العصبية والتهور يطغيان على سلوكات السائقين في رمضان
تتسبب العصبية الكبيرة التي تطغى على تصرفات الجزائريين خلال شهر رمضان وما يصاحبها من قلق وتسرع، في إزهاق عشرات الأرواح كل سنة عبر مختلف الطرقات، وذلك راجع إلى التغيير السريع في نمط المعيشة.
وتشير الأرقام التي قدمتها القيادة العامة للدرك الوطني إلى تسجيل 74 قتيلا و453 جريحا في العشرة أيام الأولى من الشهر، وهي فترة وقع فيها 251 حادثا مروريا عبر مختلف الطرق الوطنية بالبلاد، وهي أرقام مرعبة طالما تتكرر خلال شهر رمضان، ففي نفس الفترة من السنة الفارطة تم تسجيل وفاة 89 قتيلا و749 جريحا في 400 حادث، إذ تعكس هذه الإحصاءات مدى العصبية التي تطبع تصرفات السائقين عبر الطرق، والتي تزداد حدة مع اقتراب موعد آذان الإفطار، إذ تصبح القيادة بعد الساعة السادسة مساء من أخطر الأمور التي يقوم بها الفرد، وذلك بسبب السرعة الكبيرة التي يقود بها البعض والتي تتجاوز في الغالب الحد المسموح به، ويصبح أغلب السواق لا يكترثون للإشارات التي تحدد السرعة، كما أن أغلبهم لا يعير أي اهتمام لقانون المرور.
المتجول عبر الطرقات يسجل يوميا مناوشات بين سائقين تنشب لأتفه الأسباب، فتمتد الطوابير وتعم الفوضى لأن أحدهم شتم آخر أو صدم سيارته ، لخلاف حول الأولوية، أو لتجاوز و حتى بسبب نظرة أو إشارة، وهي حالات عادة ما تسجل صباحا، أما في المساء ورغم خلو الطرقات من الحركة، نجد من يقودون بسرعة جنونية توحي بأن صاحبها يسير دون وعي بما حوله، والأغرب أن هناك من يقضون أكثر من ساعة في التجول بالسيارات قبل المغرب، لقتل الوقت لكنهم في النهاية يقتلون البشر، بسبب المناورات الخطيرة، والتوقف في نقاط خطيرة، حيث لاحظنا عبر محور زواغي علي منجلي، السيارات مصطفة على حواف الطرقات وحتى ببعض المحولات و المنعرجات، إضافة إلى التوقف لشراء الخضر الطازجة المعروضة في طرقات سريعة.
كما تطغى مظاهر الركن العشوائي للمركبات ما يتسبب في عرقلة حركة المرور عبر عدة محاور، أما ليلا فالأمر يعد أكثر سوء لأن كل شيء مباح سواء أثناء السير أو الركن، حيث تعم الفوضى مدينة قسنطينة وعلي منجلي خصوصا، إذا تشهد الأخيرة تشهد حالات عراك ليلية على أماكن التوقف، بسبب التدفق الكبير على المراكز التجارية.
ويرجع الطبيب في الأمراض العصبية الدكتور أحمد عليوش مشكل التحكم في السياقة إلى التغير المفاجئ في العادات وتراجع عدد ساعات النوم، إضافة إلى الاختلال في التغذية وعدم اختيار أطباق صحية، كما فسر تزايد القلق خلال الساعات الأخيرة من النهار بمشكل نفسي فقط، معتبرا أنه على الجزائريين الاعتناء قليلا بنظام التغذية خلال شهر الصيام وكذا الانتباه إلى ما يتناولونه من مأكولات، فضلا على إعطاء أولوية للنوم لما له من فائدة كبيرة على الجهاز العصبي للفرد.
وأوضح الأخصائي في الأمراض العصبية أن الأكل بطريقة غير منظمة أو الإكثار من الأكل عند الإفطار مباشرة وكذا تناول أطباق ثقيلة وغير صحية سيما الأطباق التي تتميز بدهون كثيرة له أثر سلبي على الفطنة ويؤدي إلى عدم الانتباه، كما أن الأكل غير المنظم والأكل الكثير خلال السهرة غالبا ما يؤثر على العصب الخشن ويتبلور نهارا في قلق مفرط، حيث نصح الطبيب عليوش السواق بضرورة إتباع نظام غذائي صحي يتركز على اختيار أطباق صحية، أو الأكل بصورة تدريجية وليس دفعة واحدة.
كما نوّه ذات المتحدث بالأهمية الكبيرة للنوم و قال أن نقصه يؤدي لتغييب الفطنة عند الفرد موضحا أن الفطنة مرتبطة بالنوم أساسا، إذ يحتاج الصائم يوميا لما معدّله 6 ساعات نوم، معتبرا أن غالبية الجزائريين لا يحترمون هذا المعدّل، بل أن الأغلبية لا تنام سوى بعد السحور وتنهض عند الساعة الثامنة صباحا للتوجه إلى العمل.
ولدى حديثه عن القلق الكبير لدى سواق المركبات خلال الساعات الأخيرة من النهار ومدى ارتباطها بالجوع الشديد، نفى البروفيسور أحمد عليوش ذلك، موضحا أن هذه السلوكيات ترتبط أساسا بالجانب النفسي لأصحاب المركبات، مضيفا، أن الجميع يريد الوصول إلى المنزل في نفس الوقت، وهو ما يولّد قلقا قد يترجم بارتكاب أخطاء في طريقة السياقة ويؤدي في الأخير إلى وقوع حوادث مرور خطيرة أو قاتلة.
عبد الله.ب