السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الــوأد

سليم بوفنداسة

شُحذت سكاكينٌ كثيرة في بدايات صيفنا الموبوء هذا، للنيل من سليم بركات، عاشق السّكاكين و كاشف السرّ الذي كان يجب أن يُخفى، و أغرب ما يمكن أن يُقرأ في صحائف العرب عن السّجال هو أنّ بركات "يتقعّر" ولا يحسن الكتابة وفوق ذلك لا يلبسُ قميصاً لائقاً ويغار من محمود درويش الأنيق والجماهيريّ.
لقد كانت الفرصة مناسبة لكتّابِ الإنشاء للنيل من "خير من يكتب بالعربيّة الآن" باعتراف درويش نفسه، والإشارة بأصبع العنصريّة الحمقاء إلى كرديّته.
وتجد في جوقةِ الساخطين على إفشاء السرّ، بعض المختصين في كسرِ الطابوهات طلباً لغضب الغوغاءِ الذي يبقيهم على قيْدِ الحياةِ على مواقع التواصل الاجتماعيّ،  لكنّهم يستهجنون حديث شاعرٍ عن ضيْق صديقه بمواثيقِ الأبوّةِ و تنصّله من ثمرةٍ تركها تذهبُ في هويّة أخرى، أي في حياةٍ كاذبةٍ، وتلك مسألة كان يفترض أن يحلّلها علماءُ النّفس وليس كتّاب الأدبِ ونقّاده.
وتكشفُ العاصفة التي أثارها مقال سليم بركات عن أمراضِ الثقافة العربيّة الكثيرة وفي مقدمتها عدم تقبّل الحقيقة وتفضيل الكتمان وطغيان الدينيّ على سواه،  بل وعودة المكبوتات السحيقة كالرغبة في وأد البنات! فبعض الكتابات التي ترفض احتمال وجود بنت للشاعر الكبير (الذي لم يلد) تحيل إلى التاريخ الأسود الذي تُقبر فيه البنت والذي لا تزال تمثّلاته ساريّة إلى اليوم، وتكفي التعليقات المرحبّة بما يُعرف بجرائم الشّرف على مواقع التواصل كدليلٍ على ذلك.
كان ما كتبه بركات سيمرّ بصخب أقلّ في ثقافةٍ سويّة يفرّق فيها النّاس بين الإبداع وصاحبه ولا تجنح نحو أسطرة الأشخاص وتحميلهم فوق ما يستطيع الإنسيُّ حمله، لكنّه تحوّل هنا إلى مواجهةٍ عرقيّة بين مثقفين  وجماهير تُستثار بسرعة، مع استثناء أصوات العقلِ التي ارتفعت وسط العاصفة. فلا الطفلة ستنال من شعريّة درويش ولا من مكانته في ريبيرتوار الشّعر الإنسانيّ، صدقت أمّها أم كذبت، ولا "إفشاء السرّ" يمسّ بقيمة سليم بركات كروائيّ وشاعرٍ متفرّدٍ فعل بالعربيّة ما لا يقدر على فعله المتعصّبون لها.
ملاحظة
نزعة صناعة الأوثان في الثقافة والسيّاسة والاجتماع و عدم تقبّل الحقيقة والاطمئنان إلى الوهم ورفض المختلف، من أسباب خراب الأوطان والإنسان.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com