السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

شقُّ الغُبار

سليم بوفنداسة

يشهرُ الموقفَ دون تفكيرٍ، لا يكلّف نفسه عناء فهمِ القضيّة والإلمام بتفاصيلها، يكتفي بالعنوان فقط ويلقي بجمله الجاهزة.
 يحدثُ ذلك في قضايا بسيطة أو مسائل شائكة، في أحداثٍ وطنيّة أو دوليّة يقتضي فهمها الاطلاع الدقيق ويلتقي في المطبّ العاديُّ والأكاديميُّ و «الإعلاميُّ».
و قد خدمت وسائلُ التواصل هذا الاندفاع الأعمى نحو إدلاء الدلو في كلّ موقعٍ وأعفت كثيراً من النّاس من التفكير الذي أصبح عادةً قديمةً، أو من التريّث الذي تميّز به الإنسان عن غيره من الكائنات في التعامل مع الطبيعة والمحيط.
وهكذا أصبح الإنسانُ المدموغُ بالفهم ظاهرة منتشرة في كلّ مكان، ومن خصائصه أنّه بدون كوابح، لا يسمح لك بإكمال جملة  وقد يدوسك إذا تصادف وجودك مع عبوره الكبير في «الطّريق»، ومن مخاطره أنّه يساهم في نشر المغالطات التي تضلّل الرأي العام في المجتمعات التي تسود فيها ثقافة القطيع، و يكفي تحليل محتوى تعليقات الجماهير على المنشورات والمواضيع لنعرف أنّ من يعلّق أولاً  قد يوجّه من يليه ويحدث ذلك في إبداء المواقف وفي عمليات التضامن وحتى في إمضاء بيانات التنديد أو المساندة !
لذلك قد تجد متضامنين مع لصّ أو فاسدٍ بالقولِ وبالعمل وبالسعي غير المحمود، وقد تجد من يستميت في الدفاع عن «مظلوم» لا يعرف تهمته وقد تجد من يساند الباطل وهو يرتدي جبّة الحقّ.
يتشكّل المُندفعُ من طموحٍ تعوزه الأدوات وحلم لا يصدّقه الواقع، أي أنّه ينحدر من السلالة «السكيزوفرينيّة» المجيدة التي تعالج خيباتها باختلاق واقعٍ بديل، وقد ينجحُ في القفز على حواجز الحياة مستفيداً من التخلّف الذي يميّز المجتمعات المذكورة أعلاه، حيث تعوّض الحيلةُ العلمَ والجسارةُ القدرة على التدبير، وبالطبع فإن زيادة الاندفاع تؤدي إلى الفوضى.
 وعلاج الداء وأعراضه في إشاعة الاستحقاق الذي يكرّس الشرعيّات ويضع القواعد السليمة للعيش بدون تدافعٍ ولنيل المطالب دون حاجة إلى التمني المرضي أو المغالبة المهلكة، وقبل ذلك في تمكين المواطنين من تعليمٍ نوعيّ يتيح لهم، على الأقلّ، القدرة على التفريق بين ما يضرّ وما ينفع وعلى نزع مسامير الباطل من لوحة الحقّ.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com