلام مثلما تتحكم في الإعلام الكلاسيكي.
هذا الطرح على أنها إعلام بديل أو إعلام جديد بدأ يضمحل، لأن الإعلام القديم أو الكلاسيكي لا يزال موجودا، الإذاعة لا تزال موجودة، والتلفزيون موجود، وبالنسبة للصحافة الالكترونية فهي تأخذ جزءا من الإعلام الالكتروني، ولكن الجرائد الالكترونية غير الفايسبوك، الجريدة الالكترونية لها رئيس تحرير، ومسؤول وطاقم صحفي، في حين الفايسبوك يستعمل كفضاء لحرية التعبير، استعملت من قبل في فرنسا لما تمت مناقشة الاستفتاء المتعلق ببقاء فرنسا في الاتحاد الأوربي أو خروجها منه، العملية تم التعتيم عليها، وغلق وسائل الإعلام سواء عمومية أو خاصة، لكن استمر النقاش حول الاستفتاء في مواقع التواصل الاجتماعي، وبهذا فإن القضايا التي لا تجد هامشا كبيرا لها في وسائل الإعلام الكلاسيكية سواء عمومية أو خاصة تتلقفها مواقع التواصل الاجتماعي وتنشرها وتبثها، وأصبحت هذه المواقع منافسة للإعلام الكلاسيكي، خاصة بالنسبة للقضايا التي يتم التعتيم عليها، والقضايا التي لا يتم التطرق إليها في وسائل الإعلام الكلاسيكية نجد المواطنين ينشرونها في الفايسبوك أو غيره لأن هذه الوسائل الأخيرة تتمتع بحرية التعبير .
nالنصر: شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشر بعض المضامين التي تثير فتنة وتضر بالوحدة الوطنية، ألا ترى بأنه حان الوقت لوضع آليات قانونية تضبط النشر في هذه المواقع؟
تفرقنيت:بطبيعة الحال هذه المواقع أصبحت الآن مستعملة ومنتشرة في كل العالم، هي وسيلة لتطبيق خطاب المواطنين، وتتميز بحرية تعبير كبيرة جدا، بعضها « فايك نيوز» بعضها تنشر تجاوزات كالإشادة بالإرهاب أو بالقتل، هنا بدأ الضمير الخلقي في العالم يحاول وضع بعض الأسس والميكانيزمات والآليات القانونية لهذه المواقع، وتوجد بعض الدول بدأت تضع قوانين للإعلام الالكتروني والمواقع الالكترونية عموما، لكن هذه المسألة مازالت لم تتكرس في الدول العربية باستثناء أعتقد دولة عربية وحيدة، وباقي الدول ومنها الجزائر التي سمعنا فيها حديثا عن وضع قانون للإعلام الالكتروني يشمل الجرائد الالكترونية والمواقع، ويشمل أيضا مواقع التواصل الاجتماعي، والملاحظ غياب قوانين سواء دولية أو عربية أيضا تمس أخلاقيات هذه المواقع التي كما هو معروف يضعها مجموعة من الصحفيين أو النقابات أو غيرها وتعد بمثابة مواثيق شرف، لكن وامام اتساع رقعة مستخدمي الفايسبوك وغيرها برزت محاولات لم تثمر، وأيضا من المميزات التي تتميز بها هذه المواقع ربما هي قوتها المتمثلة في الهويات المجهولة، والأسماء المستعارة، لأن المواطنين يعبرون بحرية ولا يخشون السلطة السياسية عندما ينشرون بهويات مجهولة ليست معروفة لا يوجد فيه اسم ولقب حقيقي، طبعا هناك من يكتبون بأسمائهم الحقيقية، لكن الكثير يكتبون بأسماء مجهولة، وهناك بعض الدراسات تقول قوة هذه المواقع في كون أن حرية التعبير في الهوية المجهولة، والهوية المجهولة تساوي حرية التعبير .
لكن الآن بدأت تنبه أو تحذر بعض الدول خاصة بالنسبة للسلطات التشريعية، مثلا في البرلمان البريطاني طرحت فكرة الأخلاقيات والتجاوزات التي نتجت عن مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية عموما، وانتهكت حق المواطن، وربما وضعت بعض الميكانيزمات لذلك، وفي ألمانيا نفس الشيء، التشريع الألماني يجرم من يتهم أشخاصا بتهم غير حقيقية، هنا تحركت السلطات التشريعية في هذه الدول لوضع بعض الميكانيزمات لأجل تحديد أو على الأقل التخفيف من التجاوزات التي ترتكبها هذه المواقع، لأن هذه المواقع ليست نعمة كلها، فهي نعمة ونقمة، فيها السيئ وفيها الإيجابي، ولذا ينبغي المحافظة على الإيجابي وكبح السيئ.
nالنصر: لنعد للحديث عن الإعلام التقليدي، كيف تقيم تعامله مع الحراك الشعبي؟
تفرقنيت:هنا يمكن التمييز ما بين الإعلام التقليدي العمومي والخاص، كما يمكن التمييز بين قطاع السمعي البصري والصحافة المكتوبة، توجد فروق في التناول ومعالجة هذا الحراك، ما يمكن قوله هو أن عملية التغطية أو متابعة وسائل الإعلام الجزائرية سواء أكانت عمومية أو خاصة للحراك كانت عبر مراحل.
نلاحظ في اليوم الأول للحراك وحتى الساعة السادسة مساء لم تكن أية معلومة في الإعلام الجزائري الكلاسيكي على الحراك، رغم أن هذه الجرائد والمواقع كانت موجودة في شارع ديدوش مراد على مقربة أمتار من المسيرات التي نظمت في ذلك اليوم، وعلى الساعة السادسة مساء أعتقد بدأت بعض القنوات تتحدث عن الحراك باحتشام في موائد مستديرة، وهناك تردد وتأخر في نقل المعلومة، وهذا التأخر في الإعلام يعني الكثير، والسبق الصحفي وتغطية الأحداث يكون في دقائق، لكن بعد 08 ساعات يتم الحديث عن الحراك يعني أن الإعلام الجزائري سواء خاصا أو عموميا مرتبط بسلوكيات وميكانيزمات مرتبطة بالسلطة السياسية وبالممولين ومرتبط بعادات معينة.
بعد ذلك تم تغطية الحراك، حتى من طرف وسائل الإعلام الحكومية التي فتحت في البداية المجال للمسيرات، والجرائد تحدثت عن المسيرات والمطالب المشروعة، لكن أعتقد بعد الجمعة17 بدأ العد في التراجع عن هذه التغطيات، بدأت التلفزيونات الحكومية والجرائد الحكومية تقلص من التغطية، وبقيت القنوات الخاصة تغطي نوعا ما باحتشام، و بهذا يمكن تقسيم تغطية الإعلام للحراك عبر مراحل، هي مرحلة اليوم الأول، ثم التغطية العادية في المرحلة الثانية ثم التراجع في المرحلة الثالثة للقطاعين العمومي والخاص، والآن أصبحت المسيرات لا تبث في القطاع الخاص والعام، ولا تهتم بها الجرائد بعد أن كانت تحتل الصفحة الأولى، وأصبحت أغلب الجرائد تخصص لها عنوانا صغيرا في الصفحة الأولى أو بعض التغطيات في الصفحات الداخلية .
هذا يعني أن الإعلام الجزائري مر في تعامله مع الحراك عبر مراحل، وذلك حسب الخط الافتتاحي للجريدة وعلاقته بالسلطة، وحسب تطور الحراك، لأن هذا الأخير تطور أيضا في مطالبه وتنوعه في وجود بعض الشعارات المشروعة وشعارات أخرى رفعت من بعض الذين حاولوا اختراق الحراك بشعارات تدعو إلى التفرقة، وإذا استطاع الحراك أن يحررنا من العصابة والفساد السياسي والمالي، فإنه ينبغي عليه الآن أن يحررنا من الأفكار العرقية والجهوية، ومن الأفكار التي تقسم البلد مثلما حررت ثورة التحرير البلاد من الاستعمار، أو مثلما حررت انتفاضة أكتوبر السلطة والنظام من الجماعات الضاغطة التي كانت موجودة كما انبثقت من هذه الانتفاضة التعددية السياسية والإعلامية. ولا نترك الفرصة للذين يريدون أن يزرعوا الفتنة والتفرقة ويعودون بنا إلى العرقية التي هي أصلا فكرة استعمارية.
إذن الإعلام الجزائري، وكما نعرف دائما هو إعلام هش يشكو من الإشهار وهذه نقطة حساسة جدا، ولا توجد قوانين حتى الآن بالنسبة للسمعي البصري، لا توجد قنوات جزائرية، وبالنسبة للصحافة المكتوبة لا توجد سلطة ضبط، ولا توجد هيئات تشرف أو تنظم الصحافة المكتوبة، لحد الآن لا توجد سلطة ضبط للصحافة المكتوبة، على الرغم من أن قانون الإعلام ينص عليها، لا توجد مجالس لأخلاقيات المهنة، رغم أن قانون الإعلام لسنة 2012 يقول بضرورة أن تكون مجالس أخلاقية، وتوجد سلطة ضبط السمعي البصري، ولكن تبدو أنها « نائمة» تصدر بيانا في مدة06أشهر، وقطاع السمعي البصري يبدو أنه في وضع هش نظرا لعدم وجود قوانين تحميه وتنظمه، عدم وضوح مصادر التمويل، عدم وجود علاقات داخل المؤسسات نفسها، لا توجد اتفاقيات جماعية، ولا توجد نقابات للصحفيين، كل هذه الأشياء جعلت من الإعلام الجزائري جريئا في بعض الأحيان، ولكنه مقيد بالظروف والإشهار والظروف السياسية، وبالتالي لا يمكن أن يرتقي إلا في حالة إذا ما تمت إعادة النظر في ما هو موجود الآن، وتم فتح المجال من جديد وإعادة بث روح جديدة للصحفيين والإعلام بصفة عامة.
ن ع