الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

"موتٌ بالتقسيط"

شكّلت حياة "سيلين"، الذي عُثـر على مخطوطاته المسروقة أخيراً، درساً للكتّاب الفرنسيّين أصلاً أو انتساباً، إلى درجة أنّ استجداء اللّوبي الذي قهر كاتبَ "سفر إلى أقاصي الليل" تحوّل إلى لازمةٍ  و كلمة سرّ بين طالبي المجد في بلد "الحريّات"، ويكفي دليلاً على ذلك أنّ دار نشر تخرّج منها كتّاب نوبل لا تستطيع نشر كتبٍ لكاتبٍ من كتّابها من دون هوامش تُسفّهه، وتُذكّر جمهور القرّاء الجديد بأنّه كان يُعادي الساميّة.
 و واضحٌ أنّ العثور على المخطوطات التي سُرقت من "سيلين" في منتصف أربعينيات القرن الماضي و إنّ سلّط الأضواء مجدّدا على أحد أكبر كتّاب فرنسا، إلا أنّه لم يبعث النقّاش حول الحيف الذي لحقه والازدراء الذي عُومل به بعد السّجن والمنفى إلى غاية موته مهملاً ومنسياً، لسببٍ بسيطٍ، هو أنّ السيف الذي سُلّط على سيلين لا يزال مسلطاً على كلّ من يشكّك في رواية المحرقة، بل وفي الروايات التّالية لها أو ينتقد الممارسات التي تقوم بها الدولة الدينيّة المتطرّفة التي تمّ استنباتها على الأرض الفلسطينيّة.
و يحيط غموض بملف المخطوطات، بعدما تبيّن أن النّاقد المسرحي جان بيير تيبودا كان يخفيها بعد أن تحصّل عليها سنة 2006 وفاءً لوعدٍ قطعه مع "حاملها" بعدم إظهارها حتى تموت أرملة سيلين، التي مدّدت عمرها إلى السّنة السّابعة بعد المئة!
وتجد اليوم  في الصّحافة الفرنسيّة، وبعد ستين سنة من وفاة الكاتب، من يستغربُ صدق قصّة سرقة المخطوطات بدعوى أنّ صاحبها كان دائم الشكوى وأنّ "رواياته" للوقائع غير دقيقة وتشوبها اختلاقاتٌ و أكاذيبٌ، بل أنّ تبرئة الذمة بهجاء الكاتب كثيراً ما تسبق كلّ إشارة إلى أهميّته.
نعم، إلى هذا الحدّ يتحكّم اللّوبي اليهودي في الحياة الإعلاميّة والثقافيّة وحتى السياسيّة الفرنسيّة، بدليل أنّ رئيس الوزراء اشترط قبل نحو سنتين على دار غاليمار، وضع هوامش على مؤلفات سيلين التي أعلنت عن نشرها.
لكلّ ذلك ولغير ذلك، تبدو دروس الحريّة التي يقدّمها "أصدقاؤنا" هناك مفتقدة للنزاهة والمصداقيّة. أما ظهور نصوص سيلين فستمنحه حياةً ثانيّة سيُكمل فيها تسديد الدين وتصفيّة الحساب مع الذين يكتمون أنفاس دوّل تدّعي أنّها تصدّر الحريّة  للعالم.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
في وصف الشّر

تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح...

  • 04 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com