الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
تعد منطقة الأهقار أحد أهم مقاصد قوافل السياح والمغامرين الأجانب من مختلف بلدان العالم وحتى السياح الجزائريين، يسبقهم الفضول لاكتشاف هذا المتحف الطبيعي المفتوح و النادر، أين يمكن من أعلى إحدى قمم سلاسله الجبلية، وهي "الأسكرام"، الاستمتاع بأجمل وأروع غروب وشروق للشمس في العالم.
استطلاع: عبد الحكيم أسابع
فلا يكاد أي فوج سياحي يقضي يومه الأول في مدينة تمنراست، إلا ويغادرها في اليوم التالي متوجها نحو المسارات الموغلة في عمق السلسلة الجبلية البركانية للأهقار التي يرجع عمرها إلى ما قبل 12 ألف سنة، لاكتشاف أسرار المنطقة التي تكتنز في جنباتها تراثا إنسانيا موغلا في القدم يضم إليه أحد أقدم الرسومات البشرية المنحوتة على صخور عالية تحميها الطبيعة وتذود عنها من عوامل التعرية، وتزيدها أشعة الشمس التي يعد شروقها من أجمل المناظر في العالم رونقا.
وتحكي هذه الرسومات والنقوش التي، يتجاوز عمرها الخمسة آلاف سنة، قصة الإنسان الذي عاش بالمنطقة منذ آلاف السنين، ونمط حياته والرقي الذي بلغه، إذ لم يكتف بالتأقلم مع الطبيعة القاسية، وإنما تفنن في ابتكار حياة متكاملة حَقَّ نعتها بالحضارة.
جبال بركانية بأشكال إنسانية وحيوانية
وتضم جبال الأهقار، قمة "تاهات أتاكور" الشهيرة، التي يزيد علوها على 3 آلاف متر، و يقع بينها الممر المؤدي نحو سلسلة جبال الأسكرام وقمتها الشهيرة أيضا، التي يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر حوالي 2780 متر، وتقع على نحو 80 كيلومترا عن مدينة تمنراست.
ورغم التعب ومشقة الطريق الوعرة جدا، في اتجاه قمة الأسكرام، التي سنحت لنا زيارتها في إطار رحلة منظمة، من قبل وكالات سياحية محلية في إطار فعاليات تظاهرة سياحية سابقة، وهي عبارة عن مسار غير معبد، في جزء كبير منه، ولا يمكن سلكه سوى بواسطة السيارات الرباعية الدفع، إلا أن السلاسل الجبلية التي نصادفها خلال مدة الرحلة التي تستغرق أكثر من ثلاث ساعات، تشعر الزائر بالمتعة وتعطي للرحلة نكهة خاصة، حيث يمكن مشاهدة لوحات فنية أبدع الخالق في صنعها، من بينها إشكال جبلية تشبه إبهام يد الإنسان، والأسد، والفيل، والسمكة، والرأس، وآخر يشبه الضرس كما يمكن مشاهدة تشكيلات جبلية صخرية، أخرى تشبه امرأة تحمل ابنها، ورجل يضع شاشا تقليديا، ويمكن للزائر أن يتخيل أشكالا أخرى من زاويا مختلفة من بينها ما يشبه شجرة متكلسة.
وخلال ساعات الطريق الثلاث لم يتوقـف الـسائق والـدليل عن تعداد وسرد المعالم التي نعبرها في هذه الحظيرة الواسعة والمترامية الأطراف قبل أن نصل وجهتنا.
و تتواجد بهذا الفضاء الطبيعي بقايا غابات استوائية، تدل عليها تلك الأشجار الضخمة المتحجرة بفعل العوامل المناخية ...فضلا عن انتشار أكثر من 350 نوعا من النباتات ويمثل هذا الغطاء النباتي مساحة رعوية كانت تقتات منها الحيوانات البرية والأليفة وما زال العديد من أنواع هذه النباتات يستعمل اليوم لدواعي العلاج والصناعات التقليدية وبناء المساكن بالأهقار.
وتكشف الكثير من الدلائل أن هذا الغطاء النباتي كان كثيفا وكانت تنتشر به منذ أكثر من 10 آلاف سنة حيوانات تعيش بالمناطق الاستوائية كالزرافة ووحيد القرن والفيلة وتشهد على ذلك أيضا الرسوم والنقوش الصخرية المنتشرة في معظم مناطق الحظيرة والتي توقفنا عند الكثير منها.
وهكذا كانت رحلة الذهاب تمر وكأنها ثوان ونحن نشق الطريق ومسالكها الملتوية في علو متزايد، زاد من رحابة الجولة الاستكشافية الطقس الرائع... علما أن العشر كيلومترات الأخيرة في مسار الرحلة، قبل الوصول إلى قمة الأسكرام، كانت الأكثر صعوبة، سيما وأن أجزاء كثيرة من المسار تعرضت للضرر بسبب فيضان الوادي، رغم إعادة تهيئتها.
ولأن برنامج الزيارة يتضمن المبيت في مخيم أسفل قمة الأسكرام، للاستمتاع بمنظر غروب الشمس وشروقها في اليوم الموالي، فقد طلب منا المنظمون ارتداء ملابس صوفية أوقطنية وحتى القشابية باعتبار أن برودة الطقس شديدة جدا ليلا وتصل إلى درجات دنيا تحت الصفر تصل إلى (-10 ) درجات.
سحر مكان
عند وصولنا إلى محيط المخيم، فما أن توقفت السيارات حتى هرع الجميع في أشبه ما يكون بسباق، للوصول إلى القمة التي ترتفع عن السفح بحوالي 800 متر.. وبوصولنا إلى المقصد وجدنا بيتا شيّد فوق القمة وهو عبار عن "دار الرهبان" التي شيدها الأب و الرحالة بيار دي فوكو الناسك الذي استوطن المكان وقضى ما تبقى من حياته متعبدا متأملا في جمالية المحيط والمآثر التي يستكشفها يوميا، وذلك سنة 1911، والتي ما تزال تستغل كمعبد مسيحي يتداول على الإقامة فيه رهبان من مختلف بلدان العالم المسيحي، وهو المرفق الذي يزوره المئات من السياح الأجانب.
كان لابد أن نستكشف هذه الدار من الداخل، و نتعرف، على أهم محتوياتها وتاريخها، قبل أن نخرج بسرعة خلف تلك الدار، لأن موعد الغروب قد اقترب.
ومن أعلى القمة وقبل الاستمتاع بغروب الشمس، يمكن للزائر مشاهدة مساحات شاسعة على مد البصر من الأرض المتحجرة، و بساتين الحصى الدائري المصقول بالأسود والأزرق، والغابات الحجرية الصفراء الكبيرة والسلاسل الجبلية المتراصة خلف بعضها البعض.
وما هي إلا دقائق معدودات حتى توزع أعضاء الوفد والمرافقين وسائر السياح الذين حضروا لنفس الغرض موجهين آلات التصوير الاحترافية والكاميرات والهواتف الذكية، في انتظار التقاط أجمل الصور ولقطات الفيديو لمشهد لغروب، الكل كان يتهافت ويركض بسرعة لتغيير موقعه والظفر بأروع اللقطات واللحاق بقرص الشمس قبل المغيب.
كانت السماء صافية يوم الزيارة ماعدا بعض الغيوم القليلة في الأفق القريب، لتأتي تلك اللحظات العجيبة لأحسن غروب شمس في العالم، حيث كانت الشمس تتهيأ للنوم بين أحضان قمم أسكرام العجيب الذي ألبسته بأشعتها القوس قزحية تاجا رائعا ثمينا يلهم الفنانين والشعراء وكل المبدعين وحتى الذين لا يملكون أذواقا، حيث تشكلت عند نصف قرص الشمس أعظم لوحة فنية من إبداع الخالق عز وجل.
خلال السهرة قضينا أوقاتا ممتعة في قاعة الضيافة للمخيم، أين ارتشفنا فناجين الشاي قبل تناول العشاء، وكان ختامها المشاركة في حصة للقناة الأولى للإذاعة الوطنية خصصت للترويج للسياحة في منطقة الأهقار، والمؤهلات التي تتوفر عليها ولاية تمنراست، وآفاق تطوير القطاع.
أما في خارج القاعة وبالضبط في محيط المخيم المتكون من غرف مبنية بالحجارة، بدأت ألسنة النار، التي أوقدها السائقون وبعض المرافقين، ترتفع من كل ناحية أين يتجمع حولها بضعة أشخاص طلبا للأنس والدفء.
وبعد سويعات من الخلود للنوم كان لا بد من النهوض مع بزوغ تباشير صبيحة الغد، لنشهد هذه المرة شروق الشمس، و كان يتعين علينا أن نترك دفء غرف المبيت ونصعد ثانية فوق قمة الأسكرام.
شروق بديع من الأسفل
كانت حمرة الشروق تجتاز سلاسل الجبال المتعاقبة والمتداخلة والمشكلة للوحة فنية عجيبة وما هي إلا لحظات حتى شرعت أشعة الشمس النورانية، تطلع علينا، قبل أن يبدأ قرص الشمس في الظهور ثم بدأت تظهر من خلف جبل هرمي الشكل، ثم تطل علينا من خلال فجوة جبل آخر من ناحية الأتاكور... وأشعتها تتسلل بينها في كل اتجاه وراح القرص يقترب منا وبدا وكأنه يعانق الأرض ويمكن لأي شخص أن يمسكه بين يديه أو يحضنه، في لوحة فنية مرسومة بعناية فائقة جعلت الجميع يقف متعجبا من روعة المشهد.
وعلى غرار ما شهدناه وقت الغروب، ورغم برودة الطقس الشديدة، كانت جموع من السواح في سباق مع الوقت لأخذ صور تذكارية تثبت اللحظة الفنية والجمالية... وقد كنا نرى الجبال أمامنا منخفضة قليلا وهذا سر العجب، إذ كانت الشمس تشرق من تحتنا.
ع. أ