تحولت الفواكه المجففة إلى تجارة رائجة، دفعت شبابا جزائريين إلى التخصص فيها وتحويلها إلى مشاريع مصغرة بعد الخضوع لدورات تكوينية لتعلم أحدث التقنيات الخاصة بالتجفيف والاستخدام، كما تنتشر أنواع عديدة في الأسواق بحسب الطلب عليها لتزيين بعض الأطباق التقليدية وصناعة المربى، فضلا عن تناولها كبديل صحي عن الحلويات وذلك بفضل القيمة الغذائية التي تتمتع بها.
إيناس كبير
تجولت النصر، بين عدد من المحلات المتواجدة في مراكز تجارية بقسنطينة، على غرار "ريتاج مول" في المدينة الجديدة علي منجلي، و"ماجيك هاوس" المتواجد بالمنطقة الصناعية "بالما" ببوالصوف، حيث لاحظنا وفرة أنواع عديدة من الفواكه المجففة في أغلب محلات بيع المكسرات محفوظة في برطمانات زجاجية، مقطعة إلى دوائر أو شرائح صغيرة، يبدو قوامها جافا وهشا، لكنها بقيت محافظة على لونها الأصلي، مثل الكيوي، والأناناس، والفراولة، والمشمش والمانغا.
وبحسب ما أخبرنا به الباعة، فإن هذه الفواكه تعتبر تعد الأكثر شيوعا وإقبالا من طرف الزبائن، مؤكدين أنه يمكن تجفيف أي نوع من الفواكه مثل التفاح أو الموز، والتشوينة وغيرها، أما عن سعرها فيزيد في سوق الجملة خلال مواسم معينة كشهر رمضان، أو صيفا باعتباره موسما للحفلات والأعراس وذلك نظرا للإقبال الكبير عليها.
كما صادفتنا على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات عن دورات تكوينية متخصصة في تعليم تقنيات جديدة لتجفيف الفواكه كالتبريد، تبرمجها مراكز للتدريب ومرافقة المشاريع المصغرة، وتهدف إلى مساعدة الراغبين في دخول هذا المجال الذي يدعم السوق الاقتصادية الجزائرية.
ووفقا للمختصة في التغذية بتول بوكراع، فإن هذا النشاط يمكن أيضا أن يُحول إلى مشروع منزلي، لأن طريقة تجفيف الفواكه سهلة ولا تحتاج إلى آلات خاصة أو مضافات كيماوية، وقد اعتبرتها الأفضل لأنها تحفظ للفاكهة فائدتها الغذائية وهي غير ضارة للصحة.
وفرة في النوع والسعر يتحدد حسب الموسم
لا يتطلب تخزين هذه الوجبة الخفيفة والمقرمشة، مساحات كبيرة في الثلاجة، كما تعد مثالية للاستهلاك ولا سيما مع سهولة تحضيرها أو مزجها مع مواد غذائية أخرى مثل المكسرات والزبيب والشوفان والحليب لصنع عصيدة منها أو ياغورت، يتناولها الرياضيون وأصحاب الحميات الغذائية.
ويعد التجفيف بالتجميد والحرارة من الطرق المستخدمة في حفظ الفاكهة للعودة إليها في وقت لاحق، بحسب ما اطلعنا عليه حول تقنيات العملية، أما عن أسعارها فقد قال لنا باعة التقينا بهم في جولتنا إنها تتراوح بين 1800 دج للكيلوغرام الواحد إلى حوالي 3000دج باختلاف النوع، فمثلا يصل سعر الأناناس المجفف إلى 2500دج، والفراولة 3400دج، الكيوي والكرز والمانغا 3200دج، المشمش والبرقوق 1800دج، مضيفين أنهم يشترونها من سوق الجملة.
بينما أفاد حمزة صاحب محل لبيع المكسرات بالمركز التجاري "ريتاج مول" بالمدينة الجديدة علي منجلي، أنه توجد شركات في العاصمة والبليدة، متخصصة في التسويق للفواكه المجففة، وعن ذوق هذه الأخيرة أكد لنا، أنه يكون مختلفا قليلا مقارنة بالفواكه الطازجة، مع الحفاظ على اللون الأصلي والرائحة الطبيعية.
فيما وجدنا عند مصطفى صاحب محل في المركز التجاري ذاته، أنواعا إضافية مثل الموز والفراولة المجففين، يصنع منها تشكيلة مختلفة الألوان يضعها في صينية تجذب أنظار الزبائن إليها، ووفقا له توجد في الأسواق أصناف أخرى مثل الخوخ المجفف و"التشوينة"، لكنها غير متوفرة لأن الإقبال عليها يكون في شهر رمضان فقط.
يضيف صاحب المحل، أن هذه الفواكه تأتي من بلدان مختلفة فعلى سبيل المثال يُستورد الأناناس من فنلندا، والكيوي من فيتنام، والمشمش من تركيا.
التجفيف المنزلي الأفضل صحيا
وأوضحت أخصائية التغذية بتول بوكراع، أن التجفيف هو عملية لحفظ الفواكه تكون بنزع الهواء والماء منها، وتتم بواسطة التبخير وفق تقنية "تسامي الماء"، حيث تُقطع الفاكهة المراد تجفيفها إلى شرائح ثم توضع في صينية مع ضرورة وجود الهواء بين القطع وذلك تسريعا للعملية، كما أنها تجعل خروج الماء متساويا بينها.
وأضافت أنه، توجد تقنيات منزلية أيضا يمكن اعتمادها وهي سهلة وبسيطة مثل وضع الفاكهة في الهواء الطلق، أو تجفيفها داخل الفرن، مع الانتباه إلى جودتها، وهي أفضل وفقا لها من التقنيات الآلية التي تدخل فيها مواد كيماوية خاصة بالتجفيف.
وللتعرف على الأسلوب المستخدم في تحضير هذه الفواكه، شرحت بوكراع، أن تغير اللون والشكل ونقصان كمية الماء، مؤشرات تسهل التفريق بين التجفيف الطبيعي والصناعي، كما نصحت، بتجنب تناول المشمش المجفف لأن المواد المستخدمة فيه غير صحية.
بدائل صحية ذات قيمة غذائية عالية
وتحافظ الفواكه المجففة على قيمتها الغذائية، حيث ذكرت أخصائية التغذية، أنها غنية بالألياف، والحديد، والفوسفور، والبوتاسيوم، والمغنزيوم، ومضادات الأكسدة، والبروتينات، وفيتامين "أ، ب"، لافتة إلى أنه رغم ذلك فهي تفقد دورها في الجسم كمادة غذائية، بسبب نقص نسبة المياه فيها.
مشيرة، إلى ضرورة اختيار فواكه موسمية لأنها تكون أكثر فائدة، أما في حالة طهوها مع بعض الأطباق التقليدية فنصحت بأن تكون العملية على حرارة منخفضة، مع إضافة كمية قليلة من السكر والسوائل.
وتصف الأخصائية، الفاكهة المجففة لأصحاب الحميات الغذائية، مثل البرقوق والزبيب الممزوج مع الياغورت أو السلطة، كما يمكن تناولها مع المكسرات، وهي تعد بديلا صحيا ذو فائدة غذائية كبيرة، وفقا لها، أما بالنسبة لمرضى السكري، قالت الأخصائية إنه من الأفضل تناول كمية محددة منها أو إرفاقها بمادة غذائية تحتوي على ألياف أو مواد دهنية.
إ.ك