* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
أكد أمس، مختصون في الأمن و علمي النفس والاجتماع، نشطوا فعاليات ملتقى حول الآفات الاجتماعية في الوسط الشباني بجامعة قسنطينة3، أن الفئة الشبانية تعد...
تعرف سوق الذهب بقسنطينة، في السنوات الخمس الأخيرة، ركودا غير مسبوق كما يؤكده صاغة و حرفيون، إثر تراجع إقبال الزبائن على شراء الحلي لارتفاع سعر غرام المعدن الأصفر، بنسبة فاقت 20 بالمائة، إلى جانب نقص المادة الأولية في الأسواق.
«ركود بنسبة 70 بالمائة»
قادتنا مؤخرا، جولة استطلاعية نحو عدد من محلات و ورشات بيع وصناعة الحلي الذهبية بقسنطينة، و كانت البداية من شارع 19 جوان، الذي يشهد حركية ونشاطا طيلة أشهر السنة، وقفنا هناك على تنوع كبير في العرض مقابل محدودية في الطلب، وهي ملاحظة لمسناها أولا خلال مراقبتنا لطبيعة الحركة على مستوى محلات بيع الذهب، إذ بدا واضحا بأن غالبية الزبائن، و نسبة كبيرة منهم نساء، يكتفون بمشاهدة ما يعرض في الواجهات دون الدخول إلى المحل، وحتى من يدخلون كثيرا ما يسألون عن الأسعار فقط دون الشراء فعليا كما أوضحه لنا صاغة تحدثنا إليهم، على مستوى شارع ديدوش مراد بوسط مدينة قسنطينة و شوارع وأحياء أخرى قريبة على غرار» الجزارين» وزنقة الدلالة» وهو ما أكده لنا أصحاب محلات في علي منجلي كذلك. والذين علمنا منهم، بأن معدل الإقبال على اقتناء الذهب قد تراجع بنسبة 70 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية ، و قالوا بأن شراء الذهب بات مقتصرا في أيامنا هذه على الميسورين، و بدرجة أقل بعض العائلات التي تجهز أبنائها للزواج.
محدثونا أكدوا، أن الركود الكبير الذي تعرفه تجارة الذهب، قد تسبب في غلق عدد من الصاغة وتوقف بعض الورشات عن العمل، وحسب صاحب محل متخصص في الفتلة القسنطينية، فإن عدد الورشات المتخصصة في هذا المجال الحرفي بالولاية كان يزيد في السابق عن ألف ورشة، أما اليوم فعددها لا يتعدى 120، كما أن النشاط تراجع كثيرا، لدرجة أن بعض المحلات لا تستقبل حاليا أكثر من 25 زبونا في الشهر، بعدما كان العدد قبل عشر سنوات يفوق 100 زبون شهريا.
وقال التجار، أنه و على مدار السنوات الماضية ارتبطت ذروة نشاط سوق الذهب بموسم الصيف، لما يشهده من حفلات ومناسبات، لكن الوضع تغير كثيرا في آخر خمس سنوات ولم يعد للذهب موسم محدد، من جهتهم أضاف تجار، بأنهم سجلوا ركودا كبيرا خلال هذه الصائفة هذا العام، وأن غالبية من يدخلون محلاتهم يقصدونها من أجل رؤية أحدث التصاميم و الاستعلام عن أسعارها لمقارنتها بما يعرض في بقية المتاجر وفقط.
وأضاف الباعة أيضا، أن الزبائن يحبون التصاميم العصرية، لكنهم لا يختارونها بالعموم، بسبب ما تحتوي عليه من أحجار تضاعف وزن القطعة و قيمتها عند الشراء وتخفض سعر البيع لا حقا.
أسعار لا تحتكم لتقلبات السوق الدولية
أخبرنا التاجر محمد بولقرع، أن سعر الذهب لا يعرف استقرارا فهو قابل للانخفاض أو الارتفاع في أية لحظة وفق ما تقره البورصة العالمية، مؤكدا، أن السوق الجزائرية لها بورصتها الخاصة التي يتحكم فيها كبار التجار، و الأسعار تختلف عن الدول الأخرى، فمثلا تكون أسعار الذهب المستورد منخفضة في الخارج لكنها ترتفع كثيرا في بلادنا، بسبب هوامش الربح المضاعفة.
ويقول بائع في متجر آخر، أن سعر الذهب يعرف ارتفاعا مستمرا على مدار ثلاثين سنة، بنسبة تفوق 20 بالمائة، مشيرا، إلى أن الذهب سواء كان مستعملا أو جديدا يتأثر بأسعار صرف العملات المالية الأكثر تداولا وقيمة عالميا.
وتختلف أسعار الغرام الواحد من الذهب بحسب الجودة والنوعية، ويتراوح سعر الغرام حاليا بين 9000 إلى 15000 دينار، حيث يقدر غرام « الفتلة» من الذهب المحلي بـ 9300 إلى 10000 دينار، أما « الماسيف» وهي نوعية تنتج في مصانع العاصمة و باتنة، فيباع الغرام الواحد منه بسعر قد يصل إلى 12500 دينار ويعود هذا الفارق في السعر بين المنتجين المحليين إلى كون الأول، يصنع بشكل يدوي وبأدوات بسيطة، أما الثاني فيسكب في القوالب الإيطالية ويصنع بآلات متطورة.
تتنوع التصاميم و الأشكال في المحلات، بين البسيط و الصغير و ثقيل الحجم و متعدد الألوان و القطع المرصعة بالكريستال، المستورد من دبي و إيطاليا حسب ما أفادنا به تجار، أخبرونا، أن الذهب الإيطالي هو الأكثر تداولا في الأسواق الجزائرية عامة، ويتراوح سعر الغرام الواحد منه بين 12500 إلى 15500 دينار، أما الغرام الواحد من الذهب المستعمل فيحسب بقيمة تتراوح بين 8300 إلى 8500 دينار.
ولاحظنا خلال جولتنا، أن أسعار بيع الذهب غير ثابتة و تختلف من محل إلى آخر بفارق قد يصل إلى 2000 دج، وقد أرجع محدثونا السبب، إلى الموقع الذي يحتله المحل وسعر الكراء، وكذا اسم العلامة ومدى شهرتها.
لهذه الأسباب يكثر الطلب على « الفتلة»
وما تزال مدينة الصخر العتيق ليومنا هذا رائدة في مجال صناعة حلي « الفتلة» التقليدية، فحرفيوها يتوزعون على مختلف الورشات المتوجدة في الأزقة القديمة، أين يبدعون في صناعة قطع جميلة متناهية الدقة والإتقان، ولا يكاد متجر واحد من المتاجر التي زرناها يخلو من هذا النوع من الحلي.وحسب تجار كثر، فإن « الفتلة» تعد مطلب الزبون القسنطيني الأول، لأنها رفيق المرأة الدائم في مختلف المناسبات التقليدية، مع ذلك، فإن أسعار هذا النوع من الحلي، ارتفعت كثيرا، كما ذهب إليه أصحاب محلات بشارع 19 جوان، أخبرنا أحدهم، أن معظم الزبائن يشترون « الفتلة» من « المقياس» إلى « السخاب» إلى « المحزمة» و» التاج»، لأنه ذهب صاف من عيار 18 قيراط، كما أن الحلي من هذا النوع خالية من الأحجار وتعد أقل تكلفة مقارنة بالقطع المستوردة.
كما أكد لنا جلال، وهو صاحب محل بحي الجزارين أن نسبة كبيرة من الزبائن الذي يقصدون محله يأتون بحثا عن قطع مصنوعة من « الفتلة»، وأغلبهم فتيات مقبلات على الزواج أو رجال يبحثون عن طقم يقدمونه للعروس المستقبلية، نظرا لانخفاض سعر غرام هذا الذهب مقارنة بالأنواع الأخرى.
استفسرنا من بعض الزبونات، عن نوع الذهب الذي يرغبن فيه، فكان ردهن أن «حلي الفتلة» هي خيارهن الأول بحكم أن تصميمها يتماشى مع أزياء الأعراس القسنطينية من جهة، ولما تفرضه العادات والتقاليد من جهة ثانية، مضيفات، بأنها لا تكلف كثيرا مقارنة بالمجوهرات المستوردة. في المقابل، يقول صاحب محل بشارع ديدوش مراد أن لكل نوع من الحلي زبائنه، حتى الحلي البسيطة التي تفضلها سيدات لأجل الاستخدام اليومي.
صهر الحلي المستعملة لتحريك الورشات
ويشتكي تجار الذهب، من نقص المادة الأولية، الأمر الذي يحول دون توفير طلبات زبائنهم في الموعد المحدد، حيث أخبرنا أحد التجار بزنقة الجزارين، أنه في كثير من الأحيان يقف عاجزا أمام قبول طلبات زبائنه لعدم توفر مادة الذهب، لذلك يلجأ إلى شراء المستعمل ليعيد استخدامه بعد صهره، وهي عملية تتطلب وقتا، إذ يستغرق إنجاز «مقياس» من 10 غرامات ذهب حوالي أسبوع كامل لجمع المادة الأولية.
وأضاف المتحدث، أن المادة الخام نادرة جدا هذه الأيام ولذلك يعتمد غالبية الحرفيين على الذهب القديم « كاص» كحل بديل. و أضاف، أن الدولة في السابق كانت تزود كل حرفي بقرابة 250 غراما من المادة الأولية لأجل الإنتاج لكن هذا الإجراء علق نهائيا سنة 1984.
كما تابع البائع حديثه قائلا، أن سوق الذهب كانت تعرف قبل عشرين سنة، مراقبة صارمة لمنع الغش، مشيرا إلى أن التاجر كان يلتزم بعد حصوله على نصيبه من المادة الأولية، بتمرير المنتج النهائي على الرقابة للتأكد من أن عيار الذهب هو 18 قيراطا، وأن أي قطعة أقل كان يتم كسرها.وأوضح التاجر، أن بعض الصاغة في السنوات الأخيرة، يبيعون ذهبا مغشوشا بمعياري 16 أو 15 قيراط، مضيفا، أن صناعة قطعة ذهبية تتطلب تحويل الذهب من عيار 24 قيراط إلى 18 قيراط، وذلك بإضافة مزيج من النحاس والفضة للمعدن الأصفر حتى يصبح أكثر صلابة ومتانة، مؤكدا، أن كثيرا من الزبائن لا يعرفون هذه المعلومة ويغفلون عنها عند اقتنائهم للحلي، قائلا، أن شراء الذهب يجب أن يكون من محل موثوق، مع المطالبة بفاتورة شراء تحمل توقيع المالك وختمه، كما تتضمن كل المعلومات المتعلقة بالنوعية والوزن و العيار، ما يحمي المستهلك عند البيع ويمكنه من استرجاع حقه من التاجر في ثبت تعرضه للغش.
« الدلالة» بلا زبائن
اتجهنا صوب زنقة « الدلالة» مرورا بالجزارين ليستوقفنا مع أولى خطوة في المكان، عدد الباعة في المكان، وهم كثر كانوا يحملون قطعا مختلفة بيد و ميزانا صغيرا في اليد الأخرى.
قابلنا أولا رؤوف، الذي عرض علينا عقدا ذهبيا يزن 6 غرامات قال لنا بأن سعره هو 53000 دج، وأنه يكلف أكثر في المحلات، استرسلنا في الحديث إليه، فأخبرنا أنه يمارس الدلالة منذ أكثر من 12 سنة، وأن هذه السنوات علمته أن المعاملة الجيدة هي أساس كسب الزبون.وقد تأسف كثيرا للوضع الذي آل إليه النشاط، خصوصا بعدما فقدت « الزنقة» شهرتها في ظل انتشار المحلات العصرية، وبسبب بعض الممارسات التي يقوم بها أشخاص محسوبون على النشاط شوهوا سمعة الدلالة بسبب الغش.كما علمنا أيضا، من تجار آخرين، أن عدد الدلالين في الزنقة يعرف تراجعا مستمرا، مؤكدين أنه في السابق كان يوجد أكثر من 300 دلال والجميع يكسبون بشكل جيد على حد قولهم، أما اليوم، فلم يتبقى سوى 35 دلالا ينشطون بالمكان، وقد أرجعوا الأمر الى وفاة البعض و انتقال آخرين إلى النشاط في المحلات النظامية، فيما اختار البقية البحث عن مصدر رزق آخر، ومع تراجع العدد فإن الدخل تراجع أيضا، وما عاد الدلال كما قالوا، يبيع أكثر من أربع قطع في الأسبوع الواحد وأحيانا. استفسرنا من رؤوف وأمين وغيرهم من الدلالين، عن مصدر بضاعتهم، فكان ردهم أنهم يشترون الذهب المستعمل الجديد « البونو» من البنوك أو محلات بيع الذهب وكذا من الزبائن، ليقوموا بتعديله في ورشات تصنيع الذهب، ثم يبيعون الغرام الواحد من ذهب الفتلة بـ 9000 دج والإيطالي بجميع أنواعه من «الرايكا و الغرازيلا و البلغاري» بـ 9500 دج، بفارق 1500 إلى أزيد من 3000 دينار عن سعر المتاجر.
رميساء جبيل