تبرز بولاية برج بوعريريج، عديد التناقضات التي جعلت حياة سكانها تعرف مفارقات صارخة، مدينة الأحلام الموعودة و موطن العمالة و الإنتاج، توصف تارة بعاصمة الإلكترونيك لتواجد أزيد من 16 مؤسسة مختصة في صناعة الأجهزة الالكترونية و الكهرومنزلية، لكن الواقع يشير أن سكانها ما زالوا يحتجون على انتشار الأوحال بطرقات تقع بوسط عاصمة الولاية و يشتكون انتشار القمامة و انعدام الإنارة العمومية في عدد من الأحياء السكنية .
كما تصنف البرج كقطب صناعي و اقتصادي هام على المستوى الوطني، و لكنها رغم النجاح المحقق في المجال الصناعي و الاستثمار و قطاع التشغيل الذي لا يمكن حجبه أو التغاضي عنه، تبقى هذه الأوصاف الجميلة التي تطلق على برج بوعريريج بحسب عدد من المستثمرين مجرد شعار بدون روح لعدم تصنيف و اعتماد المناطق الصناعية المتواجدة بالولاية كأقطاب صناعية حقيقية من طرف الوزارة.
و حتى في مجال صناعة الإلكترونيك التي تشتهر بها البرج، لم يتم تصنيفها كقطب صناعي يجلب امتيازات و يمنح تحفيزات للصناعيين، فضلا عن عدم انعكاس هذا التطور في المجال الصناعي حسب استطلاع لآراء المواطنين على باقي القطاعات ما عدا قطاع التشغيل، خصوصا بعاصمة الولاية التي تستفيد خزينتها من عائدات الضرائب التي يدفعها المستثمرون و التي تفوق 78 مليار سنتيم في كل عام.
غير أن واقع هذه المدينة يبقى بعيدا عن تطلعات مواطنيها، ولعل أقرب دليل على ذلك الذي لازال يحز في نفوس البرايجية هو حرمانهم من خدمة الجيل الثالث للهاتف النقال رغم وصف ولايتهم بعاصمة الالكترونيك و توفرها على مصانع للوحات الرقمية و الحواسيب و الهواتف النقالة، ما حرك جمعية حماية المستهلك مؤخرا للقيام بتنظيم يوم من دون انترنيت نقلت فيه تساؤلات البرايجية، عن فائدة هذه المصانع و الأوصاف التي تطلق على ولايتهم بكونها عاصمة للإلكترونيك في وقت تم وضعها من بين الولايات الأخيرة للاستفادة من خدمة الجيل الثالث.
و زيادة على هذا تبقى معظم المشاريع الكبرى في الاستثمار تبحث عن مخرج للعراقيل و المشاكل التي تحيط بها للخروج من قوقعة الآمال و الأحلام إلى الاستغلال، لاسيما مشروع المنطقة الصناعية الجديدة مشتة فطيمة الذي بقي على مدار 10 سنوات كاملة رهين إجراءات إدراية و مركزية التسيير، ما حال دون انطلاق المستثمرين في مشاريعهم، فضلا عن الآمال و الوعود المقدمة بالقضاء على البطالة بعديد البلديات و توفير مناصب العمل من خلال تسجيل مشاريع طموحة لإنشاء مناطق نشاطات صناعية جديدة و كذا منطقة صناعية برأس الوادي و المنصورة و قرب دخول مشروع الميناء الجاف بتكستار حيز الخدمة، و كذا مصنع تابع لمجمع «سيفيتال» لرجل الأعمال ربراب ببلدية عين تاغروت يوفر أزيد من 3300 منصب عمل حسب تصريحات المسؤولين.
و بين ما تم تجسيده من مشاريع و ما بقي في طور الانجاز أو الوعود و الدراسة، يبقى طموح المواطن بأغلب بلديات الولاية منصبا حول توفير منصب عمل يمكنه من إعالة أفراد عائلته و ضرورة انعكاس هذه المشاريع على الواقع المعيشي العام بالشكل الإيجابي من خلال تهيئة البلديات و تعبيد طرقاتها و جعلها أكثر عصرنة بالأموال المتحصل عليها من عائدات الضرائب، خلافا لما يحدث بعاصمة الولاية و بلدية البرج التي تبقى رغم الجهود تعاني من تخلف كبير في مجال التهيئة و العصرنة بشوارعها قياسا بالأوصاف التي تطلق عليها، حيث تكاد مزايا المناطق الصناعية و التطور الحاصل في الاستثمار بالولاية تنحصر فوائده على المستثمرين فقط و كذا العاملين بها بدرجة أقل.
و الملاحظ حسب العارفين بمجال الاستثمار الصناعي في هذه المدينة الداخلية، أن أعين المستثمرين بها لا ترى لجانب التصنيف و التسميات و تطور الولاية، بقدر ما شدهم إليها الامتيازات و التحفيزات في مجال الاستثمار الصناعي خاصة بالمناطق التابعة لإقليم الهضاب العليا لما يجدونه من تحفيزات في شراء قطع الأراضي المخصصة للاستثمار الصناعي بالدينار الرمزي و كذا الامتيازات و الاعفاءات الضريبية و الجمركية التي اعتمدتها الدولة لتحفيز رجال الأعمال و تشجيعهم على الاستثمار بمناطق الهضاب العليا و الجنوب الجزائري، فضلا عن التسهيلات المعتمدة من طرف السلطات المحلية و كذا توفر مناخ ملائم للاستثمار بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للولاية باعتبارها مفترق طرق بين مختلف مناطق الوطن و تنوع وسائل النقل و التنقل بها، من شبكات السكة الحديدية إلى النقل البري للبضائع عبر شبكات الطرق الوطنية و الطريق السيار و كذا قرب مطار سطيف منها و ميناء بجاية و كذا ميناء الجزائر العاصمة، ما أسال لعاب كبار المستثمرين و رجال المال و الأعمال لإقامة مشاريعهم بهذه الولاية، بعد نجاح العديد من المستثمرين على مستوى المنطقة الصناعية بالمدخل الجنوبي لمدينة البرج و توسع مشاريعهم بفضل طموحهم المتزايد لإنجاح مؤسساتهم و تطويرها و كذا التحدي لبلوغ الهدف، حيث بدأ أغلب ملاك مصانع الالكترونيك بنشاط تصليح أجهزة التلفاز و الأجهزة الالكترونية فضلا عن تحول الكثير من المستوردين إلى مجال التصنيع المحلي، إلى درجة تشبع المنطقة الصناعية التي تتربع على مساحة قدرها 180 هكتار بالمؤسسات الصناعية في شتى النشاطات حتى أصبحت تصنف من أنجح المناطق الصناعية عبر الوطن من حيث عدد المؤسسات النشطة، و تواجد بها 88 مؤسسة صناعية، و هو عامل مهم كذلك بالنسبة للمواطن البرايجي في حسابات الاستثمار و التطور الصناعي، خاصة و أن هذه المؤسسات وفرت أزيد من 10 آلاف منصب عمل دائم ،ناهيك عن مناصب العمل غير المباشرة في مجالات التسويق و النقل التي تقدر بحوالي 30 ألف منصب عمل .
مزايا التطور الصناعي التي بدأت بالظهور بولاية برج بوعريج، منذ سنة 2000 فتحت شهية المستثمرين و حتى السلطات المحلية على تنويع مجالات الاستثمار و فتح أفاق الشغل من خلال إنشاء مناطق صناعية جديدة أبرزها المنطقة الصناعية مشتة فطيمة ببلدية الحمادية التي تتربع على مساحة تفوق 382 هكتار، غير أنها بقيت بدون استغلال حقيقي إلى يومنا هذا بسبب عديد العراقيل و المشاكل التي أخرت انطلاقتها، رغم التهافت عليها من قبل المستثمرين، و التي تعود بحسب عدد من المستثمرين و كذا مدير المنطقة الصناعية إلى التأخر في الإعلان عن رخصة التجزئة و التأخر في منح قرارات و رخص البناء للمستثمرين رغم مرور مدة تزيد عن 10 سنوات على إنشاء هذه المنطقة الصناعية، بالإضافة إلى تأخر أشغال التهيئة، و اقتصارها على إنجاز قنوات صرف المياه و بناء الجدار الخارجي.
و قد وزعت الأراضي بهذه المنطقة الصناعية على 192 مستثمرا، حيث كانت من بين المناطق الصناعية الأولى بعد رفع قرار تجميد انشاء المناطق الصناعية عبر الوطن سنة 2005، أين بادرت شركة التسيير العقاري بالبرج و كذا مكتب الدراسات العمرانية بسطيف على إنشاء هذه المنطقة الصناعية على مساحة قدرها 276 هكتار في بادئ الأمر و استفادت بعدها من توسعة لتصبح مساحتها الإجمالية 382 هكتار .
و يصطدم العديد من المستثمرين الذين تحصلوا على أراضي بالمنطقة الصناعية مشتة فطيمة بالتأخر في منحهم رخص البناء لعدم الإعلان عن رخصة التجزئة، الأمر الذي تسبب في تأخر إنجاز مشاريعهم الاستثمارية و دفع بالسلطات الولائية في الكثير من المرات إلى المطالبة برفع مركزية تسيير ملف هذه المنطقة الصناعية للتعجيل بإنهاء العراقيل و المشاكل التي حالت دون الانطلاقة الفعلية للمستثمرين.
مشروع انشاء المنطقة الصناعية حسب المستثمرين اصطدم بعديد العقبات منذ سنة 2007 بعد تكليف الوكالة الوطنية للوساطة و التنظيم العقاري بتسيير الملف في إطار البرنامج الوطني لإنشاء 42 منطقة صناعية، و كذا ادراج المشروع في اطار برنامج الهضاب العليا، ما تطلب إعادة ملف تسيير الأراضي إلى مديرية أملاك الدولة لتمكين المستفيدين من هذه الأراضي الاستفادة من مزايا الدينار الرمزي في شراء الأراضي و كذا التخفيضات الجبائية و الجمركية.
و منذ ذلك الوقت بقي مشروع إنجاز المنطقة الصناعية يعاني من التأخر و التباطؤ في وتيرة الانجاز إلى غاية الأشهر الأخيرة، أين عادت الروح إلى هذه المنطقة الصناعية حسب مدير شركة التسيير العقاري الذي أشاد بالمجهود المبذول من طرف الوالي لإخراج ملف المنطقة الصناعية مشتة فطيمة من حالة الجمود، و هو ما سمح بشروع مؤسستين في مرحلة الانتاج و يتعلق الأمر بوحدة الأجر و وحدة الإسفلت إلى جانب انطلاق أشغال إنجاز 26 مصنعا، في حين تبقى الجهود متواصلة لإنهاء مشكل التأخر في منح رخص البناء للمستثمرين و رخصة التجزئة و كذا إتمام عمليات التهيئة .
يرى الرئيس المدير العام لشركة التسيير العقاري بولاية برج بوعريريج العمري بعبوش، أن نجاح الاستثمار بهذه الولاية يعود إلى تنوع النشاط و روح المغامرة و التحدي التي تحذو المستثمرين الخواص الذين شرعوا في استثمارتهم منذ السنوات الأولى لفتح باب الاستثمار للخواص، مشيرا إلى تعويضهم لمناصب الشغل بحوالي 04 أضعاف بعد تسريح عمال المؤسسات العمومية التي خضعت للتصفية، و بلوغ عدد مناصب الشغل الدائمة بالمنطقة الصناعية المتواجدة في الجهة الجنوبية لمدينة البرج لوحدها 10641 منصب عمل دائم، ناهيك عن المناصب غير المباشرة، فضلا عن التنوع في مجالات الانتاج و النشاطات بين صناعة الإلكترونيك و البلاستيك و مواد البناء و الصناعات الغذائية، التي تغزو منتجاتها السوق الوطنية، حيث تتواجد 88 مؤسسة منتجة من بينها 14 مؤسسة في مجال الالتكترونيك و الأجهزة الكهرومنزلية و 07 مؤسسات في مجال النسيج و 10 مؤسسات لتحويل البلاستيك و 16 مؤسسة لتصنيع مواد البناء كالأجر و القرميد و 08 مؤسسات لتحويل الفولاذ و الحديد و 09 مؤسسات في الصناعات الغذائية خاصة ما تعلق منها بالبسكويت و الحلويات و 06 مصانع في الكيمياء و الصيدلة و 04 مؤسسات للطباعة و تحويل الورق، بالإضافة إلى ظهور نشاطات جديدة خلال العام الفارط منها استثمار مؤسسة «كوندور» في صناعة ألواح الطاقة الشمسية و كذا إنشاء مستثمر آخر لأول مؤسسة على المستوى الوطني في صناعة المواد العازلة بالسدود «
و تستحوذ مؤسسة «كوندور» حسب ذات المتحدث على أكبر نسبة للتشغيل، حيث توفر وحداتها السبع حوالي 6400 منصب شغل دائم و تأتي بعدها مؤسسة « أومباغ « للورق و الطباعة التي تشغل 385 عاملا.
و فيما كان يطرح العمال مشكل الإعتماد على عقود العمل المؤقتة و عزوف أرباب العمل عن تثبيتهم في مناصبهم، أكدت مديرية التشغيل بولاية برج بوعريريج، أن وتيرة إدماج العمال المتعاقدين وفقا لمختلف آليات التشغيل تقدمت خلال العام الفارط، حيث تم تثبيت 6317 عاملا بعقود ما قبل التشغيل و المساعدة على الإدماج المهني في مناصبهم بصفة دائمة، ما سمح بارتفاع نسبة الإدماج إلى 28 بالمائة من إجمالي عدد المناصب المستحدثة التي بلغت في مجملها 22347 منصب عمل في مختلف القطاعات و التخصصات، بالإضافة إلى تزايد عروض العمل و بلوغها نسبة 32 بالمائة في قطاع الصناعة و البناء و الأشغال العمومية
تسوية ملف الأراضي الفلاحية يؤخر مشروع التوسعة لسنتين
و تعد المنطقة الصناعية بالبرج من بين المناطق النشيطة التي توفر مناصب الشغل و تشهد اقبالا كبيرا من قبل المستثمرين و تشبعا دفع بالمسؤولين على ملف الاستثمار إلى التفكير في توسعتها، و هو ما تجسد بتسجيل عملية توسعة على مساحة 74 هكتار، غير أن هذه العملية لاتزال في طور إتمام الإجراءات الإدارية على الرغم من تسجيل المشروع منذ مدة تزيد عن العامين، و أكد مدير المنطقة الصناعية بالبرج على مواجهة بعض المشاكل في استرجاع الأراضي المخصصة للتوسعة و إعادة تصنيفها، حيث ينتظر الفصل في الملف من طرف وزارة الفلاحة و موافقتها على استغلال هذه الأراضي في الاستثمار الصناعي بدل النشاط الفلاحي، و ذلك بداعي الحاجة إلى توسيع المنطقة الصناعية بعد تشبعها من جهة و كذا لضعف مردودية الأراضي في الإنتاج الفلاحي حيث توضع في الصنف « د» .
و أشار محدثنا إلى ارتفاع نسبة النشاط بهذه المنطقة الصناعية خلال العام الفارط إلى 88 بالمائة و ينتظر أن تبلغ 95 بالمائة خلال العام الجاري، و ذلك بعد استرجاع عشرات الهكتارات من الأراضي الشاغرة و كذا الأراضي التابعة للمؤسسات العمومية التي خضعت للتصفية، حيث تم استرجاع 23 هكتار من الأراضي و توزيعها على المستثمرين، فيما تبقى مساحة شاسعة قدرها 16 هكتار بمؤسسة الإسمنت للشرق الجزائري وحدة البرج بدون استغلال، رغم خضوع هذه المؤسسة للتصفية منذ سنوات، و ذلك لتكدس عشرات الأطنان من النفايات التي تحتوي على مادة الأميونت المسببة لمرض السرطان، و ينتظر انهاء مشكل نقل هذه النفايات من المنطقة الصناعية و إبطال مفعول مادة الأميونت لاستغلال منشآت المؤسسة و كذا الأرضية في مشاريع استثمارية أخرى .
و في سياق الجهود المبذولة للرفع من نسبة النشاط و استغلال جميع الوحدات الصناعية أكد مدير شركة التسيير العقاري على توجيه 14 إعذارا للمستثمرين المتأخرين في إطلاق مشاريعهم على مستوى المنطقة الصناعية خلال العام الفارط، و ذلك كإجراء للحد من ظاهرة التلاعب بالعقار الصناعي و الإخلال بدفاتر الشروط التي تم بموجبها منح قطع أرضية لبعض المستثمرين من أجل تجسيد مشاريع استثمارية في نشاطات متعددة.
و تولت لجنة خاصة مشكلة من عديد القطاعات مهمة متابعة سير جميع المشاريع الاستثمارية، و ذلك لتطهير القطاع من الدخلاء و المتحايلين على القانون، حيث تكفلت اللجنة بمتابعة مدى احترام دفتر الشروط المتفق عليها لإطلاق المشروع و كذا مدى احترام أجال انطلاق المشروع الاستثماري الذي تحدد مدته بستة أشهر بعد حصول المستثمر على رخصة البناء و عقد الملكية، و قد تم توجيه الإعذارات في خطوة أولية للإطلاع على أسباب التأخر، قبل اتخاذ القرارات التي قد تصل إلى سحب العقار الممنوح للمستثمر في إطار تطوير و ترقية الاستثمار الذي تشرف عليه اللجنة الولائية لتحديد الموقع و ترقية الاستثمار و ضبط العقار «كالبيراف « في حال تسجيل تجاوزات من طرف المستثمرين التي تتعلق بتأجير العقار أو بيعه لمستثمر آخر أو تغيير النشاط المتفق عليه في دفتر الشروط.
و قد سمحت هذه الاجراءات حسب محدثنا بإسراع المستفيدين من العقار الصناعي في تجسيد مشاريعهم و انطلاقها و دخولها مرحلة الإنتاج .
يطرح العديد من المستثمرين بولاية برج بوعريريج مشاكل انعدام اليد العاملة المؤهلة و العزوف المسجل في شغل مناصب العمل التي تتطلب جهد بدني كبير، حيث برزت في الفترة الأخيرة مخاوف تم تداولها على ألسن مسؤولين محلين مفادها شكاوي القائمين على مشروع إنجاز مصنع و وحدة « البي في سي « التابعة لمجمع « سيفيتال» لمالكه يسعد ربراب ببلدية عين تاغروت من انعدام اليد العاملة المؤهلة، خاصة و أن هذا المصنع الذي ينتظر أن يدخل حيز الخدمة خلال العام الجاري سيوفر 3300 منصب عمل، و زيادة على هذا أكد العديد من المستثمرين على أن طلبات العمل أصبحت تقتصر على المناصب التي لا تتطلب كثيرا من الجهد البدني على غرار الحراسة و السياقة، في حين يسجل عزوف كبير في اليد الشغيلة بوحدات الإنتاج و التصنيع.
كما تشير إحصائيات مديرية التشغيل إلى عزوف الشباب عن التوجه للعمل في الأشغال الشاقة على غرار ورشات البناء و الصناعة الثقيلة، ما يفسر بكثرة عروض العمل في قطاع الأشغال العمومية و البناء و الصناعة التي بلغت نسبتها خلال العام الفارط 74 بالمائة، و ذلك للصعوبة التي تواجهها المؤسسات الصناعية و المقاولات في توفير اليد العاملة المؤهلة، فيما توزع النسبة المتبقية من عروض العمل على قطاع الخدمات و الإدارة التي تعرف تهافتا من قبل الشباب البطالين.
و بالمقابل يشتكي العديد من العمال، من المعاملة السيئة لأرباب العمل التي عادة ما تتطور إلى خلافات تصل إلى مفتشية التشغيل و كذا أروقة المحاكم، على غرار قيام صاحب شركة بتسريح 30 عاملا في يوم واحد و وضع إعلان التوظيف في اليوم الموالي لاستخلافهم، بعد قيامهم بحركة احتجاجية داخل مقر المؤسسة و التهديد بالدخول في إضراب عن العمل للمطالبة برفع الأجور و تحسين ظروف العمل، فضلا عن إدراج عدد من أصحاب المصانع في القائمة السوداء لوكالة التشغيل، بعد تمادي أرباب العمل في جلب عشرات العمال في إطار عقود التشغيل المؤقتة خلال الفترات التي يزيد فيها الطلب على المنتوج لبعض الأشهر، و تسريحهم بعد ذلك دون مراعاة لظروفهم، ناهيك عن حرمانهم من حقوقهم الاجتماعية، حيث انتقلت ظاهرة تشغيل العمال بدون تأمين من ورشات البناء و قطاع الأشغال العمومية إلى المؤسسات الصناعية الخاصة، أين يعمد الكثير من المقاولين و الصناعيين حسب تقرير لمفتشية العمل اللجوء إلى اليد العاملة غير المصرح بها لدى مصالح الضمان الاجتماعي .
و في هذا الصدد كشفت تدخلات مصالح الرقابة بمفتشية العمل، عن تحرير ما يزيد عن 160 مخالفة سنويا، ضد أرباب العمل و أصحاب المؤسسات الصناعية، لتعمدهم توظيف العمال دون التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي، رغم المخاطر المحدقة بهم أثناء العمل.
و أسفرت الزيارات الميدانية حسب مفتشية التشغيل إلى تحرير أزيد من 300 محضر مخالفة خلال ثلاثي واحد من السنة، ارتكزت على عدم تأمين العمال و عدم احترام إجراءات التنصيب و كذا انعدام ظروف الأمن و النظافة بأماكن العمل .
تسعى سلطات و لاية برج بوعريريج إلى تدعيم مكانة الولاية في معادلة الاقتصاد الوطني و الاستثمار الصناعي بصفة عامة، من خلال توفير جميع العوامل و الظروف المساعدة على تطوير الجانب الاقتصادي، حيث يجري التحضير لدخول الميناء الجاف ببلدية تيكستار حيز الخدمة خلال شهر أفريل المقبل، و يعد هذا المكسب الجديد للولاية أول تجربة على المستوى الوطني لإقامة ميناء جاف بالمدن الداخلية، و هو ما أشاد به وزير النقل عمار غول في زيارته الأخيرة للولاية، كما أشار والي الولاية في مختلف التصريحات إلى تسجيل مشروع هام يتمثل في قاعدة لوجيستيكية للنقل البري بين بلديتي المنصورة و المهير على مساحة قدرها 50 هكتار، و التنسيق مع مؤسسة النقل البري لإنجاح هذا المشروع المتمثل في انجاز مستودعات كبرى للتبريد و التخزين يتم تأجيرها للخواص لتخزين بضائعهم و منتوجاتهم، هذا بالإضافة إلى تسجيل عديد المشاريع لإقامة مناطق صناعية و مناطق النشاطات الجديدة عبر عديد البلديات بالولاية و إعداد قرارات الإنشاء بالنسبة لمنطقة النشاطات ببلدية المنصورة التي تتربع على مساحة قدرها 160 هكتار و كذا منطقة النشاطات ببلدية العش بمساحة تقارب 100 هكتار في حين أرسلت ملفات المناطق المتبقية إلى اللجنة الولائية و كذا وزارة الفلاحة لإتمام الاجراءات المتعلقة بقرارات اقتطاع الأراضي الفلاحية.
و كشفت مديرية الصناعة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و ترقية الاستثمار ببرج بوعريريج، عن تسجيل مشروع لإنجاز منطقة صناعية جديدة بمنطقة الرمايل التابعة لإقليم بلدية رأس الوادي بمساحة إجمالية قدرها 134 هكتار، و إعداد ملفات لاستحداث 07 مناطق نشاطات جديدة عبر عدد من البلديات بمساحة إجمالية تفوق 388 هكتار، و ذلك لدعم و توسيع الاستثمار الصناعي في وقت تشهد فيه الولاية تزايدا للطلب على العقار لإنشاء مشاريع استثمارية جديدة في شتى المجالات، و تشبع بالمنطقة الصناعية المتواجدة بمدينة البرج و مناطق النشاطات العشرة المنتشرة بعديد البلديات و مختلف المساحات و الفضاءات المخصصة للاستثمار الصناعي، ما تطلب انشاء مناطق الجديدة للتقليل من حدة المشكل الذي يعد من بين المعيقات الرئيسية في ظل الطلبات المتزايدة على العقار الصناعي بولاية البرج .
و يتم الإعداد لإنشاء مناطق النشاطات الجديدة بسبع بلديات و هي عين تاغروت، سيدي أمبارك، برج أغدير، بئر قاصد علي،، العش المنصورة و الياشير، حيث تتوفر هذه البلديات على مساحات شاسعة للتوسع الاستثماري فضلا عن وقوعها بالقرب من شبكة الطرق الكبرى على غرار الطريق السيار و كذا الطريق الوطني رقم 05 بالإضافة إلى توفر معظم هذه البلديات على خطوط السكة الحديدية ما من شأنه تسهيل عملية نقل البضائع و المواد الأولية و تسويق المنتوج و خلق ديناميكية صناعية و اقتصادية بهذه البلديات .