الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

ميكانيكا الاعتذار والتوبة

نحتاجُ، في علاقتنا مع فرنسا، إلى الشّفاء من مرضٍ كامنٍ يدفعنا إلى مطالبة القاتل السّابق بتغيير عواطفه من النّقيض إلى النّقيض ويحيل إلى ولعٍ يخجلُ من تسميّة نفسه.
إذ ورغم وجاهة المطالب السيّاسيّة بالاعتراف بجرائم الحرب والاعتذار عنها، إلا أنّ هناك بعض العواطف التي تستدعي الإخماد وبعض الشّرايين التي تتطلّب القطع، إذا ما أردنا تعريف العلاقة التي تربطنا بهذا البلد على النّحو الصّحيح.
فرغم أنّنا، ما زلنا، إلى اليوم نحصي قتلانا الذين نعثر على عظامهم عند كلّ جرحٍ خفيفٍ للأرض وما زلنا نموت بسموم النفايات النووّية، ونصرّح علناً بأن القوّة الاستعماريّة السابقة تعمل على تطويقنا بحزام ناري بإثارة توتّرات على حدودنا ودعم جارٍ لا يحبّنا في محاولةٍ لتحجيم دور الجزائر في محيطها وإحداث ما يسمى بالتوازن الإستراتيجيّ مع خصوم مختلقين، إلا أنّنا نتطلّع في المقابل إلى اعتراف هذه القوة بأنّها أخطأت في حقّنا واعتذارها عن ذلك وكفّها عن إيذائنا، دون أن نطرح على الطاولة ما يدفعها إلى ذلك، بل إن أفعالنا تناقض الأقوال، أحيانًا ولا تخدمها على أرض الواقع، حيث ما زال «الأذكياء» من الجزائريين يدفعون أبناءهم إلى تعلّم الفرنسيّة كلغةٍ أمّ  لأنّها لغة المال والحكم في البلد الأم، وما زال من يكتُب بالفرنسيّة يمرّ قبل غيره ومن ينطقُ بها أيضاً، في ناموسٍ غير معلنٍ لكنّه مطبّق بصرامةٍ دفعت بعض الذين يكتبون بالعربيّة، مثلاً، إلى تقمّص المعتدي، ويمكن أن تجد بين الجزائريين من ينادي علناً بحماية الفرنسيّة من خطر الإنجليزية ويخشى على مصالح هذا البلد من المدّ الصينيّ، وما زلنا نقتبس من التشريعات الفرنسيّة ونرزح تحت النموذج اليعقوبي الذي ضاق به أهله أنفسهم.
ونكاد نقترب من دائرة العبث في علاقتنا المضربة مع فرنسا، حين ننتظر تغيير نظرة أو توبة مجانيّة، أو أن يكتب مستفيدٌ من قانون «كريميو» تقريرًا في صالح الأهالي!
لا تعترفُ العلاقات الدوليّة التي تحتكمُ إلى قانون الغاب، بخطاب الحقّ ولا بالاستجداء و التوسّل والمطالب، لذلك فإنّ فرنسا ستذهب أبعد من الاعتذار والاعتراف حين تقتضي مصالحها ذلك، أي حين تصبح في حاجةٍ إلى ما نستطيعُ حرمانها منه.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com