الاثنين 30 ديسمبر 2024 الموافق لـ 28 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

بيتُ الداء

يصفُ  معالجون أدويّة مختلفةً للداء ويغفلون في غالب الأحيان الخُطوة الأولى في العلاج: التشخيص.
و تدفعُ الأهوالُ المحيطة بجرائم الاغتصاب، مثلاً، إلى المطالبة بتشديد العقوبات ويتمّ تجاوز النقاش الضروريّ الذي يجب أن يُثار حول هذه الظاهرة القديمة في مجتمعنا والتي أخرجها الإعلام الجديد من دهاليز الحياة إلى الأضواء.
وإذا كان الرّدع ضرورياً للحدّ من جرائم من هذا النّوع، فإنّ الوقاية تقتضي كسر الطابوهات المحيطة بالمشكلة الجنسيّة التي تعدّ المحرّك الأساسيّ لكثير من الجرائم في مجتمعنا ولمظاهر العُنف والفوضى الآخذة في الانتشار مع تزايد عدد السّكان و الفضاءات الحضريّة، ويقتضي ذلك طرح قضايا الحياة الجنسيّة علناً والإصغاء إلى ما يقوله المختصّون حول الحرمان الجنسيّ والأمراض الجنسيّة وأثرهما على الأسرة والمجتمع، فضلاً عن إخراج التربيّة الجنسيّة من دائرة الممنوعات، فمن غير المعقول أن يهيمن على ساحةِ النّقاش المختصّون في الاقتصاد والعلوم السيّاسيّة والقانون و يُغيّب علماء النّفس والاجتماع في مجتمع مرّ بتجارب خطيرة تقتضي استماع المجتمع وصنّاع القرار إلى ما يقترحه الطبّ النفسيّ والعقليّ، ويكفي اليوم تحليل محتوى ردود الفعل حول جرائم اغتصاب وقتل لنقف على مُؤشرات حمراء يقدّمها التفاعل الإيجابيّ مع الفعل الإجراميّ والإشادة بالمجرم وهجاء الضحيّة، فإذا كان القاتل قد قتل «موضوع الرّغبة» الذي لم يستطع امتلاكه، فإنّ المشيدين كرّروا الفعل ذاته رمزياً، أي أنّهم مشاريع قتلة لم تتوفّر لهم ظروف المرور إلى الفعل، ويحيل انتقاد جماهير وسائل الإعلام أو المتدخلين عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ لطريقة لباس الضحيّة أو خروجها إلى الشّارع إلى المشكلة ذاتها: هجاء موضوع جنسيّ بعيد المنال، يكشف عن استعدادات كامنة للقيّام بفعل عنيف يتراوح بين الكلام البذيء والشتم والاعتداء في مظاهر تستهدف النساء يومياً في شوارعنا، إلى درجة أنّها أصبحت عادة تتقبلّها المعنيّة ويتقبّلها المتواجدون في مسرح الحدث.
لكلّ ذلك يجب الخروج من المقاربات الأخلاقانيّة والدينيّة للظاهرة وإيجاد حلول واقعيّة مثلما تفعله  مختلف المجتمعات، لأنّ غلق فضاءات الترفيه والمتعة، و إحاطة المشكلة بالصمت يؤدي إلى حدوث هذا النوع من المآسي الذي نشهده اليوم.
وكان يكفي أن نصغي إلى أهل الاختصاص لنعرف أنّ أغلبيّة مشاكلنا تأتي من استخدام خاطئ للطّاقة الجنسيّة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com