•660 مليار دينار لدعم المواد واسعة الاستهلاك في 2025أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن الحكومة تضع مسائل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين القدرة الشرائية...
• تحسن القدرات الاستهلاكية والادخارية للجزائريين شهد دخل الأسر المتاح في الجزائر «زيادة كبيرة» سنة 2024، مقارنة بـ 2019، وهو ما يعكس تحسنا واضحا في...
أعلن مجمع سوناطراك، في بيان له، عن استلام شحنة جديدة من التجهيزات والمعدات الخاصة بإنجاز خمس محطات لتحلية مياه البحر، على متن أكبر طائرة شحن في...
وصل، مساء أول أمس الخميس، وفد طبي جزائري إلى غزة لإجراء عمليات جراحية وفحوصات طبية لجرحى العدوان الصهيوني والمرضى بشمال القطاع، ويضم الوفد 7 أطباء...
يتكرر السؤال في كل سنة حول مشروعية إخراج زكاة الفطر قيمة أو نقدا بدل قوت أهل البلد، ويكثر حوله الجدل بل نجد من يهدر الحبر والورق والوقت في توزيع مطويات في الطرقات وعلى المارة، بل منهم من يتوزع على المساجد للتشويش على كل من يقول بجواز إخراج القيمة. ولقد تعددت مذاهب الفقهاء في كيفية إخراج زكاة الفطر هل يجب إخراجها من غالب قوت البلد، أو يجوز إخراجها قيمة أي إخراج النقود، ويمكن حصرها في مذهبين:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب إخراج زكاة الفطر من غالب قوت البلد، وقد اختلفوا في أي هذه الأصناف أفضل وأنفع للفقير؟، كما اختلفوا في جواز إخراج القطنيات والدقيق، وغيرها من الأقوات التي لم تذكر في النصوص الشرعية. ولهم أدلة على ما ذهبوا ا إليه مفصلة في الكتب الفقهية وكتب أحاديث الأحكام.
المذهب الثاني: وهو ما ذهب إليه الحنفية والأوزاعي وطاوس، ومجاهد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن جبير وصح عن عمر بن عبد العزيز إيجاب صاع من بر على الإنسان في صدقة الفطر، أو قيمته على أهل الديوان نصف درهم وهو قول الليث، وسفيان الثوري. وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل، لأنه أقرب إلى منفعة الفقير، والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البياعات تجري بالنقود، وهي أعز الأموال، فالأداء بها أفضل»وهو مذهب جماعة من المالكية كابن حبيب، وأصبغ، وابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب، وفي رواية عن أحمد تجزئ القيمة مطلقاً، وعنه تجزئ في غير الفطر وممن جوّز إخراج زكاة الفطر قيمة ابن تيمية عند الحاجة والمصلحة وهو مذهب بعض الشافعية بل هو مذهب البخاري، وللمجيزين أدلة على غرار من سبق تنظر في مظانها.
ومن المرجحات لجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر ما يلي:
(أولا): مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر مسألة خلافية ويسعنا من الخلاف ما وسع الصحابة رضي الله عنهم وسلف الأمة من بعدهم، ولا نكران في المسائل الخلافية عملا بالقاعدة الفقهية، ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه، ولاسيما أن القائلين بالقيمة من سلف هذه الأمة المشهود لمرحلتهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
(ثانيا): من المعلوم أن رأي الإمام يرفع الخلاف، فلو فرضنا أن علماء الأمة اختلفوا في مسألة فقهية، وتحيّر الناس بأي رأي سيعملون؟ فمما لا شك فيه أن العامّة مخيرون بأخذ واحد من القولين فالعاميّ مذهبه مذهب مفتيه، ولكن إذا انحاز الإمام لرأي وألزم به الأمة فالجميع ملزم بما رآه الإمام سدا لذريعة الفتنة في المجتمع والمسالة التي هي محل البحث قد بتّ فيها الإمام أو لي الأمر باعتبار القيمة، فتكون المخالفة من باب إحداث الفتنة وهو ممنوع شرعا،
(ثالثا): تتوج هذه القاعدة وتكتمل فائدتها بربطها بالقاعدة الذهبية الأخرى من قواعد السياسية الشرعية: تصرفات الحاكم منوطة بمصلحة الرعية فإذا اختار الحاكم أو ولي الأمر أومن ينوبه مسألة فقهية، وتخير قولا أو مذهبا معينا ورأى فيه تحقيق المصلحة الراجحة، أو سد ذريعة، فيصبح ذلك القول حكم الله في حق الراعي والرعية، ولا يجوز إحداث فتنة أو مخالفة تؤدي إلى اضطراب الحال والفرقة بين المسلمين حتى من كان مذهبه مخالفا لما ذهب إليه الحاكم في ترجيح أحد الرأيين فله أن يعمل بما يعتقده صوابا في خاصة نفسه دون إشاعة الفوضى والفتنة في المجتمع. ويكون رأي الإمام من باب ترجيح أحد القولين بموجب المقاصد الشرعية، كالترجيح بين مصلحتين في الاعتبار أو بين مفسدتين في الدفع والإلغاء، أو الترجيح بين مصلحة ومفسدة.
(رابعا): وأما قولهم إن النقود كانت موجودة زمن رسول الله ولم يأمر بإخراج زكاة الفطر بها. فنقول:نعم النقد كان موجودا ولكنه نادر وقليل، وجُلّ معاملاتهم كانت بالبر والشعير وبالأعيان ـ نظام المقايضة ـ لأنه الأيسر لهم فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما هو أيسر لهم. وهذا ديدنه صلى الله عليه وسلم في أخذ الناس بالأيسر.
(خامسا): ومن جهة أخرى يمكننا القول إن عدم الفعل لا يدل على عدم الجواز، بل لو نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن إخراج القيمة لكان الكلام حقا وصوابا، ولكن لم يرد النهي منه صلى الله عليه وسلم. فيبقى العمل بالقيمة مسكوتا عنه يجوز العمل به إذا تحققت به المصلحة، ودعت إليه الضرورة.
(سادسا): لئن جاز أخذ العروض في زكاة الأموال كما فعل سيدنا معاذ مع أهل اليمن، وجواز أخذ في الجزية كما فعل سيدنا علي، وهي كلها من المقدرات الشرعية فجواز ذلك في زكاة الفطر لما يدخل السرور والحبور على الفقراء في مثل هذا اليوم من باب أولى لأنهم أعلم بحاجاتهم فتلجئهم الحاجة للمال لبيع البر أو الشعير أو الأرز بأقل من قيمته زكاة الفطر وبذلك يخشى على الإنسان أن يكون قد أخرج أقل من قيمة زكاة الفطر فلا تجزؤه. فضلا عن كون ذلك مناقض لمقصود الشارع الحكيم من تشريع زكاة الفطر، ويؤدي إلى العبث بالحكم الشرعي المبني على أسرار ومقاصد.
وختام الأمر:نقول إن المسألة خلافية وليست ثمة مسألة فرعية محل إجماع بل جُل الأحكام الفقهية خلافية لأنها ظنية، حتى قال الإمام أحمد من ادعى الإجماع فقد كذب، وعليه فلا مسوغ لكل تلك الزوبعة التي يثيرها بعض الناس من أجل مسالة فرعية وقع فيها الخلاف منذ عهد السلف الصالح.والقائلون بالقيمة ليس مذهبا منفردا شاذا بل هم جمع من أئمة المذاهب المختلفة أئمة مجتهدون عدول مشهود لهم برسوخ القدم في العلم والحفظ والورع والتقوى والبعد عن الابتداع لا يشك في اتباعهم للهدي النبوي، إنما صاروا إلى ما صاروا إليه من أقوال واجتهادات في هذه المسألة وغيرها من المسائل الظنية ليس لمجرد الهوى والتشهي ولكن الدليل والبرهان وقواعد الاستنباط والاجتهاد فرحم الله جميع علماء الأمة الإسلامية وأجزل لهم المثوبة.