«الزربوط» لعبة شعبية تأبى الاندثار
لا يزال أطفال الوادي، خاصة في القرى والأرياف، يقبلون في أوقات فراغهم، خاصة في فصل الشتاء، على لعبة «الزربوط» التقليدية، التي يقال أن الأجداد أدخلوها إلى منطقة سوف، عبر الشريط الحدودي أثناء رحلاتهم إلى الشقيقتين تونس وليبيا .
اللعبة التي تحظى بشعبية واسعة بالمنطقة، عبارة عن قطعة خشبية ذات شكل مخروطي، يوضع فيها رأس مسمار و يلف عليه خيط مثبت في الإصبع الأوسط لليد، و يلقي به الطفل مع السحب، ليدور حول نفسه، لهذا أطلق على اللعبة أيضا اسم «البلبل الدوار» .
بعد الانتهاء من الدراسة ، يجتمع الأطفال قصد الترفيه واللعب، في جوانب الطريق و الأرصفة في الأماكن ذات الأرضية الصلبة ،و وفق قانون اللعبة المتعارف عليه، يتطوع أحد الأطفال بلعبته و يطلق عليها، حسب تقليد اللعبة «القرعة» أو «الخديمة»، و توضع وسط دائرة اللعب من خلال تسديد «الزربوط» إليها ، و من لم يوفق في إصابتها يقوم بالتسديد مجددا.
«الزربوط» أو «البلبل الدوار»، لعبة تأبى الاندثار رغم التطور و التقدم التكنولوجي، و الملاحظ أن لها نفس مبدأ اللعبة الصينية الأصل المعروفة باسم «اليويو»، لكن هذه الأخيرة لم تقض على شعبية لعبة»الزربوط» بين أطفال وادي سوف رغم انتشار لعبة «يويو» هناك .
فراس طفل في 11 من العمر، قال للنصر بأنه اكتسب مهارات هذه اللعبة الشعبية من جيرانه في الحي ، و تألق فيها بين أقرانه و يمارسها بحماس كل فصل شتاء بعد الانتهاء من الدراسة في المساء.
و يذكر أن الكثير من المهتمين بالتراث الشعبي تعرضوا في مؤلفاتهم للألعاب الشعبية الموسمية المرتبطة بخصائص كل فصل ،و من بينها لعبة «الزربوط» الذي يتهافت عليه الأطفال في فصل الشتاء، و أرجع العارفون ذلك إلى صلابة الأرض في هذا الفصل بسبب تهاطل الأمطار، مما يساعد الزربوط على الثبات، ثم الدوران لفترة أطول.
وعن صنع و تسويق هذه اللعبة، قال أحد الباعة بالسوق المركزي لوادي سوف، بأنه يجلبها من الجنوب التونسي و يبيعها للأطفال بمبالغ رمزية لا تتعدى 25 دج ويبيع ما يزيد عن 500 «زربوط» في الموسم .
ولإعطاء لمسة جمالية وفنية لهذه اللعبة، يجتهد الأطفال في تزيينها بأبهى الألوان، و يضفي كل طفل لمسته الفنية على «زربوطه» .
و يبقى تداول هذه اللعبة وغيرها من الألعاب الشعبية بين الأجيال، سر بقائها و حفظها من الاندثار.
البشير منصر