السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

حدّثني عن ليبيا !

تحجبُ أخبارُ الحرب أخبارَ الحياةِ في ليبيا القريبة منا البعيدة عنا. ليبيا التي تتعرّض لمحاولة تمزيق  في استعراضٍ مُخزٍ بين قوى دوليّة و حتى"أشقّاء" يريدون وضع اليد على ثرواتها وفرض الوصايةِ على شعبها المُنهك بسنوات الدكتاتوريّة وسنوات الثورة التي انتهت إلى حربٍ أهليّةٍ. ليبيا التي لا نعرفها جيّدا ليبيا التي تضيع.
فكثيراً ما تمّ اختصار هذا البلد في صورة الزّعيم وفي أدبه أيضاً، وإذا كان إبراهيم الكوني قد فرض اسمه في ريبيرتوار الأدب العالمي فإنّ كتّاب ليبيا  في عمومهم تعرّضوا لنوع من الحيف قبل أن تفرض الحرب حيفها على الجميع.
و يقفز إلى الواجهة اسم الروائيّ محمّد الأصفر الذي نحتفي به في هذا العدد من "كراس الثقافة" والذي يكتبُ ليبيا بنهم من منفاه الألماني، يستعيدها بشراً وأثراً ورائحة ويتخيّلها متعافيّة تنعمُ بالديمقراطيّة والرخاء. إنّه يكتب ملحمة ليبيا الحديثة في نصوص روائيّة ازدادت غزارة منذ منحه المنفى الوقت للكتابة التي تحوّلت إلى أسلوب عيش.
يأخذ الأصفر الكتابة ببساطة ويقول لك بعفويّة  إنّه يحبّ كتاباته سواء أحبّها الآخرون أو استهجنوها هو الذي اصطدم بالكتابة ولم يخطّط لها حين كان تاجر شنطة يجوب العواصم بحثا عن الحياة وليس عن المال. وتبدو حياته في حدّ ذاتها ملحمة انتقل في فصولها بين ممارسة كرة القدم والتجارة والتدريس، قبل أن يناديه المنفى ويتحوّل الوطن إلى نصّ يصون نخيله و قعموله ويحمي جرابيعه ويرمّم ذاكرته الجمعية المخرّبة.
وبين الفضاء الصحراوي الذي صاغه الكوني وجعله مسرحاً للحياة نفسها والفضاء الذي يقترحه الأصفر، تكتمل صورة عميقة عن ليبيا الإنسان والحضارة، وتتوارى الصورة البائسة التي لطالما روّج لها الإعلام منذ سقوط الملكيّة الدستوريّة وسقوط حلم بناء دولة ديمقراطية، إلى أيامنا هذه حيث تتبارى فضائيات في نقل روايات متضاربة عمّا يدور على الأرض وفي أذهان الطامعين الذين يسفكون دماء اللّيبيين مستغلين جوعهم إلى الحريّة ليسرقوا منهم كرامتهم وحريّتهم.
و هو ما يعني أنّ عبقريّة أبناء هذا البلد جعلتهم يخلّدون ليبيا الحقيقيّة ويحفظونها من التحريف، وهذه الميزة، لحسن الحظّ، لا يملكها الطُّغاة ولا الغُزاة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com