الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

مجانبة

سليم بوفنداسة

تشكلّ الرّغبات العارمة في التجمّع والكلام إحدى العقبات في مواجهة الجائحة، ما يستدعي البحث عن سرّ هذه الحاجة التي قد يموت النّاس من أجل تحقيقها.
حيث لم تتوقّف التجمّعات السريّة حتى في أوقات الحجر التي يختفي فيها "المتكلّمون" عن أعين الشرطة من أجل الكلام إلى ساعات متأخرة من اللّيل، وما إن تمّ تأخير الحجر بثلاث ساعات حتى فُرشت الأرصفة (في مدينة كبيرة كقسنطينة مثلاً) للمتجمّعين فيما يشبه الاحتفال بزوال العائق.
قد يحتاج الدارسون إلى تجميع الكلام لفهم الرّغبة القاتلة التي تدفع إليه، وسيجدون كنزاً يمتدّ من تكتيكات الكرة إلى أسرار السيّاسة مروراً بحقائق علميّة.
و إذا كانت هذه الظاهرة تحيل إلى "وقتٍ ضائعٍ" من الحياة والاقتصاد، فإنّها تشير في ميزان التحليل النفسيّ إلى مشكلةٍ في الحياة، فالتجمّعات المذكورة تشبه جلسات العلاج الجماعي التي يقوم بها معالجون، ما يعني أنّ الذهاب إلى الكلام يشبه طلب العلاج ، مع فارق مؤثّر يتمثّل في غياب المعالج الذي يوجّه اللّعبة بذكاء في الحالة الأولى. ونحن هنا أمام حالات فشلٍ يتمّ علاجها بطريقة خاطئة، تماماً كما يتم علاج أمراضٍ مستعصيّة بوصفات ما يسمى بالطبّ البديل.
وتصبح الظاهرة خطيرة حين تنتقل عدواها من مواطنين يواجهون مشاكل اجتماعيّة أو مهنيّة إلى مسؤولين يبدّدون وقتاً في الكلام الذي يصبّ في امتداح أنفسهم وهجاء الآخرين أو التنظير لعملٍ معروفٍ منذ ظهور التجمّعات البشريّة، على حساب مهامهم الفعليّة، وكما في الحالات المذكورة سلفاً فإنّنا أمام مشكلة في فهم العمل واختلال في الأداء، لأنّ انجاز العمل على الوجه الصّحيح يعفي صاحبه من ترجمته إلى كلام !
و لو نظرنا إلى الأمم المتطوّرة الآن لوجدنا أنّها منصرفةٌ إلى الفعل، أي إلى العمل وأنّ شعوبها لا تهدر وقتها على النحو البشع الذي نقوم به، حيث نكاد ننفرد بين سكّان كوكبنا بهذه الظاهرة  التي تقترب من الغرائبيات أو الفنتازيا بل وحتى المأساة في بعض الأحيان حين تجد أشخاصاً يقضون أعمارهم  على الأرصفة يسردون حياةً، كان من المفترض أن يعيشوها فعلا، بأساليب هي برهانٌ على أنّهم لم يفعلوا.

المزيد من الأعمدة

المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
في وصف الشّر

تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح...

  • 04 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com