السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

المحمودُ في الحُريّةِ

تلبسُ الفوضى ثوبَ الحريّة وتنزلُ إلى حياتنا مستدعيّة طقوساً يفترض أنّها اختفت لصالح نظامٍ اقتضاه التطوّر، وتفرضه التشريعات المعاصرة.
لذلك، لا تستغربن إن شُتمتَ لأنّك احترمتَ قانون المرور أو صدمك أحدُهم أو قطع طريقك، لأنّه حرٌّ والبلادُ بلاده يفعلُ فيها ما يشاءُ!
 وعليك بالصّمت إن نصب أحدُهم خيمةً لبيع الخضر أو الأواني عند باب بيتك أو مشواة تحت نافذتك.
وعليك احترام مشاعر الأستاذ وقد أخرج أبناءك من مدارس الجمهوريّة إلى المستودعات لينال حقّه من أجرك، والصّبر على الموظّف الذي لم ينمْ جيداً البارحة والسّائق الذي ينفثُ دخان سيجارته في وجهك ويُرغمك على سماع أغنيّة لا تحبّها.
استفحلَ الأمرُ منذ نحو سنتين، مع هبوب نسائم الحريّة وظهور الوباء، وكأنّنا كنا ننتظرُ حدوثَ أمر لنتخلّص من رصيدنا من المدنيّة ونعود إلى مرحلةِ ما قبل العمران.. و من الغرابة، حقاً، أن يتزامن كلّ ذلك مع مطالب بالتّغيير تلتقي فيها النّخب بالجماهير الحالمة بازدهار لا تكلّف نفسها عناء المُساهمة في أسبابه.
ويبدو أن انفتاح شهيّة المُطالبة أعمى العيون عن رؤية الواقع الاجتماعيّ كما هو و"أجاز" سلوكات شاذّة، تبدأ من عدم احترام قانون السير والاعتداء على الطّبيعة والمحيط، مروراً بانتهاك مواثيق وأخلاقيّات مهن حسّاسة، و إهمال العمل والتوقّف التّام عنه مع التمسّك بعائداته والتّهديد بالانتحار عند الاصطدام بالقوانين، ولا تسأل عن الغشّ والتصريحات الكاذبة، وقد تنتهي عند حملات عُنصريّة باتت تهّدد النّسيج الاجتماعيّ الذي حافظ عليه الجزائريّون تحت الاستعمار وخلال الحرب الأهليّة المدمّرة.
والمخيف في القصّة أن تجد أهازيج "الألتراس" تتردّد على ألسنة أفرادٍ من طبقةٍ متعلّمة يفترضُ أنّها تمتلكُ القُدرة على فحصِ الواقعِ على الأقلّ لتعرف الاتجاه والمؤشرات.
قد يكون ما تقدّم من مظاهر ثقافةٍ كرّستها التوجّهات الاجتماعيّة التي صاحبت البناء الشّاق للدولة الوطنيّة، والتي أنجبت الفرد كثير المطالب فقير الجُهد رافض الفطام، وهي توجّهات مدعوّة للاختفاء بمناسبة الحُريّة، لأنّ الحريّة المنشودة تنتمي إلى منظومة تُحرّر العمل والنّشاط الاقتصادي، أيضاً، وتشترط بالتالي النّجاعة والمهارة والاجتهاد الدائم  وهي سلعٌ بدأت تختفي من السّوق.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com