الاثنين 30 ديسمبر 2024 الموافق لـ 28 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

"موتٌ بالتقسيط"

شكّلت حياة "سيلين"، الذي عُثـر على مخطوطاته المسروقة أخيراً، درساً للكتّاب الفرنسيّين أصلاً أو انتساباً، إلى درجة أنّ استجداء اللّوبي الذي قهر كاتبَ "سفر إلى أقاصي الليل" تحوّل إلى لازمةٍ  و كلمة سرّ بين طالبي المجد في بلد "الحريّات"، ويكفي دليلاً على ذلك أنّ دار نشر تخرّج منها كتّاب نوبل لا تستطيع نشر كتبٍ لكاتبٍ من كتّابها من دون هوامش تُسفّهه، وتُذكّر جمهور القرّاء الجديد بأنّه كان يُعادي الساميّة.
 و واضحٌ أنّ العثور على المخطوطات التي سُرقت من "سيلين" في منتصف أربعينيات القرن الماضي و إنّ سلّط الأضواء مجدّدا على أحد أكبر كتّاب فرنسا، إلا أنّه لم يبعث النقّاش حول الحيف الذي لحقه والازدراء الذي عُومل به بعد السّجن والمنفى إلى غاية موته مهملاً ومنسياً، لسببٍ بسيطٍ، هو أنّ السيف الذي سُلّط على سيلين لا يزال مسلطاً على كلّ من يشكّك في رواية المحرقة، بل وفي الروايات التّالية لها أو ينتقد الممارسات التي تقوم بها الدولة الدينيّة المتطرّفة التي تمّ استنباتها على الأرض الفلسطينيّة.
و يحيط غموض بملف المخطوطات، بعدما تبيّن أن النّاقد المسرحي جان بيير تيبودا كان يخفيها بعد أن تحصّل عليها سنة 2006 وفاءً لوعدٍ قطعه مع "حاملها" بعدم إظهارها حتى تموت أرملة سيلين، التي مدّدت عمرها إلى السّنة السّابعة بعد المئة!
وتجد اليوم  في الصّحافة الفرنسيّة، وبعد ستين سنة من وفاة الكاتب، من يستغربُ صدق قصّة سرقة المخطوطات بدعوى أنّ صاحبها كان دائم الشكوى وأنّ "رواياته" للوقائع غير دقيقة وتشوبها اختلاقاتٌ و أكاذيبٌ، بل أنّ تبرئة الذمة بهجاء الكاتب كثيراً ما تسبق كلّ إشارة إلى أهميّته.
نعم، إلى هذا الحدّ يتحكّم اللّوبي اليهودي في الحياة الإعلاميّة والثقافيّة وحتى السياسيّة الفرنسيّة، بدليل أنّ رئيس الوزراء اشترط قبل نحو سنتين على دار غاليمار، وضع هوامش على مؤلفات سيلين التي أعلنت عن نشرها.
لكلّ ذلك ولغير ذلك، تبدو دروس الحريّة التي يقدّمها "أصدقاؤنا" هناك مفتقدة للنزاهة والمصداقيّة. أما ظهور نصوص سيلين فستمنحه حياةً ثانيّة سيُكمل فيها تسديد الدين وتصفيّة الحساب مع الذين يكتمون أنفاس دوّل تدّعي أنّها تصدّر الحريّة  للعالم.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com