السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

المتلاعبون

سليم بوفنداسة

تقدّم بعض المعالجات الإعلاميّة، قضيّةَ ترتيبِ نتائجِ مباريات كرة القدم كاكتشافٍ جديدٍ وكارثةٍ، وتنسى أن الفضيحة الأخيرة، فضيحة أخيرة في التاريخ فحسب، أما التلاعب فهو فنّ قديم ورياضة وطنيّة تتجاوز الكرة إلى مختلف مجالات الحياة.
تعرفُ الصّحافة أنّ المباريات تُرتّب منذ قديم الزمان وتعرف الجماهير ذلك، ويعرف مسؤولون عن الرياضة، ولا أحد انزعج، بل إنّ الجماهير والمسؤولين المحليين كانوا دوماً يدفعون برؤساء «متلاعبين» ومسبوقين قضائيا لقيادة أنديّة نحو النّصر!   
وبين الذين يدينون «الفضيحة» على شبكات التواصل الاجتماعيّ، متلاعبون سابقون ضاقت أمامهم فرص التلاعب فقط لا غير، وهم الذين كانوا إلى وقتٍ غير بعيد  يستقدمون اللاعبين بأجرةٍ معلومةٍ ويشاركون في العدوان على قيّم الرياضة و أخلاقيّاتها.
وإذا حاولنا تعريف التلاعب في الحياة قياساً على التلاعب بنتائج المباريات، فقد نقف على متشابهات كثيرة، أي إذا كان التلاعب هو تمكين الخاسرِ المحتملِ من نصرِ مؤكّدٍ، فإنّ لون الفضيحة سيزحف على قطاعات واسعةٍ من حياتنا تسيّد فيها الفاشلون، والنتيجة هي هذا التصحير الذي تعرّضت له البلاد في السياسة والثقافة والاجتماع، حيث اختفى حملة الأفكار  والمبدعون الحقيقيون و ذوو الكفاءة واحتل الواجهة «الذين احتلوا الواجهة».
ينتقل المتلاعب من النّقيض إلى النّقيض دون مشقّة، ليس في نشاطه الاجتماعيّ فحسب بل حتى في حالاته النفسيّة وهو ينتمي بحسب البورتريهات التي يرسمها المعالجون النفسانيون إلى «العائلة السكيزوفرينيّة»  ويعاني من انحرافٍ نرجسيٍّ يجعله يُبالغ في تقييم قدرات ذاته، وحتى و إن كانت نسبة هذه الفئة قليلة في المجتمعات إلا أنّ خطرها كبيرٌ جداً، لأنها لا تتردّد في استعمال الأساليب غير المشروعة  وتدمير كل ما يقف طريقها نحو الهدف، وتجد في البيئة الفاسدة فرصة «للتألّق».
ويموت المتلاعب كلّما أشيعت قواعد النزاهة والاستحقاق ويقتله أيضاً الزّجر الاجتماعي.
لذلك فإنّ اختفاء المتلاعبين يتطلّب تطهير البيئة من الأسباب المساعدة على انتشارهم، ويتحقّق ذلك بالانتقال إلى فضاء ديمقراطي وشفّاف يقصي الأساليب غير النزيهة في الحياة السيّاسيّة وينعكس ذلك آليا على الاقتصاد والإعلام والثقافة والرياضة، مع الإبقاء على حالة اليقظة واعتماد نفس الطرق الوقائيّة المتبعة في مواجهة «المستجدّ» الذي أفسد حياتنا.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com