السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

جـــَرْد

سنحاول نسيانها من بابِ دفعِ المشاعرِ المؤلمة، لكنّها ستظلّ ماثلة في تاريخ البشريّة، ليس بعدد القبور التي فُتحت فيها فقط، ولكنّ لكشفها عن ضعف الإنسان وقلّة حيلته أمام الطبيعة التي توهّم أنّه روّضها قبل أن يحلم بنقل مشاريعه التخريبيّة إلى الكواكب المجاورة لكوكبه الأمّ، وفضحها لوحشيّة الإنسان ذاته الذي تدفعه أوهام التفوّق إلى استغلال انصراف إخوته إلى علاج جراح المآسي للإجهاز عليهم.
لذلك يبدو من غير اللّائق توديع هذه السّنة باحتفالاتٍ صاخبةٍ، كما جرت العادة، خصوصاً وأنّ الأمل في الشّفاء منها ضعيفٌ والمخاوف في امتداد آثارها إلى شقيقتها المواليّة كثيرة.
لم تكن سنة جائحة كورونا فحسب، فقد شهدت انتشار جوائح كثيرة كالعنصريّة التي حاولت الظّهور تحت تسميّاتٍ وصفاتٍ جديدةٍ شأنها شأن "الذّل" الذي سعى بعض معتنقيه  للاحتيّالِ على القواميسِ ونسبه إلى عائلةِ الشجاعة أو إدراجه في جداول حسن التدبير الذي تنتهجه الممالكُ الذكيّة في القفز على تخبّط الجمهوريات الحزينة، مثلاً!
وربما نجحت السنة المؤلم ذكرها في تغيير المفاهيم والعادات و الطّباع ، على رأسها الموت نفسه الذي تحوّل إلى رقمٍ يصعد وينزل يومياً أمام عجز العلم عن توقيف الآلة غير المرئيّة التي تحصد الأرواح بشراهة.
صار الموتُ حدثاً عادياً ومألوفاً وقصّة بدون إثارة، وحتى طقوسه اختزلت في جميع الثقافات، فصارت الآلة تتولى إعداد السّرير الأخير للعزيز الغائب دونما إتقانٍ قبل أن يلقي به غرباء في أعماق الأرض في ضجرٍ واضحٍ لا تنجح رهبة الموقفِ في إخفائه، وتحوّل العزاء إلى مصدر خطرٍ يجب تجنبّه، فلا يد تمتدّ لمسح دمعةٍ ولا صدر لإطفاء النّشيج.
حدث هذا الانقلابُ في سنةٍ واحدة لا غير، وكان يمكن أن يغيّر سلوك "قادة" العالم، من السّاسة والمتحكّمين في الثروات وشاربي دماء الشّعوب وقتلة الأطفال ومخترعي الأساطير المؤسّسة للعدوان ومروّجي الأكاذيب والمنظّرين للباطل. لكن لا شيء من ذلك حدث. لم ينل الضّعف العام من رصيدِ القسوة التي هي التعريف المتأخّر للوحشيّة التي حملها الإنسيّ في جيناته من العهود البدائيّة  ولم يتخلّص منها في انتقاله بين حلقات التطوّر وصعوده ونزوله في الحضارة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com