أعراس الأحياء تستمر للصباح و تحول ليالي القسنطينيين إلى جحيم
تعيش مختلف أحياء قسنطينة، منذ بداية موسم الأفراح على وقع الأعراس الشعبية، التي باتت تتسم بالفوضى و الضجيج، فالعديد من العائلات لم تعد تكتفي بغلق مداخل الأحياء بالسيارات فحسب، بل أصبحت تتفنن في إزعاج الجيران من خلال السهرات الصاخبة التي تستخدم فيها مكبرات صوت عملاقة مزودة بتقنية «البومور أو مضخم الصوت» و الذي يضفي نوعا من «الدمدمة» على الموسيقى ،فضلا عن الإفراط في استخدام الألعاب النارية للاحتفال الذي يستمر عادة الى غاية ساعات الصباح الأولى دون مراعاة للجيرة و حرمة الأحياء.
سهرات الأعراس المقامة بالأحياء و بأسطح المنازل التي تصل في فصل الصيف إلى حد ثلاثة أعراس في الأسبوع بالحي الواحد، أصبحت تشكل مصدر إزعاج ، بعد أن تغير نمط الاحتفال بها وطغت عليها الفوضى، ففي السابق كان القائمون على العرس يحرصون على إتمام المراسم قبل حلول منتصف الليل لتجنب إزعاج الجيران، مراعاة لكبار السن و المرضى و الأطفال، لكن الواقع اختلف اليوم بشكل كبير، إذ أصبحت مراسم الاحتفال و خصوصا أعراس الرجال تنطلق في ساعات خلود السكان إلى النوم أي بعد الحادية عشرة ليلا، حيث يكسر موكب سيارات سكون الليل فجأة و تنطلق المزامير و الهتافات و فرقعات الألعاب النارية و الموسيقى الصاخبة، لتسرق هدوء الأمسية و تقض مضجع النائمين. لتبدأ بعد ذلك معاناة من نوع آخر، بمجرد أن يتم تشغيل مكبرات الصوت التي تنطلق منها الموسيقى بشكل مزعج، خصوصا بعدما أصبحت هذه المكبرات تزود بتقنية مضخم الصوت، التي تهز النوافذ، و تسبب صداعا في الرأس نتيجة «الدمدمة» القوية.
و الملاحظ هو أن هذه الأعراس لم تعد تقتصر على سكان الأحياء الشعبية فحسب، بل أصبحت ظاهرة تشمل حتى الأحياء الجديدة كزواغي سليمان و بوالصوف، فالكثير من الشباب باتوا يفضلون إحياء أعراسهم في شوارع الأحياء بعدما عرفت أسعار قاعات الأفراح و الحفلات ارتفاعا، وهو ما حول حياة الكثير من القسنطينيين إلى جحيم، بسبب فوضى الأعراس الشعبية التي لا تحتكم لأي معيار تنظيمي، بل على العكس تعد أكثر صخبا من حفلات القاعات، لأن الاحتفال ينطلق عادة بعد منتصف الليل، و يستمر إلى الصباح، خصوصا إذا تعلق الأمر بليلة « حناء» ذكر، فإما أن يحيي الحفل مغني يقضي ساعات في الشكر و الثناء، أو يتم تشغيل مشغل اسطوانات « دي جي» يهز الشارع بأغان منها ما يتعدى على حدود الاحترام و الحشمة ، وهو أمر يرى فيه كثير من السكان انتهاكا صارخا لحرماتهم، إضافة إلى أن هذه السلوكيات باتت تحرمهم من النوم و تعيقهم عن الالتحاق بمناصب عملهم في الوقت المحدد. و بهذا الخصوص قالت أم لثلاثة أولاد من حي زواغي، بأن الأعراس في فصل الصيف تقام أكثر من مرتين في الأسبوع بطريقة لا تولي أي اعتبار للجيران، إذ تشغل الموسيقى الصاخبة و الأهازيج و تعم الفوضى أرجاء المنطقة تصاحبها الألعاب النارية، التي أكدت بأنها هاجس بات يؤرقها، بعدما أصبح ابنها البالغ من العمر 3 سنوات يعاني من فوبيا الأصوات المرتفعة سببها المفرقعات و الألعاب النارية، حيث تقول بأنه استيقظ من النوم مفزوعا و يبكي بشكل هستيري. من جهته قال موظف بإحدى المؤسسات العمومية، بأن الراحة و النوم الكافي يغيبان عند إقامة سهرات الأفراح بحيه، و ما يؤرقه أكثر استمرارها لساعات متأخرة من الليل و ما يصحبها من ضجيج و أغان صاخبة، منها ما تستخدم فيه كلمات غير نظيفة لا تراعى حرمة الجيران و لا مستوى الذوق العام. مضيفا بأنه يتوجب على مصالح الأمن التدخل لتنظيم هذه الممارسات وضبط مواقيت حفلات الأعراس خاصة المقامة في الشوارع و أسطح المنازل، نظرا للإزعاج الذي تتسب فيه و تأثيره على المرضى و الأطفال و حتى العاملين في قطاعات تتطلب منهم التواجد باكرا في مناصبهم بلياقة بدنية جيدة نظرا لحساسية الأعمال التي يقومون بها، و قال بأننا لم نصل بعد إلى ثقافة إيداع شكوى في حالة وجود تجاوزات في هذه المناسبات، لكون المجتمع الجزائري لا يزال يعتبر أن الاحتفال الصاخب في الأعراس أمر يندرج ضمن التقاليد والعادات التي تمثل الشعب
الجزائري.
أ بوقرن