«السانكيام».. من امتحان عادٍ إلى «بُعبع» صنعه خوف الأولياء!
لم يعُد امتحان شهادة التعليم الابتدائي ذلك الاختبار العادي الذي كان، إلى غاية سنوات قريبة، مجرد انتقال منطقي من طور لآخر، فقد تركّز عليه الاهتمام بشكل أكبر و أصبحت الدروس الخصوصية إحدى الوسائل “الضرورية” في التحضير له، رغم أن الأساتذة يؤكدون أن “السانكيام» غالبا ما يكون أسهل من الاختبارات الفصلية و لا يستدعي كل ذلك الضغط الممارس من بعض الأولياء على التلميذ، هذا الأخير الذي يُجمع من تحدثت إليهم النصر من مختصين عشية الامتحان، أنه كثيرا ما يقع ضحية لما يحصل، بالتأثير عليها سلبا في الجانبين النفسي و البيداغوجي.
إعداد: ياسمين بوالجدري
مرّ امتحان شهادة التعليم الابتدائي في الجزائر، خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة، بتغييرات عديدة جاءت في إطار مشروع إصلاح المدرسة الذي شُرع فيه منذ سنة 2003، حيث شمل إعادة النظر في الكتب المدرسية و المناهج و بعض المواد، فتم، على سبيل المثال، إدراج اللغة الفرنسية منذ السنة الثانية ثم ابتداء من العام الثالث، مع استحداث مادة التربية العلمية و التكنولوجية و إدراج البعدين البيئي و الصحي في المحتوى، و كذلك استعمال الرموز العالمية في الرياضيات و اعتماد المقاربة بالكفاءات في تدريس التلميذ، بدل أساليب التلقين العادية، و لعل أهم هذا الإصلاح كان تقليص سنوات الدراسة من 6 إلى 5 سنوات، فتحوّل “السيزيام» إلى «سانكيام».
إصلاحات جذرية و إلغاء مُرتقب للامتحان
و مع تعيين نورية بن غبريط على رأس وزارة التربية الوطنية ابتداء من سنة 2014، أعلِن عمّا اصطلح عليه بـ «الجيل الثاني من الإصلاحات»، و الذي تضمّن تغييرات وصفتها الوزيرة بالجذرية و قالت إن من شأنها الوصول إلى مرحلة “النوعية” في منظومة التربية الوطنية، من خلال “نظرة جديدة” تقرر انتهاجها، و من بين هذه الإصلاحات، كان تعديل المناهج مرة أخرى و طبع كتب موحدة للسنتين الأولى و الثانية، إلى جانب إلغاء الدورة الاستدراكية لامتحان شهادة التعليم الابتدائي بداية من سنة 2015، حيث رأت بن غبريط أن ليس معنى بها، بما أنها جاءت، في السابق، بسبب ظروف استثنائية لم تعد موجودة.
كما قررت وزارة التربية الوطنية إجراء امتحان “السانكيام» في الابتدائية نفسها التي كان يدرس بها التلميذ، لكي يكون مرتاحا و لا يتغير عليه الجو فجأة داخل مؤسسة تربوية أخرى، فيما أعلنت نورية بن غبريط عن إلغاء امتحان نيل شهادة التعليم الابتدائي “السانكيام» ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، مثلما كان معمولا به في سنوات الثمانينيات، من خلال نجاح التلميذ بمعدل الاختبارات الفصلية، و هو قرار رأى الكثير من الأساتذة أنه أفضل للتلميذ من الناحيتين النفسية و البيداغوجية، لأن طفلا في عمره يصعُب عليه تحمل كل ذلك التوتر.
و لم تمرّ بعض مشاريع الإصلاحات التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية، بـ “سلام”، فقد أثار مقترح بإدراج التدريس بالعامية في التعليم الابتدائي، جدلا كبيرا امتد صداه إلى خارج الوطن، رغم أن بن غبريط أكدت أنه ليس سوى مقترح تضمنته التوصيات المرفوعة في الندوة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية المنعقدة في جويلية 2015، و الهدف منه مساعدة الطفل على التأقلم مع المدرسة خلال المراحل الأولى من التعليم، نافية ما قيل عن أن العامية ستعوض اللغة العربية الفصحى في التدريس.
العديد منهم يُركّز على النقطة لا النجاح
أولياء يحفظون الدروس مع أبنائهم!
يُتهم الأولياء بأنهم يمارسون ضغطا نفسيا على أبنائهم المقبلين على اجتياز امتحان شهادة التعليم الابتدائي، و لو بشكل غير مباشر، و هو ما يزيد من توتر تلميذ لا يزال يعيش مرحلة عمرية يحتاج خلالها إلى قضاء وقت للعب، لكن الآباء يقولون إن لقلقهم ما يبرّره، و يُرجعونه إلى طول المُقرر و أحيانا لـ «صعوبته»، فيما يبحث الكثير منهم عن علامات ممتازة، و لا يهمهم النجاح، لأنه مضمون بالنسبة لهم.
و صار اهتمام العديد من الآباء و الأمهات بامتحان «السانكيام»، مبالغا فيه برأي الكثيرين، خلافا لما كنا نراه قبل عدة سنوات، و أصبح كل التركيز مُنصبّا على تحقيق معدل 8 فما فوق، و ليس نجاح التلميذ الذي يؤهله للمرور إلى مرحلة التعليم المتوسط، إلى درجة أن هناك من لا يفرحون إذا تحصّل أبناؤهم على المعدل 5 أو 6، بل يهتمون أكثر بما سيقولونه للأقارب و الأصدقاء، فيتحوّل الأمر إلى نجاح بطعم الرسوب، رغم أن التلميذ بذل جهدا أهّله للنجاح.
النصر التقت بأولياء كانوا ينتظرون خروج أبنائهم من الامتحان التجريبي لـ “السانكيام» بإحدى المدارس بقسنطينة، و قد كان جميعهم أمهات ذكرن لنا بأن الامتحان ليس سوى اختبار عادي، رغم التوتر الذي استشعرناه لديهن خلال تبادل أطراف الحديث، حيث قالت إحداهن “لماذا أتوتر فامتحان السانكيام عادي، ما أطلبه فقط من ابني هو التركيز و أن يثق في نفسه”، بينما ذكرت أخرى بتأثر “بكل صراحة، ابني رفض أن يأكل يوم أمس و بدأ يبكي فجأة عشية الامتحان التجريبي”.
و قد أجمعت الأمهات على أن أبناءهن يعانون من مشكلة في التعبير الكتابي في اللغتين العربية و الفرنسية، بما قد يُضعف من علاماتهم، و ذهبت بعضهن إلى اتهام فئة من الأساتذة بأنهم لا يلقّنون التلميذ بشكل جيد، حيث علّقت إحداهن “كاين اللي ما يقريوش من قلوبهم”، فيما يقول بعض الأولياء إن البرنامج الدراسي “طويل” و يختلف كثيرا عمّا درسوه هم قبل سنوات، إذ يرون أنه صعب إلى حد ما و لا يتوافق مع القدرات الإدراكية لطفل لا يتعدى عمره 11 سنة، إلى درجة أن الآباء و الأمهات أنفسهم لاقوا «صعوبة» في استيعابه، حسبما يقولون، فيما سجّل الكثيرون أبناءهم في الدروس الخصوصية في ظاهرة جديدة على المجتمع الجزائري، لكون الأمر يتعلق بالطور الابتدائي.
السيدة نسرين التي تستعد ابنتها لاجتياز امتحان شهادة التعليم الابتدائي في الرابع و العشرين من شهر ماي، قالت إنها بدأت تعيش حالة قلق لم تستطع أن تمنع نفسها منها، حيث ترافق طفلتها لحظة بلحظة خلال المراجعة و الحفظ، حتى أنها تحفظ معها الدروس و تتكفل بنسخ الإجابات النموذجية للاختبارات النهائية السابقة عن طريق شبكة الانترنت، و رغم أن ابنتها تُعدّ من التلاميذ النجباء، إلا أن نسرين أسّرت لنا بأنها لا تزال خائفة، ليست من احتمال نجاح ابنتها، لأنها متأكدة من ذلك كما ذكرت، بل لأن ما تنتظره تحقيق معدل 9 من 10 على الأقل، حيث ترى أن العلامة هي ما يعكس المستوى و يُظهر الفروقات بين التلاميذ.
أستاذ السنة الخامسة ابتدائي بوجبة فيصل
«السانكيـــــــــام» أسهــــــل من امتــــــــحانات السنــــــة و ظاهــــــــرة «العشـــــــــرة» فاجأتـــــــنا
يؤكد أستاذ السنة الخامسة ابتدائي بوجبة فيصل، أن «السانكيام» هو مجرد مرحلة ينتقل فيها التلميذ من طور إلى آخر، داعيا الأولياء إلى رفع معنويات التلميذ و التوقف عن الضغط عليه، بأن يُرسخوا في ذهنه فكرة أن هذا الامتحان ليس سوى اختبار كبقية الاختبارات التي اجتازها الطفل طيلة السنة، بل قد يكون أسهل منها. و من أهم النصائح التي يوجهها الأستاذ بوجبة استعدادا لامتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، هي أن تكون المراجعة منظمة حسب المخطط التوقيتي خارج المؤسسة، و ذلك بمساعدة الأولياء الذين يعتبرون عنصرا أساسيا في مشروع المدرسة، و يتوجب عليهم، يضيف الأستاذ، أن يوفروا لأبنائهم الجو المناسب حتى يعملوا في أريحية تامة. و نبّه السيد بوجبة بأن بعض الأولياء يرتكبون عدة أخطاء تؤثر على التلميذ المقبل على اجتياز امتحان “السانكيام»، و من بينها إجبار التلميذ على كثافة المراجعة إلى درجة إرهاقه، فنجد الطفل يعيش حالة من الضغط التي تُفرض عليه خاصة من طرف الأمهات، اللواتي يُعرفن بأنهن عاطفيات جدا، فيرغبن دائما أن يكون الأبناء من الأوائل و أن يُحققوا معدل 10 على 10، حتى أن بعض الأطفال يُهددون من أوليائهم الذين ينذرونهم مثلا بأنهم لن يشتروا لهم شيئا معينا إذا لم يحصلوا على معدل 9 أو 10، فيبقى التلميذ في حالة ارتباك و ينعكس هذا الأمر عليه سلبا. و يضيف الأستاذ بوجبة الذي بدأ مشوار التدريس منذ سنة 1983، أنه صادف حالات عديدة مثل هذه، يذكر بينها حالة تلميذ ممتاز تمكن في إحدى المرات من حل لغز في الرياضيات طرحه المفتش و لم يستطع الإجابة عليه تلاميذ الابتدائي بكامل المقاطعة، حيث كان المعلمون ينتظرون منه تحقيق معدل ممتاز في الامتحان النهائي، لكنهم تفاجأوا بتحصله على علامة 6.5 من 10، ما أثار دهشة والديه و جعل معلميه يرجحون أن يكون السبب ظروف خاصة وقعت للطفل قبيل الامتحان و قد تكون ناتجة عن الضغط أو مشاكل نفسية. و عن ظاهرة معدل العشرة على عشرة في امتحانات «السانكيام»، و التي لوحظ تزايدها في الأعوام الأخيرة، قال الأستاذ إنه تفاجأ بها و لا يوافق عليها، فهو شخصيا و كمدرس في اللغة العربية، لا يمكنه أن يمنح أكثر من علامة 9.5 للتلميذ، حتى و إن كانت علامة 10 مقبولة في الرياضيات أو حتى في الفرنسية إذا لم يتضمن امتحانها كتابة فقرة، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل، حسبه، في اللغة العربية، لوجود فوارق فردية بين التلاميذ، تجعل الطفل لا يرتقي إلى أن يحقق 4 على 4 في فقرة، مضيفا أن هذه الظاهرة تنعكس سلبا على التلميذ، و لا تجعله يبحث دائما عن تحسين المستوى، و عن مسألة استعمال بعض المؤسسات العلامة الكاملة كوسيلة للتنافس فيما بينها و الحديث الدائر عن احتمال تضخيم النقاط، قال السيد بوجبة إن ذلك ممكن.
الأستاذ المكوّن في التعليم الابتدائي قديسة توفيق
الخوف أكبر عدو للتلميذ و نأسف لتسجيل حالات غشّ
يرى الأستاذ المكوّن في التعليم الابتدائي بقسنطينة السيد قديسة توفيق، أن بعض الأولياء و المعلمين يزيدون من توتر التلميذ عشية امتحان «السانكيام»، بما يخلق ضغطا لا تتحمله سنّه الصغيرة و يؤثر عليه سلبا، كما تأسف لتسجيل حالات غش في السنوات الأخيرة و لـ “تدني” مستوى التعبير عند تلميذ الابتدائي عموما.
و يضيف الأستاذ قديسة الذي يمتلك خبرة طويلة في التدريس تصل إلى 30 سنة، أن الأولياء كثيرا ما يعيشون قبيل «السانكيام»، توترا ينتقل إلى طفلهم، محذرا بأن أكبر عدو في تحضير الامتحانات هو الخوف، الذي يزيد أحيانا بسبب تصرفات بعض الأساتذة الذين يُشعرون التلميذ بالتوتر لأنهم معنيون أيضا بالنتائج، كونها تعكس مدى نجاحهم في العمل، فيحدث، مثلما يضيف، تنافس بين المعلمين في هذا الشأن، مضيفا أن لهذا الأمر تداعيات كثيرة على الطفل، فيشعر بالتوتر في البيت و القسم و حتى من العائلة ككل، فتجد الأقرباء مثلا يتصلون ليسألوا عن أحوال التلميذ المقبل على اجتياز الامتحان، رغم أنه في سنّ لا تسمح له بتحمل كل هذا الضغط.
و يؤكد الأستاذ أن هذا الوضع يدفع بالتلميذ إلى الاجتهاد فوق طاقته و إجهاد جسده، لتكون النتيجة التأثير على أدائه في الامتحان، مضيفا بأن هناك تلاميذ أصيبوا بانهيار عصبي و هم في هذه السن الصغيرة، كما صادف حالات لأطفال ينفجرون بالبكاء فجأة داخل قاعات الاختبار، و قال السيد قديسة إن التلميذ و وسط كل هذا التوتر، يتجه إلى المدرسة لاجتياز الامتحان فيجد رجل الأمن قرب البوابة، بما يُشعره بالخوف، و هذه لوحدها مشكلة أخرى، حسب محدثنا، الذي أكد أن كل الظروف لا تصب، للأسف، في صالح التلميذ، و بأن «الوضع أصبح لا يُطاق».
و يطرح الأستاذ قديسة ظاهرة قال إنها جديدة على امتحان "السانكيام" في السنوات الأخيرة، باكتشاف حالات الغش التي تظهر من خلال التشابه في الأخطاء و أحيانا الكتابة بخط واحد في عدة أوراق، و هو ما يدفع، حسبه، إلى التساؤل عن إمكانية تواطؤ البعض، كما أشار إلى أن مستوى التعبير سواء في اللغتين العربية أو الفرنسية، مُتدنٍّ جدا، حتى أن هناك تلاميذ أولياؤهم مثقفون، لكنهم يصلون إلى السنة الخامسة ابتدائي و هم لا يُحسنون التعبير، مُرجعا ذلك بالأساس إلى بعض المعلمين الذين يخاطبون تلاميذهم بالعامية داخل القسم.
فيضالي عبد الرحمان مدير مدرسة ابتدائية بقسنطينة
وقفنا على إصابة مترشحين بانهيار عصبي بسبب ضغط الأولياء
يقترح مدير الابتدائية زيغد اسماعيل الواقعة بحي بوالصوف بقسنطينة، تجنيد مرشدين نفسيين لمرافقة التلاميذ الذين تظهر عليهم اضطرابات خلال اجتياز امتحان "السانكيام"، كما ينصح الأولياء بالتوقف عن الضغط على المترشحين، لأن ذلك يؤثر عليهم سلبا و يصل بهم في بعض الأحيان، إلى التعرض لانهيار عصبي.
و يوضح السيد فيضالي أن "السانكيام" امتحان «عادي جدا»، فهو ليس سوى مرحلة انتقالية من الابتدائي إلى الطور المتوسط، مضيفا أن بعض الأولياء يقعون في خطأ كبير بالمبالغة و منحه أهمية أكبر من حجمه، ما يحدث نوعا من الضغط و الترهيب على التلميذ، الذي يضطرب و ينظر إلى الامتحان على أنه أمر غير عادي و بأنه شبح، فيقع ضحية لذلك يوم الاختبار بسبب تأثر نفسيته و حدوث اضطرابات قد تصل به إلى الانهيار العصبي. السيد فيضالي الذي يمتلك 37 سنة من الخبرة و يؤطر قرابة 400 تلميذ بينهم 70 سيجتازون امتحان "السانكيام"، قال إن طريقة التعامل مع هذه الحالات الاستثنائية أثناء الامتحان، يكون بالتدخل المباشر عن طريق محاولة التخفيف من المعاناة النفسية للتلميذ، رغم عدم تجنيد مرشدين نفسيين الذين يُفترض أن حضورهم ضروري، كما تكون الوقاية بتقديم الأساتذة شروحات للمترشحين، تبيّن لهم بأن امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي عادي، و لا يُطلب منهم خلاله سوى التركيز. و عن ظاهرة علامة "العشرة"، ذكر المدير أن المؤكد هو أن ليس جميع التلاميذ نوابغ، مفسرا ذلك باحتمال أن يكون الامتحان سهلا في بعض السنوات، بما يسمح لذوي المستوى المتوسط بالحصول على معدلات عالية، لكن هذا لا يغفل، حسبه، وجود مدارس حققت نجاحا مستحقا بتسجيل عدد أكبر من الحاصلين على العلامة الكاملة بفضل مجهودات مؤطريها، كما تطرق إلى مشكلة الاكتظاظ التي قال إنها شكلت ضغطا، و أثرت على نقص في نوعية المردودية، بما يتطلب، برأيه، مجهودا مضاعفا من طرف الأستاذ، خاصة أنه و في بلدان أخرى مثل فرنسا مثلا، يدرس حوالي 12 تلميذا في القسم، بما يسمح باستيعاب الدروس بشكل جيد و بمشاركة الجميع أثناء تقديمها.
أستاذة التعليم الابتدائي في اللغة الفرنسية سلمون هدى
أنصح التلميذ بالمطالعة لإثراء رصيده اللغوي
تنصح أستاذة التعليم الابتدائي في اللغة الفرنسية السيدة سلمون هدى، بضرورة تدريب التلميذ على المطالعة منذ السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، حتى يصل إلى امتحان «السانكيام» برصيد لغوي يسمح له بتحقيق علامة ممتازة.
و تؤكد الأستاذة بأن المطالعة هي مشكلة تلاميذنا، حيث لا يواظبون عليها، ما جعل رصيدهم اللغوي فقيرا جدا، حيث تُشدد على ضرورة تصفح أي نوع من الكتب باللغة الفرنسية، كما توجه نداء للأولياء بحثّ أبنائهم على المطالعة أو على الأقل، تعويدهم على مشاهدة برامج تبث باللغة الفرنسية في التلفاز، حتى تتعود أذن التلميذ عليها و يتم إثراء رصيده بكلمات جديدة، و ذلك إلى جانب محاولة استعمال الفرنسية في الحياة اليومية، خاصة أن الأمر يتعلق بلغة جديدة عليه.
و ترى الأستاذة سلمون أنه من الأفضل الرجوع إلى النظام المعمول به سابقا، بتمديد مرحلة التعليم الابتدائي إلى ست سنوات، لأن هناك مشاكل كبيرة تتطلب ذلك و قالت إن من بينها الاكتظاظ داخل الأقسام، مضيفة أنها، و كمثال، تُدرس 37 تلميذا في القسم، و هذا أمر مُزعج يعيق عمل الأستاذ، كما دعت إلى تبسيط نصوص اللغة الفرنسية في البرنامج الجديد، خاصة في السنة الرابعة ابتدائي، حتى يفهمها التلميذ بشكل أفضل، مضيفة أنها و بعد 3 سنوات فقط من التدريس، بدأت تحس بالإرهاق، لأن التعليم متعب جدا، حسبها، داخل قسم مكتظ.
أخصائية علم النفس التربوي عزوز نبيلة
الخوف من الامتحان يظهر في شكل اضطرابات سلوكية
تُحذّر السيدة عزوز نبيلة أخصائية علم النفس التربوي، بأن قيام الأولياء بالمراجعة لأبنائهم تحضيرا لامتحان «السانكيام» بشكل مبالغ فيه، يزيدهم ارتباكا، داعية إلى عدم حرمان الطفل من ممارسة حقه في اللعب، و إلى تجنب إسقاط قلق الآباء و الأمهات و المعلمين، عليه و هو لا يزال في هذا العمر الصغير.
و ذكرت الأخصائية أن الخوف و التوتر الشديد، يظهر على العديد من التلاميذ مع اقتراب امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي و أيضا أثناء توزيع الأسئلة عليهم، كما يعانون من عدم الثقة في النفس و من اضطرابات سلوكية، إلى درجة التعبير السلبي عن أي موقف يحدث في فترة الامتحان، فنجد حالات البكاء الشديد، خاصة عند البنات، فيما يظهر ذلك عند الذكور من خلال التصرفات العنيفة داخل القسم و أثناء الاستراحة و حتى خلال اجتياز الاختبار.
كما يلاحظ العديد من الأولياء، تضيف السيدة عزوز، أن أبناءهم المُقبلين على اجتياز امتحان شهادة التعليم الابتدائي، بدأوا يعانون من اضطرابات في النوم، و هي كلها أمور تنعكس عليهم سلبا، بأن يقوموا، مثلا، و بمجرد وضع ورقة الامتحان، بردة فعل غير طبيعية، حيث يظهر عليهم اصفرار و شحوب في الوجه، بل منهم من يُصاب بالدوار و يسقط أرضا مغشيا عليه.
و تؤكد محدثنا أن مما يزيد من توتر التلميذ و تذمره، هو النصائح الكثيرة و المبالغ فيها، حيث يتلقاها في القسم من طرف الأستاذ ثم يكررها عليه الوالدان، و خاصة الأمهات، بما يؤدي إلى فقدان التركيز و الهروب اللاإرادي خلال المراجعة، كما تطرقت الأخصائية إلى القلق الذي يصيب بعض الأساتذة قبيل الامتحان، حيث ينتظرون تحقيق معدلات عالية من تلاميذهم، من باب الحب و لكي يروا ثمرة جهدهم، لكنه خطأ تنبه السيدة عزور بأنه يضاعف من معاناة الطفل، خصوصا أن الأستاذ يُسقط خوفه عليه دون أن يشعر.
و تنصح الأخصائية في علم النفس التربوي الأولياء بعدم حرمان التلميذ من ممارسة حقه في اللعب، أو إجباره على الدراسة المتواصلة بحجة بدء العد التنازلي للامتحان، كما تُحذر من تهديده بالعقاب في حالة الإخفاق أو الحصول على نتائج غير مرضية، مؤكدة أن هذا التهديد يؤثر سلبا على أبنائهم خلال الإجابة، و تذكُر محدثتنا في هذا السياق، وقوفها على حالة خطيرة لتلميذ ضربه والده على إحدى عينيه، لأنه حصل على 7 في الرياضيات بعدما كان ينتظر منه علامة 9.
و أضافت السيدة عزوز أن الكثير من الأولياء يخطئون بالمبالغة في المراجعة لأبنائهم، الذين يكونون قد راجعوا على يد الأستاذ في القسم، فتختلط الأمور على التلميذ، لأن طريقتي الولي و المعلم تختلفان تماما، مؤكدة أن ما على الولي أن يقوم به هو التشجيع المعنوي فقط و إشعار الطفل بالأمان، لكنها تطرقت في المقابل إلى فئة من الأولياء “المهملين” الذين لا يقدمون الإرشادات اللازمة لأبنائهم، كما دعت الأساتذة إلى أن يقفوا على خط وسط، فلا تغلب العاطفة كثيرا على علاقتهم بالتلميذ لكي لا يضره ذلك و يبقى الاحترام دائما بينهما، و لا يضيعوا، من جهة أخرى، الرابط الإنساني إلى أن يصل المتمدرس إلى مرحلة الخوف من المعلم.
ي.ب