لا خوف عليكم مني، فأنا طيّب مثلكم شيطنني الخائفون على أسهمهم في الريح وقالوا سيشعل النار في زرعكم. لا خوف على أحد، سأطيل أعماركم وأمنع الدخان عن أيامكم.
هذه يدي بيضاء وها أنا بينكم كأني واحد منكم، لا رعب في اسمي ولا قنابل في لغتي، فلتسقط نبوءة صموئيل اللعين.
لم أمنع عنكم حديقتي وإنما جنّبت أزهاري الأذى، ستبقى سمائي مفتوحة لعبوركم الخفيف كحضوري الخفيف، كخطوتي الخفيفة، كوقع اسمي.
أخرجوا المفسدين منكم و أبعدوهم لتروا أننا أخوة فيما نحن فيه لا يفرقنا دين ولا لون، نتبارى في الحب بعد أن ودعنا السلاح.
سأمنع الريح الفاسدة عني وعنكم، نصيحتي: لا تتركوا الشياطين تعبر، لا تتركوها تقيم. سنطارد الشياطين حيثما كانت وسنبسط السلام.
لم يقل الرجل الأبيض أن القليل من الأرض يكفي ليعيش الهنود السمر والباقي سنفلحه أو نقيم عليه منصات رجم تصيب المعتدي قبل أن يرتد إليه طرفه . اكتفى بالنصيحة وبوعيد ألقى به إلى مسخري الجنّ.
يبتسم الهندي الأسمر في سرّه. تبتسم المذيعات. يبتسم المعلّقون في الزوايا العابسة و يقولون هذا مجدنا وقد عاد. يبتسم المحلّلون في بلاتوهات التفسير المنقولة عبر الأقمار المبتسمة. يستغرب المستغربون الأخبار المسمومة التي سوقها المغرضون عن الرجل الأبيض وينتظرون، كيف سيعصف الكلام بتقارير مخابر سوء الظن وتخمينات المنجمين.
قبل ليلة الشك بقليل، زالت الشكوك كلّها واتضح بما لا يدع المجال للشك، ألا خوف على المستقبل، لأنه سيكون كالماضي بمقايضات لا ضرر فيها: يمنح الهنديُّ الأسمر الرجل الأبيض ثقته، يمنحه من فاكهة الأرض، فيمنحه الرجل الأبيض الأمان.
قبل ليلة الشك، قبل ظهور الصحافة، قبل صناعة الأقمار واستخدامها في نقل صور الكائنات على الهواء، قبل ميلاد المحلّلين كان الناس يحزنون لما يثير الحزن ويفرحون وقت الفرح، لم يكونوا في حاجة إلى مرشد يدلهم على كيفية إخراج الحي من الميت وتدريبهم على تركيب انطباع إيجابي عن الأذى!
بعد ظهور الصحافة والقنوات والمذيعات والابتسامات المبالغ فيها والتفاؤل، اكتسبت الأشياء تسميات جديدة، وسقطت عبارات قديمة من القاموس، سقط الخجل، سقطت الكرامة، سقطت المفردات غير المناسبة التي لا يحتاج إليها اللسان العربي المبين في تدرّبه على البراغماتية التي يبشّر بها المبتسمون.
سليم بوفنداسة