ضربت الجزائر خلال سنة 2023، موعدا مع النجاحات الباهرة المحققة في المجال الرياضي، خاصة في الشق المتعلق بالتنظيم، وذلك بتحولها إلى قبلة رياضية قارية وإقليمية، عند احتضانها لفعاليات عرس كرويين إفريقيين، فضلا عن أنها أصبحت عاصمة للرياضة العربية بامتياز، وكيف لا وفعاليات الألعاب العربية تم بعثها إلى النشاط من جديد من الجزائر، بعد ركود دام أزيد من عشرية من الزمن.
ورفعت الجزائر العارضة عاليا في الجانب التنظيمي، بكسب الرهان على جميع الأصعدة، على اعتبار أن السلطات العليا تولي أهمية قصوى لكل التظاهرات الرياضية التي تحتضنها بلادنا، وذلك بتسخير إمكانيات مادية وبشرية معتبرة لإنجاح كل المنافسات تنظيميا، موازاة مع استغلال المرافق والهياكل التي تم انجازها أو خضعت لعملية تهيئة، منها ملعب نيلسون مانديلا ببراقي، مركب ميلود هدفي بوهران وملعبي عنابة وقسنطينة، وهي المنشآت التي احتضنت فعاليات النسخة السابعة لبطولة إفريقيا للأمم، ثم الطبعة رقم 14 لكأس أمم إفريقيا لفئة أقل من 17 سنة، وبعد ذلك الدورة 15 للألعاب العربية.
نجاح الجزائر في تنظيم «الشان» فاق كل التوقعات، انطلاقا من حفل الافتتاح الذي كان «عالميا»، مرورا بالمرافق التي أبهرت مسؤولي الكاف، وصولا إلى المتابعة الجماهيرية القياسية، والتي أبانت على أن تعلق الجزائريين بالكرة ليس مقترنا بقيود أو شروط، بتسجيل حضور قرابة 40 ألف متفرج في بعض المقابلات، وهذا «سيناريو» يعد سابقة في تاريخ المنافسة، ليزيد حفل الاختتام «العالمي» هذه التظاهرة رونقا وجمالا، ولو أنه أكد بالمقابل على القيمة الحقيقية التي أولتها الدولة الجزائرية لمنافسة كانت «مقزّمة» قاريا، فخرج «الشان» من دائرة الظل إلى الأضواء، الأمر الذي وضع مسؤولي الكاف على المحك بعد طبعة الجزائر.
ولم تمض سوى 3 أشهر، حتى ضربت تجدد الموعد مع نجاح آخر حققته الدولة الجزائرية في تنظيم الطبعة 14 لكأس أمم إفريقيا لفئة أقل من 17 سنة، وسط إشادة كبيرة من مسؤولي الاتحاد الإفريقي بالنجاح المحقق، والإمكانيات المعتبرة التي تزخر بها الجزائر، سواء من حيث الهياكل والمرافق الرياضية أو حتى العنصر البشري الذي يساهم في التنظيم.
من جهة أخرى، فإن الموعد كان مع استضافة الجزائر للنسخة 15 من دورة الألعاب العربية بتحقيق نجاح في رهان التنظيم، ونيل مدح وثناء اتحاد اللجان الوطنية الأولمبية العربية، لأن هذه الطبعة كانت محطة لبعث فعاليات أكبر تظاهرة رياضية عربية، بعد «غياب» دام 12 سنة، إثر تعليق نسختي بيروت 20215 والرباط 2019، فكانت محطة الجزائر 2023 فرصة لجمع الرياضيين العرب في وطن واحد، في تظاهرة احتفظت في جوهرها بالطابع الرياضي، لكنها بالموازاة مع ذلك حملت الكثير من الرسائل، خاصة ما يتعلق بالأمن والسلام والأخوة بين الأشقاء العرب، بنزول قرابة 3500 رياضي من 21 بلدا في ضيافة الجزائر، وقد رفعت لجنة التنظيم عارضة الرهانات عاليا، وذلك من خلال توفير إمكانيات مادية وبشرية معتبرة، أكدت على الجاهزية الكبيرة للجزائر لاحتضان منافسة عربية، وقد ألقى قرار إعادة بعثها بمسؤولية ثقيلة على الدولة الجزائرية، لأن النجاح الكبير الذي شهدته هذه النسخة طمأن اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية بشأن مستقبل هذه التظاهرة، وبدد كل المخاوف التي كانت تحوم، على خلفية تعليق دورتين متتاليتين، إلى درجة أن هذه الألعاب تم شطبها من الرزنامة على مدار 12 سنة، وقرار البعث كان في ظرف قياسي، لأن الجزائر احتضنت المنافسات بعد 4 أشهر فقط من التحضيرات. ص / فرطاس