السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الكتابةُ ضدّ التأتأة

سليم بوفنداسة

تواجه الصّحافة المكتوبة محنةً حقيقيّة، ليس بسبب كورونا وحدها، ولكن بسبب توجّه عام نحو المؤثرات البصريّة و الصوتيّة التي تعفي المتلقي من كلّ جهدٍ.
و تخفي فرحة منظّرين بزوال الورق أزمة وعيٍ وسوء تقديرٍ لعواقب اختفاء واحدةٍ من أهم وسائل التثقيف والتعليم وإشاعة الديمقراطيّة في عصرنا.
و المشكلة ليست في انتقال الصحيفة من الورق إلى الدعائم الالكترونيّة، ولكن في ازدراء "المكتوب" لحساب المرئيّ والمسموعِ، الذي يلتقي فيه الجمهور مع صنّاع القرار دون أخذ المهنيّة و قيمة العمل بعين الاعتبار.
فالمكتوب الذي يراعي الجودة والدقة، يتجاوز في وظائفه الإبلاغ إلى التكوين والتثقيف، خصوصاً حين يصدر عن مؤسسات إعلاميّة حقيقيّة وعن إعلاميين حقيقيين، درسوا حقاً وتدرّبوا و مرّوا بمختلف المراحل التي تقتضيها مهنتهم، ويمتثلون في عملهم إلى المعايير المهنيّة والأخلاقيّة.
ولا تقدّم "البدائل" المطروحة هذا النّوع من "الخدمة" لغياب إنتاج سمعيّ بصريّ وطنيّ أو صناعة تلفزيونيّة، وهو ما جعل من أغلبيّة القنوات التلفزيونية مجرّد إذاعات مرئية، والخوف كلّ الخوف أن نستنسخ "أقبح" النماذج العربيّة في "برامج" يجلس فيها المذيع ليعيد سرد النهار السابق في مونولوغ طويل يراعي فيه امتداح السلطة والجهات المانحة للرزق وهجاء المعارضة إن وُجدت  في قالبٍ غريبٍ على المهنة، حيث يكتفي بذكر  أخبارٍ والتعليق عليها دون إسنادٍ مع الإيحاء بأنّه يوحى إليه، وقد يقومُ بما يقوم به دون أن يقول له أحدٌ إنّ ما تقوم به غير أخلاقيّ، وربما قيل له عكس ذلك تماماً، وقد لا يحتاجُ فيما يقوم به إلى لغةٍ ويكتفي بأنصافِ الجُمل وأسماءِ الإشارةِ والتأتأةِ.
لا يخدم هذا "النوع" الصّحافة، مثلما لا يخدم الديمقراطيّة الناشئة التي تحتاج إلى صحافةٍ تكشفُ الحقائق وتعرض الآراء والأفكار المختلفة وتثقف المتلقي وهي مهمة تبنّتها طويلاً الصّحافة المكتوبة حاملة الفكر، لذلك تعمد دوّل كبرى إلى دعم صحفها  حفاظاً على "رأسمالٍ" معرّضٍ للخطر بسبب الجوائح السمعيّة البصريّة والانفجار التكنولوجي الذي مكنّ جميع النّاس  من التخاطب العلني و  الذي تحيل مخاطره في كلّ مرّة إلى ضرورة بقاء المحترفين في المشهد.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com