تجار يغالطون مرضى في عمليات ترويج على مواقع التواصل: تحذيرات من تعويض دواء الغدة الدرقية بالجوز البرازيلي

يقوم أشخاص و تجار عبر الفضاء الافتراضي و بمحلات بيع المكسرات، بالترويج للجوز البرازيلي على أنه  علاج سحري لمرض الغدة الدرقية، ما جعل مرضى يتوقفون عن تناول الدواء و تعويضه به، دون استشارة الطبيب، و هو ما حذر منه الأخصائي في أمراض الغدة الدرقية حبيب معيزي، قائلا بأن الجوز البرازيلي لا يعوض الدواء و الإفراط في استهلاكه يؤثر على صحة مرضى القلب و يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات و بالسكري.

والملاحظ أن الجوز البرازيلي من الأنواع الجديدة التي أصبحت تعرض بمحلات بيع المكسرات، و تلقى رواجا كبيرا حسب تجار، فيما لفتنا  عبر الفضاء الأزرق انتشار منشورات تتضمن صورة و فوائد المنتج الصحية، حيث تلقى تفاعلا كبيرا، خاصة من قبل مرضى الغدة الدرقية،  حيث يبدون من خلال التعليقات مدى حاجتهم للعلاج، و يستفسرون عن ما إذا كان فعلا بديلا للدواء طريقة استهلاكه و عن الكمية الواجب تناولها في اليوم،   إذ يجزم أصحاب هذه المنشورات بفاعلية تناوله، و بأن كلما كانت الكمية المستهلكة كبيرة زاد احتمال التماثل للشفاء في ظرف قصير، و بأنه لا يعالج مرض الغدة فحسب، و إنما مفيد لأمراض أخرى كالسكري و القلب و الأمراض المناعية.     
مؤثرون يتحولون لخبراء في الطب البديل

و يستعمل مروجون للمنتوج عبارات مستميلة، منها « اغتنموا الفرصة قبل نفاد الكمية»، «جوز برازيلي أصلي يحسن صحة الغدة الدرقية»، «مصدر ممتاز للسيلينيوم»، «يقوم بخفض نسبة السكر في الدم»، « يعمل على زيادة مستويات التستوستيرون»،  «يحسن صحة القلب»،  « يعدل المزاج»، «يغذي  البشرة و يقوي المناعة»، وعند تصفحنا لبعض المنشورات،  وجدنا بأن تعليقات المتابعين تباينت بين من يطلب الجوز البرازيلي ويستفسر عن سعره وفوائده، لتجربيه بعدما عانى كثيرا من مرض الغدة الدرقية كبديل  عن الدواء، بينما دعت فئة أخرى إلى توخي الحذر وعدم الانسياق وراء كل ما يروج له عبر الفضاء الإلكتروني.
و خلال جولة ميدانية بمحلات لوازم الحلويات و بيع المكسرات، وقفنا على مدى رواج  الجوز البرازيلي، حيث يسجل تجار إقبالا كبيرا على شرائه، من قبل زبائن يعانون من مشاكل صحية، اذ يستفسر غالبيتهم عن صحة تعويضه للدواء و فوائده في علاج عدة أمراض، و ينتظرون إجابة وافية ظنا بأن التاجر يملك المعلومات الكافية، فيما هناك زبائن يقصدون المحل و كلهم ثقة بأن المنتج له فوائد صحية، و يحاولون إقناع التاجر و الزبائن الموجودين بالمحل.   
تحدثنا لأحد الزبائن وجدناه يقتني كمية من هذا المنتج، و سألناه عن سبب شرائه، فأخبرنا بأنه سبق و أن قام بتناوله و وجد بأنه مفيد جدا لتنشيط الغدة الدرقية و بمثابة علاج طبيعي، ما جعله يشتري كمية أخرى، لتقاطعه سيدة قائلة بأنه منتج طبيعي لا يحتوي على أي مكون كيميائي، فحتى إذا لم ينفع المريض لا يضره.  
فيما اعتبر مواطن، الجوز البرازيلي بأنه نوع من أنواع المكسرات، و يعد منتجا غذائيا لا علاجي، قد تكون له فوائد للجسم كما قد تكون له أضرار،  لكن لا يمكن في نظره أن  يعوض أي دواء بما فيه دواء الغدة الدرقية، و الدليل حسبه بأن هناك مرضى من أقاربه اعتمدوه كعلاج لكن لم يقدم في النهاية أي نتيجة.
و ما أثار انتباهنا، خلال زيارتنا لأحد محلات المكسرات، تاجر يشرح بصوت مرتفع لزبائن فوائد  منتج الجوز البرازيلي على الصحة، مؤكدا بأن تناول 3 حبات منه يوميا على الريق، يساعد في الشفاء من مرض الغدة و غيره من الأمراض، و بحديثنا إليه قال إن كثيرا من المرضى وجدوا الدواء المناسب لدى الطب البديل، و الدليل في نظره حجم الإقبال على منتجات غذائية طبيعية، فيما أرجع الشاب حمزة، سبب رواج المنتج إلى دخول مؤثرين و مختصين في الطب البديل على خط الترويج. ويرى ذات المتحدث، أنه وبالرغم من سعره الذي يصل إلى 3200 دينار للكيلو إلا أن الإقبال عليه كبير، مؤكدا بأن  محله يستقبل يوميا عشرات الزبائن من مختلف الأعمار والشرائح، منهم من جاء بعدما نصحه طبيب بتناول الجوز البرازيلي كمكمل غذائي،  ومنهم من تأثر بالإعلانات المنتشرة عبر فيسبوك.
منظمة حماية المستهلك تحذر
و قد حذرت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، في منشور لها مرفق بصورة لإعلانات تروج لفوائده، و وصفت ما يقوم به معلنون بالاحتيال، قائلة بأن المنتج عبارة عن غذاء و ليس دواء، و قد تفاعل نشطاء على نطاق واسع مع المنشور.
الإفراط في  استهلاكه يعود سلبا على صحة المريض

أكد المختص في أمراض الغدد والسكري، الدكتور حبيب معيزي، بأن الجوز البرازيلي هو نوع مختلف من أنواع الجوز، له فوائد مختلفة فهو مليء بالمعادن والفيتامينات الهامة لصحة الإنسان، حيث تحتوي 30 غرام من هذه المكسرات على 187 سعر ة حرارية، لهذا يعد من أكثر أنواع المكسرات الغنية بالطاقة و بمعدن السيلينيوم الذي يحافظ على  صحة الغدة الدرقية، و أساسي لتنظيم وظيفتها  و اضطرابات إفراز الغدة.
ولم ينف المتحدث، بأن  هذه   المكسرات واحدة من أكثر المصادر المعدنية تركيزا للسيلينيوم، المساعدة على تنشيط الغدة الدرقية، ولكن كمية استهلاكها هي غير المعلومة  لدى العديد من المرضى،  مشيرا في ذات السياق إلى أن زيادة مستوى السيلينيوم في الجسم عن الحد الطبيعي قد  يتسبب في ظهور مجموعة من المشاكل الصحية، مثل  تساقط الشعر، والتعب الدائم، وعسر الهضم.
  مشيرا في ذات السياق بأن  الإفراط في تناوله إلى جانب الأدوية يمكن أن يسبب أضرارا جانبية، بحيث قد لا يتناسب مع تركيبة دواء، أو يمكن أن يقلل أو يضعف فعالية الدواء الذي يصفه الطبيب.
ويرى الطبيب،  بأن سبب انتشار ظاهرة التداوي الذاتي كاستهلاك المكسرات على أساس أنها علاج، مرتبط أساسا بغياب الثقافة الصحية وقلة الوعي لدى الأفراد، إضافة إلى استخفاف البعض بدور الطبيب، موضحا بأن هناك مرضى يجهلون بأن تناول  نوع معين من المكسرات بإفراط مع أدوية  يسبب تعقيدات صحية.
كما ذكر آثاره الجانبية، أبرزها زيادة الوزن في وقت قصير، الإصابة بالحساسية تجاه  أحد مكوناته،  و يؤثر على الحالة الصحية لمرضى القلب لكونه مشبع بالدهون، مضيفا أن  الإفراط في تناول السيلينيوم يؤدي  إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات ومرض السكري، والإصابة بتسمم السيلينيوم الذي يؤدي إلى مشاكل في التنفس والفشل الكلوي والنوبات القلبية.
و حذر الطبيب،  من الانسياق وراء الإعلانات التي يروج لها مجهولون و مؤثرون لا علاقة لهم بالجانب الطبي، و حث المرضى على تناول الدواء الذي يصفه الطبيب فقط.
لينة دلول