السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

غابتُنا

سليم بوفنداسة

 يختفي وباء آخر خلف الوباء الظاهر، من خصائصه أنّه يصيب صنّاع القرار، في عالمٍ يفقد يوما بعد يوم ما تبقى من أخلاقه، ويدفعهم إلى اختلاقٍ حروبٍ أو التأهّب لها على حساب مقدرات الشعوب والحياة الإنسانيّة التي لم تعد غاليّة.

فمنذ اخترع كهنة العلاقات الدوليّة مفهوم التدخّل، تحت عناوين مُخادعة من نوع: إشاعة الديمقراطيّة وحماية الأقليات والتدخّل الإنساني، أصبح هواة الحروب في غنى عن تبرير رياضتهم، وقصص تدمير دوّل معروفة، لكنّ الطريف في الأمر، أنّ الممارسة لم تعد حكراً على كبار القوم، بل خرجت إلى الملعب دوّل غير قادرة على إنتاج غذائها لكنّها تصرّ على الاستثمار في شقاء الآخرين.
وإذا كانت القوى العظمى في السابق، تستخدم مجلس الأمن للتصديق على مشروع العدوان، فإنّ العدوان أصبح يمارس اليوم بمجرّد إبداء النيّة ويكون مصحوباً بخطاب سياسي أكثـر صفاقة من خطاب بوش الثاني والإنجيليين اليمينيين، الذين أقنعوا حتى عواصم إسلاميّة بأنّ الله أرسلهم لتخليص العالم من الشرّ، وتصاحبه حملات إعلاميّة تضليليّة لم يعدُ صنّاعها يخجلون من «الترويج» لقتل الأطفال و تقديم ذلك كإنجاز وبعد نظر وفق براهين الخبراء ومتسوّلي الاستراتيجيات الذين يسرفون في إظهار الرجاحة والجديّة وهم في وضع هزلي «على الهواء»، يبيعون الحجة في سوق الباطل وينحرفون بعلومهم.
وقد يتولى مناولون محليّون إشعال الحرب مقابل وعدٍ بمجدٍ ما فيما تُسند للمرتزقة أدوار الجيوش الغازيّة، اختصاراً للنفقات والجدل وحفاظاً على أرواح الجنود العزيزة. هكذا تُصاغ الاستراتيجيات الجديدة التي أتاح الوباءُ الوقتَ للتفكير فيها، وهكذا أصبح الأذى فعلا لا تدينه الأخلاق.
هذا ما أصبحت عليه العلاقات الدوليّة في زمن الجوائح الذي قد تتضاعف فيه أسباب الحروب، ما دامت الحضارة الغربيّة العظيمة، في عيوننا،  في حاجةٍ إلى فرائس  كجواب على مشكلاتها الاقتصاديّة، و ما دام خطاب الحقّ عديم المفعول أمام الأمر الواقع، ومادام الشرّ يستقطب المبرّرين في غابتنا.
ملاحظة
تشير كل المعطيات إلى أن ما يدبّره المصابون بالوباء المستتر المذكور أعلاه والذي لا لقاح ولا دواء له، ينذر بإعادة الإنسانية  إلى مراحل بدائيّة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com