السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

أرضُ الأدبِ

وجّه الأستاذ عبد العالي مرداسي نقداً قاسياً وغير مسبوق لمحمد ديب "الهارب" من جزائريته لخوضِ مسيرةٍ فرنسيّةٍ في الأدب، وفق تقديره.

و لعلّها المرّة الأولى التي يصدر فيها "هجاء" من ناقدٍ يكتب بالفرنسيّة لكاتبٍ ظلّ لعقودٍ محاطاً بهالةٍ من التمجيد في اللّغتين يُقدّم فيها كناسكٍ أو كمنفيٍّ لم تَتسِع له البلاد واللّغة فاختار سطوحاً وهميّة ليبني عليها ممالكه.
يتساءل النّاقدُ في مقاله العنيف الذي نشره موقع Algérie54 عن مدى جزائرية ديب "صاحب المسيرة الأدبيّة الفرنسيّة" الذي لا يربطه أيّ رابطٍ مع ما يسميه "الفضاء الأدبيّ الوطنيّ الجزائريّ" و إلى أيّ حدٍّ كان شاهداً على الجزائر، الجزائر المستقلّة التي لم يعرفها ولم يعش فيها؟ جزائر يقول إنّه بات يزورها كسائحٍ لالتقاط الصّور. وسيبذل الكاتبُ جهداً كبيراً في رصدِ الهروب الكبير لمحمد ديب منذ بدايةً اشتغاله في صحيفة  Alger républicain حيث ظهرت بوادر عدم التزامه وادخاره لجهده ونَفَسه للمسيرة الأدبيّة المنتظرة إلى جانب تقصيره الحزبيّ ويستنكر طريقة خروجه من الجريدة، حيث انسحب في صمتٍ وفضّل ألا يعود إلى قاعة تحريرها بعد عطلةٍ مرضيّة، ومروراً بهجرته إلى فرنسا، حيث لم يكن يُصاحب الجزائريين منذ أيامه الأولى في باريس وقبل ذلك زواجه من فرنسيّة.
ويذهبُ الكاتبُ بعيداً، حين يحمّل صاحب "هابيل" مسؤوليّة ظهور بوعلام صنصال وسليم باشي وكمال داود...ويتلخّص ذنب ديب في كونه حمل أدبه إلى باريس ونشر وفق القواعد التي تضعها دور النّشر الفرنسيّة أعمالاً أدبيّة موجّهة للقارئ الفرنسي تحت "رعاية" فرنسيّة ، فسارت على هديه أجيالٌ من الكتّابِ اختارت أن تولد أدبياً في باريس وليس في الجزائر. ويُفضّل مرداسي مالك حداد الذي عاد إلى الجزائر ليصمت على محمد ديب الذي بقي في فرنسا ليكتب،  وفي ما يشبه الشماتة يقول إنه لم ينل، في نهاية المطاف، المجد الذي كان يستحقّه منجزه الرّهيب!
ومن دون أيّ مصادرة لحقّ الكاتب في إبداء وجهة نظره، يمكن القول إنّ طرحه كان يمكنُ أن يكون أكثـر وجاهةً لو أنّه قارب هجرة الكتّاب والأدب في سيّاقها التاريخي وفي إطار علاقة معقدّة مع المستعمر السابق وفي سيّاقها السوسيولوجي الذي يجعل من إصرار كاتبٍ على الكتابة في مجتمع لا يتعاطى الأدب ضرباً من الجنون.
ثمّ لماذا نحمّل الكاتب فوق ما يحتمل ونحاسبه بأدوات السيّاسة والدين؟ ولماذا نغفل عن معطى حريّة الكاتب وندعوه إلى الانتحار؟ ولماذا لا نكتفي في تقييم الكتّاب بأدبيّة أعمالهم و نجنح إلى التفتيش في مواقفهم عن دليل إدانة؟
لقد اختار محمد ديب أن يكون كاتباً فحسب يقيم في أرض الكتابة التي لا حدود ولا جغرافية لها ومنح العالم كلّ تلك الروائع، فماذا نريد أكثـر من ذلك؟
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com