اعترفت أمهاتهم بأن مسؤولية التكفل بهم و رعايتهم و متابعتهم على مدار 24 ساعة يوميا بين أربعة جدران، إلى جانب مهامهن الأخرى كربات بيوت، أثقلت كاهلهن، و لم تخف بعضهن بأنهن تحت وطأة القلق و التوتر و كل المشاعر السلبية التي تهيمن عليهن في ظل الحجر الصحي و الخوف من عدوى كوفيد 19 و تعب الصيام، تجعل أعصابهن تفلت منهن أكثر من أي وقت مضى، فيعنفن أبناءهن المصابين بإعاقة عقلية، و يلجأن أحيانا إلى ربطهم في مقعد أو سرير أو تكبيل أيديهم، لمنعهم من إيذاء أنفسهم أو غيرهم و تكسير الأواني و الأثاث أو مغادرة البيت، كما قالت عديد أمهات هذه الشريحة من الأطفال للأخصائيين و النصر، ضاربات عرض الحائط حقوق الانسان و قانون حماية الطفل.
ملف من اعداد /إلهام طالب
المتحدثات أجمعن بأن الغلق المبكر لدور الحضانة و الأقسام المدمجة و المراكز النفسية البيداغوجية و تعليق الجمعيات لنشاطاتها، و غلق الغالبية العظمى من العيادات الطبية، أدى إلى تفاقم الوضع و مضاعفة معاناة أبنائهن و معاناتهن بين أربعة جدران.
أسر عديدة تضم اليوم أطفالا يعانون من نقص نسبة الذكاء عن المعدل الطبيعي، أو عدم اكتمال نمو الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى عدم قدرتهم على التكيف مع الذات و مع المحيط، حيث تعرف منظمة الصحة العالمية الإعاقة العقلية عموما، بأنها حالة من توقف النمو الذهني أو عدم اكتماله، يتميز بشكل خاص باختلال في المهارات يظهر أثناء دورة النمو و يؤثر على المستوى العام للذكاء، أي القدرات المعرفية و اللغوية و الحركية و الاجتماعية و قد يحدث التخلف، مع أو دون اضطراب نفسي أو جسمي آخر، لكن كل المعاقين عقليا معرضون للإصابة بكل أنواع الاضطرابات النفسية.
و بما أن عديد العائلات يعاني أبناؤها من تخلف ذهني خفيف أو متوسط، فقد كانت مراكز أو أقسام مدمجة في المؤسسات التربوية أو في الجمعيات، تخفف عنها الحمل و تضمن لهم التكفل النفسي و الأرطوفوني و التربوي ـ البيداغوجي من أجل إدماجهم في المجتمع، لكن بسبب الحجر الصحي الوقائي من الجائحة، تم غلقها مبكرا، لتمتد عطلتها من الربيع إلى الخريف المقبل.
و اللافت أن مختلف المواقع و منصات التواصل الاجتماعي و القنوات التليفزيونية، تهتم بالأطفال «الأصحاء» و تقدم إرشادات و توجيهات لأوليائهم لمساعدتهم على الدراسة و المراجعة و استثمار أوقات الفراغ في ممارسة نشاطات و ألعاب ترفيهية مفيدة، في حين تبقى شريحة ذوي الصعوبات أو الاحتياجات الخاصة مهمشة، منسية، و تتزايد كل يوم معاناتها و معاناة ذويها، خاصة الأمهات.
أمهات يواجهن إعاقة أبنائهن بالعنف
«تعبت ..لا يكلف الله نفسا إلا وسعها..»هكذا بدأت أم صهيب حديثها إلينا، قبل أن تغلبها دموعها، مشيرة إلى أنها أم لثلاثة أبناء، شاء القدر أن يكون أصغرهم مصاب بتريزوميا 21، و عمره 12 عاما، و كان يتم التكفل به من قبل مختصين بالمركز النفسي البيداغوجي بالمدينة الجديدة علي منجلي في قسنطينة، و يعود إلى البيت كل يوم بمعنويات مرتفعة، على حد قولها، لكن منذ شهرين تم غلق المركز في إطار إجراءات الحجر الصحي، فتغيرت يوميات الصغير و وجد نفسه بين أربعة جدران في شقة ضيقة، لا يستطيع الخروج للعب مع شقيقه و لا مرافقة والدته إلى السوق أو والده للتنزه كالعادة، خشية عدوى كورونا..
و أضافت المتحدثة بأن ابنها يقضي جل وقته في مشاهدة التليفزيون أو اللعب، لكنه يصاب بنوبات انفعالية متكررة، أكثر من أي وقت مضى، و يصبح عدوانيا، يصرخ و يبكي و يضرب كل من يقترب منه، ما جعلها عندما تفشل في تهدئته تضطر لربطه في سريره، و هي تبكي، حتى يعود والده، مضيفة بأنها تشعر بتأنيب الضمير، لكنها مضطرة لذلك، على حد قولها.
أما السيدة راضية، 55 عاما، فقالت أن ابنيها ، 15 و 13عاما على التوالي، معاقان عقليا و قد تشاجرا مؤخرا و كاد، على حد قولها، أحدهما أن يقتل الآخر، لولا تدخلها هي و أختهما الكبرى، مؤكدة أنها تعاني من عدة أمراض مزمنة و من انهيار عصبي شديد، و لم تعد تستطيع التكفل بهما، خاصة و أنهما عاجزان عن أبسط الأمور كالأكل و الشرب و النظافة، و تنتباهما نوبات انفعال و عنف، فيضربان بعضهما و كل من حولهما، مشيرة إلى أن كل المراكز التي قصدتها رفضت التكفل بهما، ما جعلها تعيش في جحيم حقيقي، تضاعف مع ظروف الحجر و غلق عيادة طبيبهما المعالج و تدهور حالتها الصحية و العصبية، حسبها. أما زوجها فلا يساعدها في رعايتهما، و يحملها مسؤوليتهما كاملة، و يكتفي بتلبية احتياجات الأسرة المادية، و يساعدها أحيانا في ربطهما في سريريهما حتى ينامان و لا يزعجانه، كما أكدت بنبرة حسرة و ألم.
بينما اكتفت السيدة سعاد بالقول أنها تضطر لتعنيف و تكبيل ابنها، 13عاما، المتخلف ذهنيا و المصاب بالصرع، لحمايته و ليس لتعذيبه، عندما تعجز عن منعه من الخروج من البيت، لأنه يتعرض هناك لمختلف الاعتداءات، فتتدهور حالته.
أوفر لابني كل ما يحتاجه ليشعر بالراحة و السكينة
أما الأستاذة المتقاعدة و الأديبة جميلة بومعالي، رئيسة جمعية مرافقة أم المعاق و ذوي الاحتياجات الخاصة بميلة، فقالت لنا بأنها أم لخمسة أبناء، من بينهم لقمان المصاب بمتلازمة داون، و تحاول قدر الإمكان أن تحافظ على نفس نمط حياة و عادات ابنها قبل الحجر الصحي، لأنه، على حد تعبيرها، كجهاز سكانير، يلتقط كل شعور بالقلق و التوتر و المرض من عينيها، و تنتقل العدوى بسرعة إليه، و هذا ما تحرص على تجنبه قدر الإمكان، بنشرها الطاقة الإيجابية و أجواء الانشراح و المرح بين أفراد أسرتها، مشيرة إلى أنها دربت ابنها منذ الصغر الاعتماد على نفسه في تلبية احتياجاته كالأكل و الشرب و النظافة و ترتيب فراشه و ملابسه، و الشيء الوحيد الذي لم يستطع تعلمه، كما قالت، رغم أنه كان مسجلا في مركز نفسي بيداغوجي، هو القراءة و الكتابة، كما أنه يعاني من اضطرابات في النطق و يغضب و يصاب بنوبات انفعالية شديدة قد تدوم ساعتين عندما لا تفهم ما يريد قوله. و أضافت أم لقمان أنها خلال فترة الحجر توفر لابنها الهدوء الذي يطلبه و ترافقه إلى ساحة منزلها ليمارس هوايته المفضلة و هي كرة القدم، كما أنه يحب الموسيقى و الرقص.
- الأخصائية النفسانية سليمة مزدور سودوس: الحجر الصحي ضاعف معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة و أوليائهم
«تعاني فئة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الصعوبات، من المزيد من التهميش خلال فترة الحجر الصحي، رغم صعوبة هذه الفترة بالنسبة لها و لأوليائها، ففي الوقت الذي تخصص مواقع التواصل فيديوهات و القنوات التلفزيونية برامج ينشطها مختصون لتشجيع الأطفال الأصحاء على استغلال وقتهم في الدراسة و المطالعة و ممارسة هوايات مسلية و ارشادهم و توجيههم، هم و ذويهم، لتحقيق أفضل النتائج، لا توجد جهة تهتم بذوي الصعوبات من البراعم، على غرار المعاقين عقليا الذين يعاني الكثير منهم من صعوبات في النطق و الكلام أو الحركة و المشي. كأخصائية نفسانية عيادية أحمل خبرة ربع قرن في التكفل بهذه الشريحة الهشة، تتصل بي الكثير من الأمهات للاستشارة و طلب المساعدة و التوجيه، و معظمهن في حالة يرثى لها من الحيرة و القلق و الإحباط، لأن أزواجهن لا يساعدنهن في رعاية هؤلاء الأبناء و «استقالوا» تماما من مسؤوليتهم إزاءهم. كما تعاني العديد منهن من ضيق السكن و ظروف مادية صعبة.
و قالت لي إحداهن أنها تحولت إلى ضحية عنف زوجي خلال الشهر الفضيل الذي تزامن مع الحجر الصحي، فابنها المتخلف ذهنيا مصاب أيضا بالصرع، و كلما أصيب بنوبة، تضطر للبقاء إلى جانبه بغرفته، حتى تنتهي، كما أوصاها طبيبه، و إذا طالت مدة النوبات و تأخرت في إعداد وجبة الإفطار، يشبعها زوجها لكما و لطما.. كما اعترفت بعض الأمهات بأنهن يضطررن أحيانا لتكبيل أو ربط أبنائهن الذين يعانون من فرط الحركة أو النزعة العدوانية، و نوبات الغضب و العنف الكاسح، و قالت إحداهن و هي تبكي بأن ابنها البالغ من العمر 14 عاما، المصاب بتريزوميا 21 ، أراد أن يخرج قبل يومين من البيت، و عندما منعته، تحول إلى وحش كاسر، و فكك الباب و ضربها و كاد أن يقتلها لولا تدخل الجيران، ما جعلها تضاعف جرعة الدواء المهدىء الذي وصفه له الطبيب، و عندما تلاحظ أن مفعوله ضعف تطلب من زوجها و هي تتألم أن يكبله عندما يخرج. أعتقد أن من يحتاج إلى التكفل النفسي في هذه الفترة هم الأولياء ليتمكنوا من التكفل بأبنائهم، بعد أن أغلقت المراكز و المدارس و الجمعيات و حتى عديد العيادات الطبية .
و من غير المقبول أو المعقول تعنيف أو تكبيل الأبناء المعاقين عقليا، لأنهم مهما كانت درجة التخلف الذي يعانون منه، فهم يحسون و يدركون من يسيء معاملتهم و يحتاجون للحب و الحنان. و أدعو الأمهات مهما كان مستواهن التعليمي و الثقافي، إلى البحث عبر شبكة الإنترنت عن فيديوهات سجلها مختصون، تقدم حلولا و توجيهات حول كيفية التكفل بأبنائهن ذوي الاحتياجات الخاصة من مختلف الجوانب، كما تقدم طرق تعليم و تنمية قدرات الطفل الاستيعابية و تقترح عدة نشاطات ترفيهية و ألعاب تناسبه، مع التوجيه و المراقبة. و أنصح الأمهات أيضا بأن يعتمدن على الخيال و الإبداع، فإذا كان الطفل مصاب بالتوحد أو تريزوميا 21 أو أي إعاقة أخرى تجعله يعاني من مشكل في النطق و الكلام، بإمكانها مثلا تعليق فوق الثلاجة صورا للخبز و الماء ومختلف المواد التي قد يحتاجها ابنها، لكي يشير إليها إذا احتاجها، فتقدمها له».
- أخصائي الأمراض العقلية و العصبية و الاستشاري في شؤون الأسرة نصر الدين تيطاح: آباء يعتبرون أبناءهم «عقوبة» و عارا
«توجد عدة أنواع و درجات للإعاقة الذهنية عند الأطفال، و هي ناجمة عن أمراض عضوية ، عصبية أو عقلية و نفسية، و تتطلب الخضوع لعلاج بالأدوية يصفه المختصون بشكل دوري لتخفيف الأعراض و تجنب المضاعفات. و خلال الحجر الصحي لاحظت أن العديد من الأولياء يلجؤون إلى زيادة جرعات الأدوية لهذه الشريحة من الأطفال، اعتقادا منهم أنها ستضمن لهم الهدوء و التوازن و تقيهم من النوبات، و أحذرهم، عبر النصر، من مثل هذه الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى اضطراب عملية الأيض عند الطفل و عدة مشاكل عضوية ، إلى جانب الهيجان، و قد تعرضهم للموت.
إذا لاحظ الأولياء عدم استقرار حالة أبنائهم، أو بروز مشاكل أخرى، فليتصلوا بالطبيب المعالج لاستشارته، مادامت معظم العيادات الخاصة مغلقة، و قد يحدد جرعة أخرى من الدواء و طريقة تناولها، و في الحالات الخطيرة لابد من نقل الابن إلى المستشفى. كما أشدد على ضرورة المعاملة الحسنة للأبناء المعاقين، و تقبلهم كما هم، و فهم احتياجاتهم، لأن هؤلاء الأبناء يحسون و يفهمون و هم بأمس الحاجة للتوازن، سواء في الجانب العلاجي أو العاطفي، و هم أمانة وهبها لهم الله ، عليهم برعايتها على أحسن وجه. و ليتأكد من يلجؤون إلى تعنيف هؤلاء الأبناء الهشين، بأن العنف يبطل مفعول الدواء و يبرز مضاعفات خطيرة.
كطبيب و خبير قضائي تصلني باستمرار معلومات من إخوة أو أقارب معاقين ذهنيا، سواء صغار أو كبار، أو جيرانهم، تفيد أنهم يعيشون في ظروف لا إنسانية، حيث يتم ربط بعضهم بسلاسل حديدية و يضربون و يهانون و لا تتم رعايتهم أو اخضاعهم للعلاج و قواعد النظافة ..و العامل المشترك بين الجميع رفض تبليغ الجهات الرسمية. و أشير هنا إلى أن الأولياء عندما يكتشفون إصابة ابن أو ابنة بإعاقة، يمرون عموما بثلاث مراحل، الأولى مرحلة الأمل و خلالها يتم التركيز على الفحوصات و الاستشارات الطبية و العلاج، و في المرحلة الثانية يتكيفون أو يحاولون التكيف مع حالة فلذة كبدهم، لكن هناك أولياء يمرون إلى المرحلة الثالثة ، و هي النظر إلى الابن أو الابنة ك»شيء غير مقبول» أو «عقوبة» و ليس كإنسان، و يلازمهم الشعور بالنقص و الخجل و عدم تقبله، حتى و إن كانت وضعيتهم المادية جيدة. و العديد من عائلات المعاقين، خاصة عقليا، التي تصرح بموتهم في حوادث متفرقة، لو أجريت بها تحقيقات معمقة، لاتضح أنها ليست حوادث بل جرائم مقنعة، كترك المعاق يسقط من مكان عال دون تدخل لمنعه.
أعتقد أنه من الضروري إخضاع معظم أمهات وآباء ذوي الاحتياجات الخاصة لعلاج نفسي تحسيسي و توعوي، من أجل تقبل وضعهم و التكيف مع واقع أبنائهم، و حثهم على البحث المستمر من أجل تحديد الطرق المثلى لمعاملتهم و مساعدتهم، و بدون هذا العلاج يسقط الكثيرون منهم في قبضة الأمراض النفسية و العصبية تدريجيا، كما أن ظروف الحجر الصحي من المصاعب التي يعيشونها.
- المختصة التربوية نادية بصلي: التدريب عن بعد لكسر حصار الحجر
قالت للنصر المختصة التربوية و المدربة و الأمينة العامة لجمعية أمل تريزوميا 21 أن الجمعية التي فتحت أقساما للتكفل النفسي و التربوي البيداغوجي و الأرطوفوني بالأطفال ابتداء من سن 3 سنوات، و المراهقين المصابين بمتلازمة تريزوميا 21 بمدرسة ابن رشد بالخروب، بإشراف أخصائيين، قررت خلال فترة الحجر الصحي مواصلة مهامها التربوية عبر صفحتها على موقع فايسبوك، في إطار ما يعرف بالتدريب عن بعد، مع مراعاة مستوى و خصائص و قدرات أفواجها الأربعة و المنخرطين في ورشاتها، و تتمنى أن تحذو حذوها بقية الجمعيات بوضع برامج افتراضية للتخفيف من ضغوط الحجر على ذوي الاحتياجات الخاصة و دعمهم .
و أوضحت المتحدثة أن التكوين عن بعد يتم، وفق برنامج بيداغوجي مكيف، حسب قدرات المعنيين و استعداداتهم، و كذا مراكز اهتماماتهم بالاعتماد على منهج منتسوري، و قد حقق ردود أفعال جيدة من قبل الأولياء و الأبناء معا.
و أشارت إلى أن أطفال تريزوميا 21، الذين تعتبرهم أطفال متلازمة الحب و الجمال، اجتماعيين ، ودودين، لطيفين، يحبون المرح و السعادة و الانفتاح على الآخرين، و لا يطيقون المكوث لمدة طويلة في البيت، إذ يربطهم بالجمعية و المربيات رباط عاطفي، و بعدهم الطويل عنها بسبب الحجر الصحي، يسبب لهم القلق و التوتر، و يزيد من معاناة أهلهم، لهذا قررت رئيسة الجمعية مواصلة تدريبهم و لو عبر العالم الافتراضي، مع الأخذ بالاعتبار تعليقات الأولياء التي تعكس انشغالاتهم المختلفة و التكفل بها.
المختصة التربوية شرحت بأن الانطلاقة كانت بخلق أجواء المنافسة بين الأولياء، بنشر صور أبنائهم و هم يتدربون في البيت، و من ينشر أكبر عدد من الصور يحظى أطفاله بهدايا تشجيعية، فاستجاب الأغلبية و حظيت صفحة الجمعية بمتابعة كبيرة و ردود أفعال إيجابية، ثم بادرت كمختصة تحمل خبرة 28 عاما، بالخطوة الثانية و هي «نشر نشاطات و ألعاب يدوية مختلفة يمكن ممارستها في البيت بأدوات بسيطة، وفق منهج منتسوري، و استنادا لدليل بيداغوجي وضعته بنفسها، مع مراعاة قدرات كل فوج، و ذلك لكسر فراغ و رتابة و ركود الحجر الصحي و الاستفادة و الترفيه و تحقيق التمييز البصري بين العناصر، و من ثمة التمهيد لتعليم الرموز الكتابية و القراءة و التنسيق البصري اليدوي، من أجل تحقيق التكيف الذاتي و الاستقلالية تدريجيا، و كذا التكيف مع الوسط الاجتماعي و الاندماج فيه»، كما أكدت المتحدثة، مضيفة أنها خصصت لفوج المراهقين برنامجا خاصا يعتمد أساسا على مشاركة الأمهات تحضير الحلويات و المقبلات و مختلف الأطباق، و حتى الخياطة، تمهيدا لمواصلة ورشات الجمعية.
- الأخصائية النفسانية سميرة بعداش: عنف الأولياء يعرض الأبناء لانتكاسة صحية و نفسية
«على الأولياء تقديم الدعم و المساندة لأبنائهم ذوي الاحتياجات الخاصة و معاملتهم بلين و لطف لا بعنف، لأنه ينعكس سلبا عليهم، و يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية و النفسية، خصوصا و أنهم يعيشون الآن نمطا آخر من الحياة في الحجر الصحي. أنصح الأولياء بالتقرب أكثر منهم، و مشاركتهم اللعب و متابعة أفلام و رسوم متحركة و قراءة قصص مشوقة لهم و تحضير حلويات و أطباق سهلة، أي مشاركتهم كل شيء، و توفير كل وسائل الراحة لهم لحمايتهم من الحزن و القلق .
الحجر الصحي فرصة لتدارك غياب الوالدين الموظفين و تعويض الحنان الذي يفتقده ذوي الاحتياجات الخاصة، و قد أثبتت الدراسات أن معانقة الأب و الأم لابنهما تقوي الرباط العلائقي و تمتن التواصل بينهم. كما أن الدعم المعنوي يسهل تقبلهم الحجر المنزلي و التغيير الذي يصاحبه. في حين أن استعمال الأولياء العنف و التفريغ السلبي في حق أبناء في وضعية هشة، يعكس رفضهم الحجر و استهتارهم و تشبعهم بطاقة سلبية ضارة. و ليتأكدوا أن كل سلوك عنيف، يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية و النفسية للابن المعاق، لأنه يتأثر كثيرا و يميز بين مختلف المشاعر و السلوكات».